مع اقتراب الحزب الليبرالي من تشكيل حكومة أقلية إثر الانتخابات التي جرت يوم الاثنين، تتجه الأنظار الآن إلى التداعيات الاقتصادية المحتملة، لا سيما في ضوء الوعود الكبيرة بالإنفاق التي أطلقها رئيس الوزراء مارك كارني خلال الحملة الانتخابية، في وقت تتصاعد فيه التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.
ففي الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، ومع استمرار فرز الأصوات، كان الليبراليون يتقدمون أو فازوا فعليًا بـ168 مقعدًا، أي أقل بأربعة مقاعد فقط من العدد المطلوب لتشكيل حكومة أغلبية في البرلمان الكندي. هذا الواقع السياسي الجديد يثير تساؤلات حادة حول كيفية إدارة الحكومة المقبلة للعلاقات الدولية والاقتصاد المحلي، خاصة أن المشهد يزداد تعقيدًا بفعل الضغوط الخارجية المتمثلة في التصعيد المستمر من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
مع اقتراب الحزب الليبرالي من تشكيل حكومة أقلية إثر الانتخابات التي جرت يوم الاثنين، تتجه الأنظار الآن إلى التداعيات الاقتصادية المحتملة، لا سيما في ضوء الوعود الكبيرة بالإنفاق التي أطلقها رئيس الوزراء مارك كارني خلال الحملة الانتخابية، في وقت تتصاعد فيه التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.
ففي الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، ومع استمرار فرز الأصوات، كان الليبراليون يتقدمون أو فازوا فعليًا بـ168 مقعدًا، أي أقل بأربعة مقاعد فقط من العدد المطلوب لتشكيل حكومة أغلبية في البرلمان الكندي. هذا الواقع السياسي الجديد يثير تساؤلات حادة حول كيفية إدارة الحكومة المقبلة للعلاقات الدولية والاقتصاد المحلي، خاصة أن المشهد يزداد تعقيدًا بفعل الضغوط الخارجية المتمثلة في التصعيد المستمر من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
فقد لعب ترامب دورًا محوريًا وغير مباشر في الحملة الانتخابية الكندية، من خلال تصريحاته المثيرة للجدل، والتي شملت تهديدات مباشرة بفرض رسوم جمركية على كندا، ودعوات لدمجها اقتصاديًا وحتى سياسيًا مع الولايات المتحدة. ووسط هذه الأجواء المتوترة، من المتوقع أن يجتمع كارني بالرئيس الأمريكي قريبًا، لمناقشة إمكانية إطلاق مفاوضات سريعة بشأن اتفاقية جديدة تشمل الجوانب التجارية والأمنية بين البلدين.
من ناحية أخرى، يرى الخبراء الاقتصاديون أن الوضع المالي للبلاد قد يشهد ضغوطًا متزايدة في المستقبل القريب. ففي مذكرة تحليلية أعقبت الانتخابات، أشار كبير الاقتصاديين في بنك CIBC، أفيري شينفيلد، إلى أن العجز في الميزانية “من المرجح أن يتجه نحو الارتفاع على المدى القريب”، معتبرًا أن هذا الأمر طبيعي في ظل تعرض الاقتصاد الكندي لصدمة خارجية، وفي الوقت الذي تعتمد فيه الحكومات على أدوات التحفيز المالي لمواجهة التحديات.
وأضاف شينفيلد أن حجم العجز المستقبلي قد يتجاوز ما أعلن عنه الحزب الليبرالي في برنامجه الانتخابي، لكنه سيظل أقل بكثير مقارنة بمستويات العجز الفيدرالي في الولايات المتحدة، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار أيضًا إلى أن تشكيل حكومة أقلية سيزيد من احتمالية زيادة الإنفاق، خصوصًا إذا اضطر الليبراليون للجوء إلى تحالفات مع الحزب الديمقراطي الجديد أو الكتلة الكيبكية لتمرير مشاريع القوانين. وقال: “الحصول على الدعم البرلماني من أحزاب مثل الحزب الديمقراطي الجديد أو الكتلة قد يعني تقديم تنازلات على شكل إنفاق إضافي مخصص لأولويات تلك الأحزاب، مثل توسيع الرعاية الصحية، وتحسين التحويلات المالية، وتعزيز دعم قطاع المعادن”.
