يزيد استخدام الشاشات في السرير لمدة ساعة واحدة فقط من خطر الأرق بنسبة 59% ويقلل مدة النوم بمقدار 24 دقيقة، بغض النظر عن نوع النشاط الذي يُمارس على الشاشة.
يزيد استخدام الشاشات في السرير لمدة ساعة واحدة فقط من خطر الأرق بنسبة 59% ويقلل مدة النوم بمقدار 24 دقيقة، بغض النظر عن نوع النشاط الذي يُمارس على الشاشة.
وعلى عكس التوقعات، أفاد الطلاب الذين استخدموا وسائل التواصل الإجتماعي حصريًا في السرير بنوم أفضل من أولئك الذين يستخدمون أنشطة أخرى على الشاشة، مما يشير إلى أن إجمالي وقت الشاشة أهم من النشاط المحدد.
وكان لدى الطلاب الذين تجنبوا استخدام الشاشات في السرير تمامًا احتمالات أقل بنسبة 24% للإصابة بأعراض الأرق مقارنةً بمستخدمي الشاشات.
أوسلو، النرويج – وفقًا لبحث جديد، فإن استخدام الهاتف الذكي أو الجهاز اللوحي لمدة ساعة واحدة فقط بعد الذهاب إلى السرير يزيد من خطر الأرق بنسبة 59%. تأتي هذه النتيجة من إحدى أكبر الدراسات التي أجريت على استخدام الشاشات والنوم بين طلاب الجامعات، مما يسلط الضوء على كيف أن عاداتنا الرقمية الليلية قد تحرمنا من الراحة الأساسية.
فحص باحثون من المعهد النرويجي للصحة العامة بيانات أكثر من 45000 طالب جامعي ووجدوا أن كل ساعة إضافية تُقضى باستخدام الشاشات بعد الذهاب إلى السرير لا تزيد بشكل كبير من خطر الأرق فحسب، بل تقلل أيضًا من مدة النوم بحوالي 24 دقيقة. ما يلفت الانتباه بشكل خاص هو مدى ثبات هذا التأثير، بغض النظر عما إذا كان الطلاب يتصفحون وسائل التواصل الاجتماعي، أو يشاهدون الأفلام، أو يلعبون الألعاب.
أزمة وقت النوم الرقمي
وصلت مشاكل النوم إلى مستويات مثيرة للقلق بين طلاب الجامعات حول العالم. تشير الدراسة إلى أن حوالي 30% من الطلاب النرويجيين ينامون أقل من 7-9 ساعات الموصى بها كل ليلة. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن أكثر من 20% من الطلاب الذكور و34% من الطالبات يُبلغون عن مشاكل في النوم تُطابق المعايير السريرية للأرق، وهي أرقام آخذة في الارتفاع في السنوات الأخيرة.
حوّلت الهواتف الذكية غرف نومنا إلى مراكز ترفيه. تُظهر الأبحاث السابقة أن أكثر من 95% من الطلاب يستخدمون الشاشات في السرير، بمتوسط وقت شاشة بعد النوم يبلغ 46 دقيقة. بل إن بعض الدراسات وجدت أن 12% من الشباب يستخدمون هواتفهم الذكية خلال فترات وصفوها بأنها وقت نوم.
تكهن العديد من خبراء النوم بأن وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون ضارة بشكل خاص بالنوم مقارنةً بالأنشطة الأكثر سلبية مثل مشاهدة التلفزيون. يبدو هذا منطقيًا، فمنصات التواصل الاجتماعي مصممة لإبقاء المستخدمين متفاعلين عبر التفاعلات والإشعارات وميزات التمرير اللانهائي التي تُصعّب عليهم الانفصال. إضافةً إلى ذلك، فإن الالتزامات الاجتماعية والخوف من تفويت الفرص المرتبطة بمنصات مثل إنستغرام وتيك توك قد تجعل المستخدمين أكثر ترددًا في وضع أجهزتهم جانبًا قبل النوم.
نتائج مفاجئة تتحدى الاعتقادات الشائعة
قسم الباحثون المشاركين إلى ثلاث مجموعات: أولئك الذين استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي حصريًا في السرير (حوالي 15% من العينة)، وأولئك الذين استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي مع أنشطة أخرى (69%)، وأولئك الذين شاركوا في أنشطة غير مرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي فقط (15%).
وعلى عكس التوقعات، أفاد الطلاب الذين استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي حصريًا في السرير بأعراض أرق أقل ومدة نوم أطول مقارنةً بالمجموعات الأخرى. وشهدت المجموعة التي لم تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي أعلى معدلات أرق وأقصر مدة نوم، بينما كانت المجموعة التي استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي مع أنشطة أخرى متوسطة.
