شهدت كندا في الآونة الأخيرة زيادة ملحوظة في عدد طلبات اللجوء المقدمة من قبل الطلاب الدوليين، وهو أمر يثير قلق المسؤولين الكنديين، خاصة في ظل التشديد المستمر لسياسات الهجرة في البلاد. على الرغم من أن الحكومة، بقيادة رئيس الوزراء جاستن ترودو، قد اتخذت خطوات لتقليص عدد تصاريح الدراسة الممنوحة للطلاب الدوليين، إلا أن ذلك لم يمنع تزايد أعداد أولئك الذين يتقدمون بطلبات لجوء بمجرد وصولهم إلى الأراضي الكندية.
كيف تسعى كندا لمكافحة احتيال اللجوء وسط الارتفاع المفاجئ في الطلبات؟
شهدت كندا في الآونة الأخيرة زيادة ملحوظة في عدد طلبات اللجوء المقدمة من قبل الطلاب الدوليين، وهو أمر يثير قلق المسؤولين الكنديين، خاصة في ظل التشديد المستمر لسياسات الهجرة في البلاد. على الرغم من أن الحكومة، بقيادة رئيس الوزراء جاستن ترودو، قد اتخذت خطوات لتقليص عدد تصاريح الدراسة الممنوحة للطلاب الدوليين، إلا أن ذلك لم يمنع تزايد أعداد أولئك الذين يتقدمون بطلبات لجوء بمجرد وصولهم إلى الأراضي الكندية.
في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، تقدم ما يقارب 14 ألف طالب دولي بطلبات لجوء بعد وصولهم إلى كندا، مما يشير إلى ارتفاع غير مسبوق في أعداد طالبي اللجوء من هذه الفئة. هذا الرقم القياسي يمثل تحدياً إضافياً في وقت تعاني فيه الحكومة الكندية من تزايد الضغوط المتعلقة بالهجرة، خاصة بعد اتخاذ تدابير صارمة لتقليص عدد تصاريح الدراسة التي تُمنح للطلاب الدوليين مقارنة بالعام السابق. مع ذلك، شهدت التمديدات الخاصة بتصاريح الدراسة زيادة طفيفة، ما يثير تساؤلات حول أبعاد هذا الارتفاع غير المتوقع في الطلبات.
وزير الهجرة في كندا، مارك ميلر، أعرب عن شكوكه بشأن هذا التزايد في عدد طلبات اللجوء، مشيراً إلى أن بعض هذه الطلبات قد تكون مُقدمة لأسباب غير قانونية. ففي مقابلة مع صحيفة “جلوب آند ميل”، قال ميلر إن هناك احتمالات كبيرة بأن العديد من الطلبات قد تم تقديمها بناءً على نصائح احتيالية من مستشارين خارجيين. واعتبر أن الزيادة الكبيرة في الطلبات من قبل الطلاب الدوليين، خاصة أولئك الذين يدرسون في السنة الأولى، قد تكون “كاذبة في الغالب”، مشيراً إلى أن الوضع في بلدانهم لم يشهد أي تغييرات كبيرة تستدعي طلب اللجوء.
وقال ميلر: “من الواضح تمامًا أن شخصاً ما قدم طلب اللجوء في بلد لم تتغير فيه الظروف في وطنه، وهو ما يعكس تزايداً في الاستشارات غير القانونية”. وأضاف أن هناك ممارسات احتيالية حيث يُنصح الطلاب الذين كان من المفترض أن يعودوا إلى بلادهم بعد انتهاء دراستهم، بتقديم طلبات لجوء بدلاً من العودة.
في هذا السياق، يرى بعض النقاد أن هذا الارتفاع الكبير في طلبات اللجوء من قبل الطلاب الدوليين يأتي كرد فعل على تشديد الحكومة الكندية مؤخراً للقوانين المتعلقة بالإقامة الدائمة، حيث يعتبر بعض الطلاب أن طلب اللجوء هو وسيلة بديلة للبقاء في البلاد دون الحاجة للالتزام بقوانين الإقامة الدائمة.
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الكندية قد قامت في وقت سابق من العام بتخفيض عدد تصاريح الدراسة التي تمنحها، حيث بلغ الفرق في التصاريح الممنوحة أكثر من 100 ألف تصريح مقارنة بالعام 2023. ومع ذلك، فإن التوقعات تشير إلى أن أعداد الطلبات المقدمة خلال عام 2024 ستستمر في الارتفاع، مع تسجيل زيادة ملحوظة مقارنة بالعام الماضي. ففي الفترة ما بين يناير وسبتمبر 2024، تم تقديم نحو 13660 طلب لجوء من قبل طلاب دوليين في كندا، وهو ما يزيد عن عدد الطلبات التي تم تقديمها في عام 2023 التي كانت في حدود 12 ألف طلب.
تستقطب كندا طلاباً دوليين من مختلف أنحاء العالم، ومن بين الدول التي يتمتع مواطنوها بحضور بارز بين طالبي اللجوء، تأتي الهند ونيجيريا وغانا وغينيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. ولا يقتصر الأمر على الطلاب الذين يدرسون في الجامعات، بل يشمل أيضاً أولئك الذين يدرسون في كليات مختلفة عبر البلاد.
على صعيد آخر، وفي خطوة لمكافحة الاحتيال في طلبات اللجوء، كلف وزير الهجرة مارك ميلر رئيس كلية مستشاري الهجرة والمواطنة، جون موراي، بالتحقيق في إمكانية وجود مستشارين معتمدين قد يكونون وراء توجيه الطلاب لتقديم طلبات لجوء غير قانونية. يُذكر أن قوانين السلوك المهني التي تحكم عمل مستشاري الهجرة في كندا تنص بوضوح على أنه لا يجوز لهم تقديم المشورة التي قد تؤدي إلى ارتكاب مخالفات قانونية أو احتيالية.
وفي حال ثبت تورط المستشارين في هذه الممارسات، فإنهم قد يواجهون عواقب قانونية تصل إلى إلغاء ترخيصهم وغرامات مالية، بالإضافة إلى عقوبات جنائية في بعض الحالات. وقال موراي في بيان له: “تعمل الكلية بشكل وثيق مع وزارة الهجرة والشركاء الآخرين لضمان نزاهة نظام الهجرة في كندا، ونحن ملتزمون بالتعاون الكامل مع الحكومة لمعالجة هذه المخاوف”.
تستمر الحكومة الكندية في مراقبة هذا الاتجاه عن كثب، حيث تشير المؤشرات إلى أن تصاعد عدد طالبي اللجوء من الطلاب الدوليين قد يشكل تحدياً كبيراً لمستقبل سياسات الهجرة في البلاد، وهو ما قد يستدعي اتخاذ مزيد من التدابير الصارمة لضمان الالتزام بالقوانين المعمول بها.
ماري جندي
المزيد
1