في قلب مدينة تورنتو، حيث أزمة السكن تتصاعد والمكاتب التجارية تفرغ رويدًا رويدًا، تنبثق فكرة جريئة قد تكون جزءًا من الحل: تحويل الأبراج المكتبية الخالية إلى مساكن حديثة للإيجار.
أحد أبرز الأمثلة على هذه التحولات الحضرية الجريئة هو ما تخطط له شركة Amexon Development Corporation، حيث تعتزم تحويل مبنى مكون من 15 طابقًا يقع في 250 Ferrand Drive، بالقرب من تقاطع Eglinton Avenue East وDon Mills Road، من برج مكاتب تجاري إلى مجمّع سكني عصري يحمل اسم e-lofts.
في قلب مدينة تورنتو، حيث أزمة السكن تتصاعد والمكاتب التجارية تفرغ رويدًا رويدًا، تنبثق فكرة جريئة قد تكون جزءًا من الحل: تحويل الأبراج المكتبية الخالية إلى مساكن حديثة للإيجار.
أحد أبرز الأمثلة على هذه التحولات الحضرية الجريئة هو ما تخطط له شركة Amexon Development Corporation، حيث تعتزم تحويل مبنى مكون من 15 طابقًا يقع في 250 Ferrand Drive، بالقرب من تقاطع Eglinton Avenue East وDon Mills Road، من برج مكاتب تجاري إلى مجمّع سكني عصري يحمل اسم e-lofts.
من مكاتب مهجورة إلى حياة نابضة
تصف الشركة هذا المشروع بأنه “مجتمع سكني حيوي موجه نحو وسائل النقل”، مصمم لتوفير نمط حياة حضري على طراز “اللوفت” المعاصر، مع تركيز واضح على الاستدامة والتواصل الحضري.
هذا التحول ليس مجرد تجديد شكلي، بل يحمل في طيّاته رؤى أعمق تتقاطع فيها الحاجة الملحة إلى وحدات سكنية مع واقع جديد يفرض نفسه على سوق المكاتب.
“الحسابات لم تعد تنجح”… لكن الإيجارات ما زالت تسير
يعلق مرتضى حيدر، مدير الأبحاث في معهد التحليلات الحضرية بجامعة تورنتو متروبوليتان، على هذه الظاهرة قائلًا:
“الحقائق اليوم واضحة: سوق بناء الشقق السكنية يعاني من اختلال كبير في التوازن، فالتكاليف مرتفعة والعوائد غير مضمونة. لكن الإيجار المخصص لهذا الغرض – أي المباني المصممة خصيصًا للتأجير – لا يزال نموذجًا مجديًا اقتصاديًا.”
ويضيف حيدر أن هذه المشاريع الذكية تساهم في حل مشكلتين في وقت واحد: ارتفاع نسبة الشغور في المباني التجارية، خصوصًا من الفئة B أو الأقل، وفي المقابل، أزمة نقص المعروض في سوق السكن، خاصة السكن المخصص للإيجار.
المكاتب لم تعد كما كانت.. والطلب تراجع
من الأسباب الجوهرية التي تسرّع من تحولات كهذه أن ما يقرب من 20% من القوى العاملة تعمل حاليًا من المنزل، وهو تحول جذري أحدث فراغًا في بعض المساحات المكتبية، وجعل من غير المجدي اقتصاديًا استبدال المكاتب القديمة بأخرى جديدة.
ومع ذلك، يوضح حيدر أن تحويل برج مكتبي إلى سكني ليس عملية تلقائية، فليست كل المباني مناسبة لذلك.
“تصميم المبنى وموقع المصاعد من العوامل الحاسمة. فالمكاتب يمكن أن تتواجد في قلب المبنى بلا نوافذ، لكن الشقق؟ لا أحد يقبل أن يسكن بلا ضوء طبيعي.”
مشروع e-lofts: حين تكون “عظام” المبنى قوية
لحسن الحظ، يبدو أن هذا البرج المعني في تورنتو يملك مقومات ممتازة لهذا التحوّل.
يقول دان مينشيونز، من شركة التصميم II by IV Design، إن العمل على مشروع e-lofts أتاح لهم الاستفادة القصوى من البنية الإنشائية للمبنى، الذي يتميز بأسقف عالية، ومساحات أرضية مرنة، وعناصر خرسانية مكشوفة تمنح طابعًا حضريًا مميزًا.
هل يجب أن تحتذي تورنتو بكالغاري؟
يلفت حيدر النظر إلى تجربة كالجاري، التي واجهت أزمة شبيهة تمثلت في نسب شغور مكتبي تجاوزت 30% في عام 2023. لكن المدينة تمكنت من تقليص هذه النسبة إلى نحو 23% في 2024، وذلك بفضل الحوافز التي قدمتها البلدية لتشجيع تحويل المكاتب إلى مساكن.
ويحذّر حيدر من إغفال الجانب الاقتصادي للمدينة نفسها: “المكتب الفارغ ليس مجرد مساحة غير مستغلة، بل هو عبء على صاحبه وعلى المدينة. لا يدر دخلًا، ولا ضرائب، ولا نشاطًا تجاريًا… بل يصبح عبئًا بصريًا ومعماريًا أيضًا.”
أكثر من 300 وحدة.. والموعد قيد الانتظار
حتى الآن، لم تعلن شركة Amexon عن موعد نهائي لاستكمال المشروع، لكن التوقعات تشير إلى أن المبنى سيوفر أكثر من 300 وحدة سكنية عند اكتماله.
وبينما تنتظر المدينة بترقب هذا التحول العمراني الجريء، يبقى السؤال الأوسع:
هل تكون هذه التحويلات هي النموذج الحضري الجديد لتورنتو وغيرها من المدن الكبرى؟
أم أنها مجرّد حلول مؤقتة في معركة طويلة ضد أزمة الإسكان؟
الزمن وحده سيجيب، لكن من المؤكد أن كل نافذة تُضاء في برج مكتبي سابق، هي خطوة نحو مدينة أكثر ذكاءً وتكيفًا مع واقع جديد.
ماري جندي
المزيد
1