على مدار فترات حكمهم المتعاقبة، كان الحزب الليبرالي يقود البلاد بسياسات تركز على التنمية الاقتصادية الشاملة، تحسين رفاهية المواطنين، وتحقيق العدالة الاجتماعية. لكن مع مرور الوقت، بدأت هذه السياسات تظهر آثارًا غير متوقعة. فبينما كانت الوعود بتحقيق فرص متساوية للجميع وتحسين وضع الطبقات المتوسطة، أصبحنا اليوم أمام حقيقة مقلقة: فجوة الثروة تتسع، والحراك الاجتماعي يتراجع بشكل كبير،واحباطات اقتصادية وأجتماعية وأخلاقيىة في كل مكان .
لقد بات من الواضح أن السياسات الليبرالية، لم تتمكن من مواجهة التحديات الهيكلية التي واجهتها كندا. ففي ظل استمرار النمو الاقتصادي، بقيت الطبقات الفقيرة والمتوسطة تكافح لتلبية احتياجاتها الأساسية،ووجد الكثيرون أنفسهم عالقين في دوامة من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي جعلت الأمل في تحسين وضعهم مستحيلًا.
على مدار فترات حكمهم المتعاقبة، كان الحزب الليبرالي يقود البلاد بسياسات تركز على التنمية الاقتصادية الشاملة، تحسين رفاهية المواطنين، وتحقيق العدالة الاجتماعية. لكن مع مرور الوقت، بدأت هذه السياسات تظهر آثارًا غير متوقعة. فبينما كانت الوعود بتحقيق فرص متساوية للجميع وتحسين وضع الطبقات المتوسطة، أصبحنا اليوم أمام حقيقة مقلقة: فجوة الثروة تتسع، والحراك الاجتماعي يتراجع بشكل كبير،واحباطات اقتصادية وأجتماعية وأخلاقيىة في كل مكان .
لقد بات من الواضح أن السياسات الليبرالية، لم تتمكن من مواجهة التحديات الهيكلية التي واجهتها كندا. ففي ظل استمرار النمو الاقتصادي، بقيت الطبقات الفقيرة والمتوسطة تكافح لتلبية احتياجاتها الأساسية،ووجد الكثيرون أنفسهم عالقين في دوامة من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي جعلت الأمل في تحسين وضعهم مستحيلًا.
اليوم، نواجه واقعًا حيث أصبح من الشائع أن الأجيال الشابة ستجد نفسها في وضع أسوأ من آبائها. والحراك الاجتماعي الذي كان يُعتبر جوهر الحلم الكندي أصبح بعيدا عن متناول اليد. في هذا المستقبل المظلم، تتزايد مخاوف الناس من الانحدار إلى أسفل السلم الاجتماعي، ولا يبدو أن السياسات الحالية قادرة على تغيير هذا الاتجاه.
تقارير حكومة كارثية
بينما كانت التقارير السابقة مثل “حياة المستقبل” (2022) و**”الاحتياجات الأساسية تحت التهديد”** (2023) تُشخص التحولات الاجتماعية والاقتصادية، فإن تقرير “الاضطرابات في الأفق: تقرير 2024” يكشف عن الحقيقة التي لا مفر منها: في السنوات القادمة، قد يصبح الانزلاق الاجتماعي هو القاعدة وليس الاستثناء.
رسم هذا التقرير استشرافًا قاتمًا لمستقبل كندا في عام 2040، حيث أصبح الصعود الاجتماعي حلمًا بعيد المنال. في هذا المستقبل المظلم، قلة هم من يتصورون قدرة على بناء حياة أفضل لأنفسهم أو لأطفالهم. في المقابل، يعيش الكثيرون في خوف دائم من الانحدار إلى أسفل السلم الاجتماعي، وهو أمر أصبح أكثر انتشارًا من أي وقت مضى.
هذا السيناريو ليس مجرد احتمالية بعيدة؛ إنه واقع قد يصبح أقرب مما نتوقع. ومع ذلك، إن مجرد وجود هذا الاحتمال يفرض علينا مسؤولية التفكير العميق في الخطوات التي يجب أن نتخذها لتجنب هذا المصير المظلم.
