أجرى رئيس الوزراء آنذاك جاستن ترودو أول مكالمة هاتفية له مع الرئيس الأمريكي المنتخب حديثًا دونالد ترامب، مدركًا أن الرئيس الأمريكي يسعى على الأرجح إلى إعادة فتح اتفاقية كندا-الولايات المتحدة-المكسيك، وذلك قبل أسابيع قليلة فقط من تهديده الأول بفرض تعريفات جمركية قاسية على الإقتصاد بأكمله.

وأفادت مذكرة إحاطة، أُعدّت قبل المكالمة الهاتفية بين ترودو وترامب في 6 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، بأنه من غير المرجح أن ينتظر الرئيس مراجعة رسمية لاتفاقية التجارة القارية (CUSMA) بحلول عام 2026. وأوضحت المذكرة أن كندا تُفضّل إبقاء المراجعة “محصورة ومُحدّدة قدر الإمكان”.

ومع ذلك، يُجهّز المسؤولون الكنديون أنفسهم لمجموعة من السيناريوهات المُحتملة تحسبًا لسعي أحد الأطراف إلى إعادة النظر في بعض نتائج اتفاقية CUSMA، أو حتى في الاتفاقية بأكملها.

تُقدّم المذكرة، التي حُذفت جزئيًا، والتي حصلت عليها وكالة الصحافة الكندية بموجب قانون الوصول إلى المعلومات، نظرةً ثاقبةً على المعلومات المُقدّمة إلى ترودو قبل مكالمته مع الرئيس المُنتَخب.

تضمنت المذكرة نقاطًا للنقاش موجهة لترودو، واقترحت عليه تهنئة ترامب على “فوزه التاريخي في الإنتخابات” والإشادة بـ”حملته الرائعة” للزعيم الجمهوري.

وأشارت إلى أن ترودو أبلغ ترامب بتطلعه إلى العمل معًا في القضايا التجارية والاقتصادية، بما في ذلك إتفاقية الولايات المتحدة الأمريكية والصين (CUSMA)، وحماية خطوط الأنابيب وخطوط النقل، وتعزيز سلاسل التوريد “لتقليل الاعتماد على الدول المعادية”.

كما ذكرت مذكرة الإحاطة أن “الأمن الاقتصادي سيكون قضيةً رئيسيةً للإدارة الجمهورية”.

وأضافت المذكرة: “إنها قضية تتجاوز السياسة الاقتصادية وتشمل الأمن القومي”.

وأفاد بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء عقب المكالمة الهاتفية في نوفمبر/تشرين الثاني أن ترودو وترامب ناقشا “الشراكة الدائمة والناجحة بين كندا والولايات المتحدة”. وأضاف البيان أنهما تحدثا أيضًا عن “المصلحة المشتركة في سلاسل توريد آمنة وموثوقة، ومعالجة ممارسات التجارة غير العادلة في الاقتصاد العالمي”.

لكن كندا كانت منذ ذلك الحين هدفًا لترامب. فقد هدد الرئيس لأول مرة بفرض رسوم جمركية باهظة وواسعة النطاق على كندا في 25 نوفمبر/تشرين الثاني، رابطًا الرسوم بتدفق الفنتانيل عبر الحدود.

وتُظهر بيانات الحكومة الأمريكية أن حجم الفنتانيل الذي يعبر الحدود الشمالية ضئيل للغاية. ولم يذكر تقرير تقييم التهديدات السنوي، الصادر يوم الثلاثاء، كندا في قسمه المتعلق بالمخدرات غير المشروعة والفنتانيل.

أجرى ترامب وترودو لاحقًا محادثات إضافية متعددة، وسافر رئيس الوزراء السابق إلى منتجع مار-إيه-لاغو الذي يملكه الرئيس في فلوريدا أواخر العام الماضي في محاولة لمنع فرض الرسوم الجمركية.

عززت كندا إجراءاتها الحدودية، لكنها فُرضت عليها في نهاية المطاف رسوم جمركية شاملة بنسبة 25%، مع رسوم أقل بنسبة 10% على الطاقة الكندية، في وقت سابق من هذا الشهر. وتم تعليق هذه الرسوم جزئيًا بعد أيام.

كما مضى الرئيس قدمًا في فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألومنيوم إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك من كندا، في الأسبوع التالي.

وُجهت أسئلة إلى تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، بشأن الفنتانيل وكندا خلال جلسة استماع للجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ يوم الثلاثاء. وقالت إن المكسيك تُمثل التهديد الأخطر للفنتانيل، وإنها لا تملك أرقامًا بشأن كندا.

وقد اشتكى ترامب مرارًا وتكرارًا من العجز التجاري، وهدد باستخدام “القوة الاقتصادية” لجعل كندا ولاية أمريكية. صرح مسؤولون كنديون بأن الرسوم الجمركية المُدمرة تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد اقتصاديًا لتسهيل ضمها.

وأشار خبراء إلى أن الرسوم الجمركية المفروضة على كندا والمكسيك تُستخدم لزعزعة استقرار البلدين قبل المراجعة الإلزامية لاتفاقية التجارة الثلاثية. تُذكرنا تهديدات الرئيس المتضاربة والمستمرة بفرض رسوم جمركية بمفاوضات اتفاقية الولايات المتحدة الأمريكية وكندا (CUSMA) خلال إدارة ترامب الأولى.

طرح ترامب فكرة فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على قطاع السيارات الكندي خلال مفاوضات عام 2018، لكنها لم تُنفذ قط. لكنه استخدم سلطاته في مجال الأمن القومي لفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب و10% على واردات الألومنيوم.

بعد عام تقريبًا، تمكنت كندا والمكسيك من التفاوض على إعفاءات، وتم توقيع اتفاقية التجارة الثلاثية الجديدة لتحل محل اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا).

المصدر : اوكسيجن كندا نيوز
المحرر : رامى بطرس