في ظل تزايد أعداد الشباب الذين يخوضون تجارب التحول الجنسي، تظهر موجة متزايدة من الندم العميق بين أولئك الذين خضعوا لتدخلات طبية وجراحية غير قابلة للعكس. ورغم أن وسائل الإعلام الكندية تصور التحولات الجنسية على أنها “رعاية منقذة للحياة”، إلا أن دراسات وتقارير حديثة بدأت تكشف عن الوجه الآخر لهذه الرحلة، حيث يجد العديد من الشباب أنفسهم محاصرين في قرارات غير قابلة للتراجع، مع معاناة نفسية وجسدية تفوق توقعاتهم.
في ظل تزايد أعداد الشباب الذين يخوضون تجارب التحول الجنسي، تظهر موجة متزايدة من الندم العميق بين أولئك الذين خضعوا لتدخلات طبية وجراحية غير قابلة للعكس. ورغم أن وسائل الإعلام الكندية تصور التحولات الجنسية على أنها “رعاية منقذة للحياة”، إلا أن دراسات وتقارير حديثة بدأت تكشف عن الوجه الآخر لهذه الرحلة، حيث يجد العديد من الشباب أنفسهم محاصرين في قرارات غير قابلة للتراجع، مع معاناة نفسية وجسدية تفوق توقعاتهم.
هل أخفت وسائل الإعلام الحقيقة؟
يشير تقرير صادر عن معهد ماكدونالد لورييه (MLI) في أوتاوا إلى أن وسائل الإعلام الكندية الكبرى لعبت دورًا رئيسيًا في تطبيع التحولات الجنسية بين الشباب، مع تجاهل أو تقليل حجم المخاطر والندم المحتمل. ووفقًا للتقرير الذي أعدته ميا هيوز، المتخصصة في طب الأطفال والنوع الاجتماعي، فإن هذه التغطية الإعلامية أغفلت عمدًا عرض القصص الحقيقية لأولئك الذين ندموا على التحول، وبدلاً من ذلك روجت لروايات تبالغ في فوائد هذه العلاجات دون التطرق لتداعياتها السلبية.
“لقد دمروا مستقبلي.. ولم يخبرني أحد بالحقيقة”
يقول العديد من الشباب الذين خضعوا لعمليات التحول الجنسي إنهم تعرضوا لضغوط اجتماعية وإعلامية دفعتهم إلى اتخاذ قرارات مصيرية دون وعي كامل بتأثيراتها طويلة الأمد. فبينما كانوا يعتقدون أن العلاجات الهرمونية والجراحية ستحل مشكلاتهم النفسية، وجدوا أنفسهم في نهاية المطاف يعانون من آثار جانبية خطيرة، مثل فقدان الخصوبة، انخفاض كثافة العظام، تدهور الصحة العقلية، وفقدان الوظيفة الجنسية.
وتشير هيوز إلى أن بعض الدراسات التي تستشهد بها وسائل الإعلام لدعم فكرة أن نسبة الندم قليلة تعتمد على معايير ضعيفة للغاية، ولا تعكس الواقع الفعلي لهذه الفئة. على سبيل المثال، ذكرت إحدى المقالات الموجهة للأطفال أن نسبة الندم على التحولات لا تتجاوز 1% فقط، لكن هذه النسبة مستمدة من دراسات انتُقدت على نطاق واسع بسبب افتقارها إلى الدقة العلمية وعدم تتبع المرضى على المدى الطويل.
هل كانت مثبطات البلوغ حقًا “قابلة للعكس”؟
من أكثر الادعاءات التي روجت لها وسائل الإعلام هي أن مثبطات البلوغ، التي يتم وصفها للأطفال كخطوة أولى في مسار التحول الجنسي، يمكن إيقافها في أي وقت دون آثار دائمة. ولكن وفقًا للدراسات العلمية، فإن هذه العلاجات لا تعيق فقط البلوغ الجسدي، بل تمنع أيضًا التطور المعرفي والجنسي الطبيعي، مما يزيد من احتمال استمرار الاضطراب النفسي لدى الشباب.
