بعد سنوات من تقديم نفسها كواحدة من أكثر دول العالم انفتاحًا واستقبالًا للاجئين والمهاجرين، اتخذت كندا منحى جديدًا عبر إطلاق حملة إعلانية عالمية تستهدف تسليط الضوء على صعوبة طلب اللجوء في البلاد. تأتي هذه الحملة كجزء من تغييرات جذرية في سياسة الهجرة، تعكس رغبة الحكومة في إعادة النظر بتعاملها مع تدفق المهاجرين.
كندا تُطلق حملة بـ 11 لغة… رسالة واحدة: اللجوء ليس للجميع
بعد سنوات من تقديم نفسها كواحدة من أكثر دول العالم انفتاحًا واستقبالًا للاجئين والمهاجرين، اتخذت كندا منحى جديدًا عبر إطلاق حملة إعلانية عالمية تستهدف تسليط الضوء على صعوبة طلب اللجوء في البلاد. تأتي هذه الحملة كجزء من تغييرات جذرية في سياسة الهجرة، تعكس رغبة الحكومة في إعادة النظر بتعاملها مع تدفق المهاجرين.
حملة بتكلفة كبيرة وبلغات متعددة
خصصت إدارة الهجرة الكندية مبلغًا قدره 250 ألف دولار كندي (ما يعادل حوالي 178,662 دولارًا أمريكيًا) لإطلاق حملة إعلانية تُبث عبر الإنترنت حتى مارس المقبل. وتتميز هذه الحملة بتعدد لغاتها، حيث تشمل 11 لغة، مثل الإسبانية، الأوكرانية، الهندية، التاميلية، والأردية. الهدف منها هو مواجهة المفاهيم الخاطئة عن نظام اللجوء الكندي وتحذير طالبي اللجوء من التحديات التي قد تواجههم.
وفقًا لمسؤولي إدارة الهجرة، فإن هذه الحملة تأتي في إطار جهود الحكومة الليبرالية برئاسة جاستن ترودو لتضييق الخناق على تدفق طلبات اللجوء، حيث تعاني البلاد من تراكم هائل في القضايا وإرهاق للنظام الإداري.
ارتفاع التوتر العام بشأن الهجرة
شهدت كندا في الآونة الأخيرة ارتفاعًا في الانتقادات الموجهة لسياسات الهجرة، إذ أُلقي باللوم على المهاجرين في ارتفاع أسعار المساكن وصعوبة الحصول على سكن مناسب. ورغم أن بعض الخبراء يشيرون إلى أن هذا التفسير مبسط ولا يعكس الواقع الكامل، إلا أن استطلاعات الرأي أظهرت تزايد القلق بين الكنديين بشأن عدد الوافدين الجدد.
رسائل مباشرة لطالبي اللجوء
من بين الإعلانات التي أُطلقت ضمن الحملة، يظهر محتوى برعاية يتصدره عنوان: “نظام اللجوء في كندا – حقائق عليك معرفتها”. وتقول إحدى الرسائل الموجهة لطالبي اللجوء:
“طلب اللجوء في كندا ليس بالأمر السهل. هناك قواعد صارمة للتأهل. تأكد من معرفة كافة التفاصيل قبل اتخاذ قرار يغير حياتك.”
تغير في خطاب الحكومة
لطالما كانت كندا تُعرف بأنها بلد يحتضن التنوع ويرحب باللاجئين. ففي عام 2017، وبعد وصول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى السلطة، نشر ترودو تغريدة مشهورة قال فيها:
“إلى كل من يفرون من الاضطهاد والإرهاب والحرب، سيرحب بكم الكنديون بغض النظر عن معتقداتكم. التنوع هو قوتنا.”
لكن يبدو أن هذا الخطاب قد تغير جذريًا. ففي نوفمبر 2023، نشر ترودو مقطع فيديو يُبرز سياسات حكومته الجديدة للهجرة، محذرًا من “الجهات السيئة” التي تستغل النظام لتحقيق مصالحها.
تحديات تراكم القضايا وتغيير السياسات
يواجه نظام اللاجئين الكندي حاليًا ضغطًا هائلًا مع تراكم حوالي 260 ألف طلب لجوء. وتزداد التحديات في ظل موجات النزوح العالمية المتزايدة. وللتعامل مع هذه الأزمة، ألمح وزير الهجرة إلى احتمالية تسريع معالجة الطلبات غير المرجح قبولها، مع توقع أن يغادر كثير من المقيمين المؤقتين البلاد عند انتهاء صلاحية تأشيراتهم.
كما هدد الوزير بإجراءات صارمة لترحيل من يبقون بشكل غير قانوني، وهو ما يمثل نقلة نوعية في نهج الحكومة الليبرالية.
ردود أفعال متباينة
يرى بعض الخبراء أن الحملة الإعلانية قد تكون فعالة في توعية الناس وتجنب إساءة فهم النظام الكندي. لكن هناك من يعتقد أن الرسالة الجديدة قد تتعارض مع الصورة التقليدية لكندا كبلد مضياف.
أستاذة القانون وخبيرة الهجرة جيمي تشاي يون ليو من جامعة أوتاوا علّقت على الحملة بقولها:
“إذا كانت الحملة تُظهر أن كندا تقول ’أنت غير مرحب بك‘، فهذا يتعارض مع قيمها التقليدية. يبدو أن الرسالة قد تغيرت جذريًا.”
الخطوة المقبلة
مع استمرار الحملة حتى مارس المقبل، ستبقى الأنظار مسلطة على كندا لتقييم ما إذا كانت هذه الجهود ستساعد في تخفيف الضغط عن نظامها الإداري للهجرة، أو ستؤدي إلى تغيير دائم في صورتها كوجهة مفضلة للباحثين عن ملاذ آمن.
ماري جندي
المزيد
1