تتحدى هذه النتيجة غير المتوقعة فكرة أن وسائل التواصل الاجتماعي ضارة بشكل فريد بالنوم. بدلًا من ذلك، تشير الدراسة إلى أن إجمالي الوقت الذي يقضيه الشخص أمام الشاشات في السرير، بغض النظر عن النشاط المحدد، هو أقوى مؤشر على مشاكل النوم. وقد ارتبطت كل ساعة إضافية من وقت الشاشة بعد الذهاب إلى النوم باستمرار بنتائج نوم أسوأ في جميع المجموعات الثلاث.
لماذا قد ينام مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي فقط بشكل أفضل؟ يقترح الباحثون أن الاستخدام الحصري لوسائل التواصل الاجتماعي قد يعكس تفضيلًا للتواصل الاجتماعي والحفاظ على التواصل مع الآخرين، مما يحمي بشكل عام من مشاكل النوم. وقد رُبط الانخراط الاجتماعي بنوم أفضل في العديد من الدراسات.
كبديل، قد يتجنب الأشخاص الذين يعانون من صعوبات النوم بشكل متعمد وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم، ويلجأون بدلاً من ذلك إلى أنشطة مثل مشاهدة الأفلام أو الاستماع إلى الموسيقى كمساعدات للنوم. يستخدم العديد من الأشخاص الذين يعانون من الأرق الأنشطة القائمة على الشاشات لإلهاء أنفسهم عن الأفكار السلبية أو القلق الذي يمنع النوم.
ماذا يعني هذا لنومك؟
تكشف الدراسة، المنشورة في مجلة Frontiers in Psychiatry، كيف تؤثر الشاشات على النوم من خلال عدة مسارات: الإزاحة المباشرة (وقت الشاشة الذي يحل محل وقت النوم)، والتعرض للضوء (كبح إنتاج الميلاتونين)، وزيادة اليقظة الذهنية (مما يجعل النوم أكثر صعوبة)، وانقطاع النوم (الإشعارات التي تُزعج النوم).
تدعم نتائج هذه الدراسة إلى حد كبير فرضية الإزاحة. فإذا كان الإثارة المتزايدة من المحتوى التفاعلي هي العامل الرئيسي، فسنتوقع وجود ارتباطات مختلفة بين النوم وأنشطة الشاشة المختلفة. إلا أن العلاقة الثابتة بين وقت الشاشة ومشاكل النوم عبر أنواع الأنشطة المختلفة تشير إلى أن مجرد قضاء الوقت أمام الشاشات – وهو الوقت الذي كان من الممكن قضاؤه نائمًا – قد يكون العامل الأهم.
بالنسبة لطلاب الجامعات الذين يعانون بالفعل من ضغوط أكاديمية وتكيف اجتماعي وتحديات في الصحة النفسية، يُمثل قلة النوم عبئًا إضافيًا قد يكون له عواقب وخيمة. يُضعف الحرمان من النوم الانتباه والذاكرة وغيرها من الوظائف الإدراكية الأساسية للنجاح الأكاديمي.
انخفضت احتمالية الإبلاغ عن أعراض الأرق لدى غير مستخدمي الشاشات بنسبة 24%، مما يؤكد أن إبعاد الأجهزة عن غرفة النوم ممارسة قيّمة للحفاظ على صحة النوم. وحتى لو لم يكن هذا حلاً كاملاً لصعوبات النوم، إلا أنه يُمثل سلوكًا يُمكن أن يُحسّن النوم بشكل ملموس لدى العديد من الشباب. إذا كنت تعاني من الأرق وتعتقد أن وقت الشاشة قد يكون عاملاً، فحاول تقليل استخدامها في السرير، ويفضل التوقف قبل النوم بـ 30-60 دقيقة على الأقل، كما تقول الدكتورة غونهيلد جونسن هيتلاند، الباحثة الرئيسية، في بيان. “إذا كنت تستخدم الشاشات، ففكّر في تعطيل الإشعارات لتقليل الانقطاعات أثناء الليل”.
في المرة القادمة التي تُغريك فيها بإحضار هاتفك إلى السرير “لمجرد التحقق من بعض الأشياء”، تذكّر تجربة الطلاب النرويجيين: كل ساعة تقضيها على تلك الشاشة، بغض النظر عما تفعله، قد تُضيع عليك 24 دقيقة من النوم الثمين وتزيد بشكل كبير من فرص إصابتك بالأرق. بالنظر إلى ما نعرفه عن الدور الأساسي للنوم في الصحة البدنية والعقلية والتعلم والصحة العامة، فإن هذه مقايضة تستحق إعادة النظر فيها.
المصدر : أوكسيجن كندا نيوز
المحرر : ياسر سعيد
المزيد
1