في المشهد السياسي الكندي الذي يزداد توترًا مع اقتراب أي انتخابات فدرالية، تبرز تحركات مارك كارني – الحاكم السابق لبنك كندا والمملكة المتحدة، والمرشح المحتمل لقيادة الحزب الليبرالي – وكأنها مصممة بدقة لتفادي النقاش الحقيقي. فالرجل، الذي يحظى بعلاقات قوية مع نخبة الاقتصاد العالمي، يبدو أنه يفضّل حملة انتخابية قصيرة الأمد، لا تتيح للكنديين الوقت الكافي للتمعّن في أجندته، أو حتى للتساؤل عن الأجندات التي قد يكون بصدد تنفيذها باسم “الاستقرار المالي” أو “التحول الأخضر”.
في المشهد السياسي الكندي الذي يزداد توترًا مع اقتراب أي انتخابات فدرالية، تبرز تحركات مارك كارني – الحاكم السابق لبنك كندا والمملكة المتحدة، والمرشح المحتمل لقيادة الحزب الليبرالي – وكأنها مصممة بدقة لتفادي النقاش الحقيقي. فالرجل، الذي يحظى بعلاقات قوية مع نخبة الاقتصاد العالمي، يبدو أنه يفضّل حملة انتخابية قصيرة الأمد، لا تتيح للكنديين الوقت الكافي للتمعّن في أجندته، أو حتى للتساؤل عن الأجندات التي قد يكون بصدد تنفيذها باسم “الاستقرار المالي” أو “التحول الأخضر”.
لكن ما الذي يدفع شخصية بوزن كارني إلى تفضيل حملة قصيرة؟ الإجابة تكمن في الرغبة بالحدّ من الوعي الشعبي، وتقليص مساحة التفكير والنقاش الجماهيري حول السياسات المُزمع تنفيذها خلف الكواليس، والتي قد لا تصب جميعها في مصلحة المواطن الكندي العادي.
تحالفات عابرة للحدود: كارني، المنتدى الاقتصادي العالمي، ودافوس
لا يمكن الحديث عن مارك كارني دون التطرق إلى دوره البارز داخل أروقة “دافوس” – المؤتمر السنوي الذي ينظمه المنتدى الاقتصادي العالمي، والذي يجمع صفوة النخب الاقتصادية والسياسية من حول العالم. وهناك، لا يكون المواطن الكندي في الحسبان، بل يتمحور النقاش حول كيفية “إعادة تشكيل العالم” وفقًا لتصورات النخب العالمية، بعيدًا عن الرقابة الشعبية أو المساءلة الديمقراطية.
من الهوية الرقمية إلى التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون، ومن دعم “مدن الـ15 دقيقة” إلى تعزيز المركزية في التخطيط العمراني، تُطرح هذه الأفكار باعتبارها حتمية “حديثة” لا مفر منها، لا سيما عندما يُروّج لها عبر وجوه مألوفة مثل كارني، الذي يُجيد التحدّث بلغة الاقتصاديين والمصرفيين، لكنه يُبقي أجندته الحقيقية بعيدة عن متناول الناخب العادي.
هل رأيك مهم؟ ليس في حساباتهم…
في نظر هؤلاء المخططين لعالم المستقبل من داخل غرف مغلقة في سويسرا، فإن رأي المواطن الكندي لا يشكل عاملًا حاسمًا. فسواء أكنت تؤيد الخطط التي تُصاغ باسم “الاستدامة” أو تعارضها، فإن السؤال الحقيقي هو: هل سيتاح لك الوقت والمساحة لتُعبّر عن هذا الرأي وتؤثر به فعلًا؟ مع حملة انتخابية قصيرة، تُصمَّم بعناية كي تمرّ كنسمة سريعة لا توقظ الأسئلة، تصبح الإجابة واضحة: لا.
وهكذا، فإن ما يبدو ظاهريًا كخيار “تكتيكي” في التوقيت الانتخابي، يكشف في العمق عن توجّه أوسع نحو كتم الأصوات، وتقييد قدرة الشعوب على التأثير في مسارات تُفرض عليهم من الأعلى.
ماري جندي
1