وتشير البيانات إلى أن ما بين 63% إلى 98% من الشباب الذين يعانون من اضطراب الهوية الجنسية يتجاوزون هذه المشاعر مع البلوغ الطبيعي، ولكن عندما يتم وضعهم على مسار العلاجات الهرمونية، فإن الغالبية العظمى منهم يواصلون التحول الكامل، مما يطرح تساؤلات عميقة حول ما إذا كانت هذه العلاجات توجههم إلى طريق لا رجعة فيه بدلاً من السماح لهم باكتشاف أنفسهم بشكل طبيعي.
رواية “التحول أو الانتحار”.. خرافة إعلامية؟
لطالما استخدمت وسائل الإعلام خطاب “التحول أو الانتحار” لتبرير الإجراءات الطبية المبكرة، بحجة أن الشباب الذين لا يُسمح لهم بالتحول معرضون لخطر أكبر للانتحار. ولكن وفقًا لهيوز، فإن جميع المراجعات العلمية المنهجية حتى الآن لم تجد أي دليل قوي يدعم هذا الادعاء.
بل على العكس، تظهر البيانات أن ارتفاع معدلات الانتحار بين الشباب المتحولين مرتبط أكثر بوجود مشكلات نفسية أخرى متزامنة، مثل الاكتئاب والقلق، وليس بسبب عدم تلقيهم للعلاجات الهرمونية. وهذا يعني أن الحل لا يكمن بالضرورة في دفعهم إلى التحول، بل في معالجة المشكلات النفسية الأساسية التي يعانون منها.
“لو كنت أعلم، لما فعلت ذلك”
من بين الشهادات المؤلمة التي تم تجاهلها لفترة طويلة هي قصص أولئك الذين قرروا إيقاف مسار التحول بعد فوات الأوان. حيث أعرب العديد من الأفراد عن حزنهم الشديد بسبب فقدان أجزاء من أجسادهم، وفقدانهم القدرة على إنجاب الأطفال، فضلًا عن تعرضهم لمضاعفات صحية مزمنة.
تشير بعض التقارير إلى أن مجتمعات الداعمين للتحول الجنسي تمارس ضغوطًا قوية لمنع هذه الأصوات من الظهور في وسائل الإعلام، مما يجعل من الصعب على المتحولين النادمين مشاركة تجاربهم علنًا دون التعرض للهجوم أو التشكيك في مصداقيتهم.
إلى أين يتجه العالم؟
في الوقت الذي بدأ فيه العديد من الدول إعادة تقييم سياساتها تجاه التحولات الجنسية للأطفال والمراهقين، لا تزال كندا متأخرة في هذا المجال. ففي المملكة المتحدة، خلص تقرير كاس – وهو مراجعة مستقلة كلفت بها هيئة الخدمات الصحية الوطنية – إلى أن هناك مخاطر جدية مرتبطة بعلاج التحول الجنسي للأطفال. وفي فنلندا، أكدت دراسة حديثة نفس النتائج، محذرة من التسرع في هذه التدخلات الطبية.
خاتمة: هل آن الأوان لإعادة التفكير؟
بينما كانت وسائل الإعلام تُصرّ لسنوات على الترويج لفكرة أن التحول الجنسي هو الحل النهائي لمشاكل الشباب، بدأت الحقائق تتكشف، وتظهر معها قصص ندم كبير من أشخاص أدركوا أنهم اتخذوا قرارات غير قابلة للإصلاح.
هل ستبدأ وسائل الإعلام الكندية في مراجعة تغطيتها لهذه القضية، أم أنها ستواصل تجاهل الأصوات التي تطالب بإجراء حوار علمي ونزيه حول الموضوع؟ وهل سيتمكن المجتمع من حماية الأجيال القادمة من الوقوع في نفس الفخ؟
الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة عن هذه الأسئلة.
ماري جندي
المزيد
1