حياة المستقبل: الحراك الاجتماعي قيد التساؤل
تقرير استشرافي موجز – يناير 2025
لكن الأمور تتغير.
تتزايد فجوة الثروة، وأصبح من الشائع بالفعل أن يكون الأطفال أقل قدرة على الصعود الاجتماعي من آبائهم.
يرسم هذا التقرير الاستشرافي لمستقبل كندا في عام 2040، حيث يصبح الصعود الاجتماعي أمرًا نادرًا. قليلون هم من يعتقدون أنهم قادرون على بناء حياة أفضل لأنفسهم أو لأطفالهم في هذا المستقبل. ومع ذلك، يشعر الكثيرون بالقلق من الانزلاق إلى أسفل السلم الاجتماعي، وهو ما أصبح أمرًا أكثر شيوعًا بكثير.
هذا السيناريو ليس هو المستقبل المرغوب فيه أو المفضل. ومع ذلك، فإن مجرد احتماليته يجب أن يدفعنا إلى التفكير بجدية في الخطوات التي يجب اتخاذها لمنع حدوثه.
لماذا هذا التقرير؟
في عام 2024، كانت فرق الأفق الاستراتيجي (Foresight) في الحكومة الكندية تلاحظ تحولًا مقلقًا في كيفية تفكير الناس بشأن مستقبلهم. في جميع أنحاء البلاد، عبّر الناس — وخاصة الشباب — عن فقدان الأمل. أصبح الحراك الاجتماعي، الذي كان يُعتبر حقًا مكتسبًا، شيئًا يبدو أنه يُفلت من متناول اليد.
لقد أصبح من الصعب على الناس أن يتخيلوا مستقبلًا يمكن أن يكونوا فيه أفضل حالًا من والديهم. وأصبح العديد يشعرون بأنهم عالقون، ويخشون أنهم قد ينزلقون إلى الوراء — اقتصاديًا واجتماعيًا — بدلًا من التقدم.
لم يكن هذا مجرد قلق فردي.
بل كان نمطًا واضحًا ظهر عبر بيانات واستشارات متعددة. ولذلك، سعت فرق الأفق الاستراتيجي إلى التعمق أكثر في سؤال محدد:
ماذا لو أصبح فقدان الحراك الاجتماعي هو الوضع الطبيعي؟
أي: ماذا لو أصبح الشعور بالعجز والتراجع هو القاعدة بدلًا من الاستثناء؟
ماذا نعني بالحراك الاجتماعي؟
الحراك الاجتماعي هو القدرة على التحرك صعودًا أو هبوطًا في النظام الاجتماعي أو الاقتصادي. وعادة ما يُقاس ذلك من خلال التغيرات في الدخل، أو التعليم، أو الحالة المهنية من جيل إلى جيل.
يمكن أن يكون الحراك الاجتماعي:
رأسيًا (صعوديًا أو هبوطيًا): كأن يتحسن دخلك مقارنة بوالديك، أو يتراجع.
أفقيًا: كأن تغير موقعك الجغرافي أو مجال عملك دون تغير كبير في مستواك الاقتصادي.
في كندا، كان يُنظر تقليديًا إلى الحراك الاجتماعي كجزء من “العقد الاجتماعي” — فكرة أن العمل الجاد والالتزام يمكن أن يتيحا لأي شخص بناء حياة أفضل.
لكن هذا التصور بات تحت التهديد.
ما الذي يهدد الحراك الاجتماعي؟
في السنوات الأخيرة، ظهرت مجموعة من الاتجاهات المترابطة التي تؤثر على الحراك الاجتماعي، منها:
التحول التكنولوجي السريع: الذي يعيد تشكيل سوق العمل.
تغيرات ديموغرافية: مثل شيخوخة السكان وأنماط الهجرة الجديدة.
تفاوت جغرافي: حيث تحدد المنطقة التي تعيش فيها فرصك الاقتصادية.