وفي السياق ذاته، أكدت كبيرة الاقتصاديين في الحزب الليبرالي، بياتا كارانشي، أن البرنامج الانتخابي الذي طرحه حزبها يتضمن التزامًا بإنفاق حوالي 130 مليار دولار على مجموعة واسعة من المبادرات، تتراوح بين مشاريع البنية التحتية، وتعزيز القدرات الدفاعية، وتيسير الإسكان، وتحفيز التجارة الداخلية، مرورًا بالتنمية الاقتصادية ودعم استثمارات الموارد الطبيعية.
وأوضحت كارانشي أن هذه السياسات، رغم تنوعها الظاهري، تنطلق من رؤية استراتيجية تهدف إلى “تعزيز مرونة الاقتصاد الكندي داخليًا، بعد الاعتماد على العلاقة الوثيقة مع الولايات المتحدة لأكثر من 80 عامًا”. واعتبرت أن هذه الرؤية تستلزم تبني دور حكومي أكثر فاعلية وتدخلًا في عملية التمويل والبناء، مقارنة بما كان عليه الحال في العقود السابقة.
ورغم وجود قدر من التوافق بين الحزبين الليبرالي والمحافظ فيما يتعلق بتحسين القدرة التنافسية لكندا، أشارت كارانشي إلى أن التاريخ السياسي الكندي لا يُظهر أمثلة كثيرة على تعاون فعلي بين الحزبين في البرلمان. لذا، فإن أحد أكبر الأسئلة المطروحة اليوم هو: “من سيكون الشريك البرلماني للحكومة الليبرالية الجديدة في تمرير مشاريع القوانين، خاصة تلك المتعلقة بالتجارة؟” في ظل معادلة حساسة تجمع بين التفاوض مع إدارة ترامب من جهة، والتوفيق بين متطلبات الأحزاب المحلية المعارضة من جهة أخرى.
وأضافت: “خلال الحملة، كانت هناك جبهة موحدة بين الأحزاب ضد السياسة الأمريكية التي تُضعف الاقتصاد الكندي… لكن الآن نحن أمام مرحلة جديدة تتطلب تعاونًا فعليًا، وسط ضغوط متزايدة من الداخل والخارج”.
أما على صعيد السياسات المحددة التي قد تؤثر على التوازن المالي، فقد أشار شينفيلد إلى عدة وعود انتخابية أطلقها الليبراليون، من بينها: إلغاء ضريبة الكربون على المستهلكين مع الإبقاء على صيغة مخففة منها للمصنعين الكبار، وإلغاء ضريبة السلع والخدمات (GST) على المنازل التي تقل قيمتها عن مليون دولار للمشترين لأول مرة، وتخفيض معدل الضريبة على الشريحة الأدنى من الدخل بنسبة نقطة مئوية واحدة.
من جهته، عبّر رئيس الاتحاد الكندي للأعمال المستقلة، دان كيلي، عن قلقه البالغ من وضع الاقتصاد، مشيرًا إلى أن ثقة أصحاب الأعمال الصغيرة باتت “عند أدنى مستوياتها تقريبًا”، مع توقعات بأن يشهد الربع الثاني من العام أداءً صعبًا للغاية. وقال في بيان له عقب صدور النتائج: “الآن، وبعد أن بات لدينا قدر من الوضوح السياسي، يجب على الحكومة أن تركز على خفض الضرائب، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية، وتوفير درجة أعلى من اليقين الاقتصادي الذي تحتاجه الشركات بشدة”.
وأكد كيلي أن الإجراءات المطلوبة لتحفيز الاقتصاد يجب أن تتضمن استخدام الإيرادات الناتجة عن الرسوم الجمركية المضادة لدعم الشركات الصغيرة، وتشريع إلغاء ضريبة الكربون على المستهلكين، إلى جانب إزالة الحواجز التجارية الداخلية بين المقاطعات الكندية.
وفي موقف مشابه، دعا اتحاد عمال الصلب المتحد الحكومة الجديدة إلى منح الأولوية للطبقة العاملة في كافة أنحاء البلاد. وناشدها باتخاذ إجراءات حقيقية من شأنها حماية الوظائف النقابية الجيدة، وإعادة إحياء القاعدة الصناعية الوطنية، وضمان العدالة الاقتصادية والأمن الوظيفي للعمال.
ماري جندي
المزيد
1