أزمة ثقة بالمؤسسات: التي تجعل الناس أقل ميلاً للمشاركة أو السعي للتغيير.
الضغوط النفسية والاجتماعية: التي تؤثر على شعور الناس بالإمكانات المستقبلية.
كل هذه العوامل تشير إلى مستقبل قد يكون فيه الحراك الاجتماعي أمرًا غير شائع، بل حتى مستحيلاً لبعض الفئات.
ما هو الاستشراف ولماذا نستخدمه؟
الاستشراف هو أداة تساعد صانعي السياسات على التفكير في المستقبل، وخاصة في مواجهة الشكوك والتحولات المعقدة. لا يهدف الاستشراف إلى التنبؤ بما سيحدث، بل إلى استكشاف ما قد يحدث، ولماذا، وما الذي يمكن فعله حيال ذلك.
في هذا التقرير، استخدمنا نهجًا استشرافيًا لرسم سيناريو تخيلي لعام 2040 حيث الحراك الاجتماعي قد تراجع بشكل كبير في كندا. هذا ليس توقعًا للمستقبل، بل هو وسيلة لاختبار سياساتنا، وافتراضاتنا، وأولوياتنا ضد واقع ممكن الحدوث.
منهجية التقرير
تم تطوير هذا السيناريو بناءً على:
مراجعة أدبيات واسعة حول الحراك الاجتماعي في كندا والعالم.
مقابلات مع خبراء من الأكاديميا، والحكومة، والمجتمع المدني.
ورش عمل شارك فيها موظفون حكوميون من مختلف القطاعات.
تحليلات سابقة من تقارير “حياة المستقبل” و”الاحتياجات الأساسية تحت التهديد”.
السيناريو: كندا عام 2040 – حين يصبح الحراك الاجتماعي نادرًا
لمحة عامة:
في هذا السيناريو، أصبحت كندا مجتمعًا منقسمًا بشكل متزايد. القليل فقط هم من يحققون النجاح الاقتصادي والاجتماعي، وغالبًا ما يكون ذلك نتيجة امتيازات موروثة، أو علاقات اجتماعية قوية، أو مهارات نادرة.
في المقابل، يواجه الكثيرون ركودًا في حياتهم المهنية، وارتفاعًا في تكاليف المعيشة، وصعوبات في الوصول إلى التعليم أو التدريب الذي يمكن أن يُحسن وضعهم. الثقة بالمؤسسات العامة منخفضة، وهناك شعور واسع بالاستياء من “اللعبة غير العادلة”.
العوامل الدافعة نحو هذا المستقبل:
تحول سوق العمل بفعل التكنولوجيا
الذكاء الاصطناعي والأتمتة استبدلا الكثير من الوظائف متوسطة المهارة. الطلب على المهارات الرقمية ارتفع، لكن التدريب على هذه المهارات لم يكن متاحًا للجميع.
تغيرات ديموغرافية وجغرافية
ارتفاع متوسط الأعمار زاد من العبء على الجيل الشاب. المهاجرون يواجهون حواجز مستمرة في سوق العمل. التفاوت بين المناطق الحضرية والريفية ازداد، مع تمركز الفرص في مدن محددة فقط.
نظام تعليمي غير متكيف
النظام التعليمي لم يتكيف مع متطلبات السوق الجديدة. لم تُعالج الفجوات في التحصيل الدراسي حسب الخلفية الاجتماعية أو الجغرافيا. غياب التركيز على “المهارات اللينة” والقدرة على التكيف في بيئات العمل المتغيرة.
فقدان الثقة بالمؤسسات
يرى المواطنون أن السياسات تصب في مصلحة فئات معينة فقط. المشاركة السياسية والمدنية في انخفاض. ارتفاع في النزعات الشعبوية والميل إلى الانسحاب من الحياة العامة.
نتائج هذا السيناريو على الحراك الاجتماعي:
التوريث أصبح أكثر تأثيرًا من الجهد الشخصي.
الفجوة بين الأغنياء والفقراء أصبحت أكثر ثباتًا عبر الأجيال.
قلة التنقل الجغرافي أدت إلى “جمود اجتماعي” في بعض المناطق.
الشباب يعانون من تراجع التوقعات مقارنة بآبائهم، ويشعرون بالإحباط.
انعكاسات على السياسات العامة:
هذا السيناريو يطرح أسئلة عميقة على صانعي السياسات:
كيف يمكن جعل الفرص أكثر عدالة؟
ما هي الاستثمارات المطلوبة لضمان تعليم وتدريب فعّالين؟
كيف يمكن تعزيز الثقة في النظام الديمقراطي؟
ما هي الأدوار الجديدة التي يمكن أن تلعبها المؤسسات العامة؟
ماذا بعد؟
هذا التقرير لا يهدف إلى تقديم توصيات محددة، بل إلى إطلاق حوار أوسع. إذا أردنا تجنب سيناريو تتآكل فيه الفرص، علينا أن نتصرف الآن — بجرأة، وشمولية، وباستعداد لمواجهة الحقائق غير المريحة.
إن السيناريو الذي تم رسمه في هذا التقرير ليس مجرد تصور بعيد الاحتمال، بل هو دعوة للوعي والتحرك العاجل. في عالم يشهد تفاقمًا في فجوات الثروة وتراجعًا في الفرص، أصبح الحلم الكندي الذي يقوم على الحراك الاجتماعي صعب المنال أكثر من أي وقت مضى.
مع تسارع التحولات التكنولوجية، وتزايد التفاوت الاجتماعي، وارتفاع الإحباط بين الأجيال الشابة، فإن المستقبل الذي نواجهه قد يتسم بجمود اجتماعي متزايد. وقد نشهد انهيار الثقة في مؤسساتنا، وتزايد الشعور باليأس من إمكانية تحقيق التقدم. هذه التغيرات قد تؤدي إلى قطيعة مع مفهوم “العقد الاجتماعي” الذي كان يربط الأمل بالعمل الجاد.
إذا استمر هذا الاتجاه، فقد نواجه مستقبلاً حيث يصبح الصعود الاجتماعي مجرد ذكرى، وحيث يتحول المجتمع إلى طبقات متباعدة بشكل لا يمكن إصلاحه. ولكن هذا السيناريو ليس قدراً محتوماً. إذا أردنا تجنب هذا المصير المظلم، يجب أن نتحرك اليوم بكل إصرار، وأن نعيد النظر في سياساتنا، وأولوياتنا، ومؤسساتنا التي كانت جزءًا من صرح الأمل في كندا.
من خلال النظر في الوضع الحالي في كندا، يبدو أن الحكومة الحالية بقيادة مارك كارني والحكومة السابقة لجاستن ترودو قد اختارت سياسات قد تؤدي إلى نتائج كارثية بالنسبة لمستقبل البلاد. فعلى الرغم من محاولاتهم المتكررة لتطبيق أجنداتهم السياسية، إلا أن الواقع يظهر بوضوح أن هذه الحكومات لم تتمكن من تقديم حلول عملية للعديد من القضايا التي تهم المواطنين الكنديين.
عندما ننظر إلى الأرقام والحقائق التي تتعلق بالحياة اليومية للمواطنين، نجد أن الوعود التي قدمها الليبراليون واليساريون لم تتحقق. بدلاً من تحسين حياة الناس وتوفير رفاهية أفضل لهم، فإن تلك السياسات قد أدت إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، سواء على صعيد السكن، أو الأوضاع الاقتصادية، أو الرعاية الصحية، أو حتى ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل غير مبرر.
من هنا، يظهر أن الخيار الوحيد المتبقي أمام الكنديين هو اختيار حكومة تحت قيادة بيير بواليفير. حيث يعد بواليفير، وهو زعيم حزب المحافظين، الخيار الأكثر منطقية إذا كان الهدف هو تحقيق تحول إيجابي في البلاد. بأفكاره الاقتصادية والسياسية المتجددة، يعزز بواليفير فكرة أن كندا بحاجة إلى نهج جديد يركز على تحسين حياة المواطنين بدلًا من السياسات التي أفضت إلى الفشل.
المزيد
1