فيما لا تزال كندا تعيش على وقع ليلة انتخابية لم تهدأ بعد، ومع استمرار فرز الأصوات التي ستُحدّد ما إذا كان الليبراليون قد حصلوا على أغلبية أم سيُضطرون لحكم أقلية، تبرز على الساحة الدولية أولى التحديات الجسيمة التي سيواجهها رئيس الوزراء المنتخب مارك كارني، والمتمثلة في لقاء مرتقب مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
فيما لا تزال كندا تعيش على وقع ليلة انتخابية لم تهدأ بعد، ومع استمرار فرز الأصوات التي ستُحدّد ما إذا كان الليبراليون قد حصلوا على أغلبية أم سيُضطرون لحكم أقلية، تبرز على الساحة الدولية أولى التحديات الجسيمة التي سيواجهها رئيس الوزراء المنتخب مارك كارني، والمتمثلة في لقاء مرتقب مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ووفقًا لمصادر مطلعة، من المتوقع أن يُعقد اللقاء خلال الأيام القليلة المقبلة، ليكون بذلك أول اختبار خارجي جاد أمام كارني، في وقت لم يكد بعد يُحسم فيه المشهد الداخلي الكندي بالكامل. هذا اللقاء المرتقب قد يرسم ملامح العلاقة الكندية–الأمريكية في عهدين جديدين لكل من البلدين، وسط توقعات بأن تكون الملفات التجارية والأمنية على رأس جدول الأعمال.
اتفاق أولي خلال الحملة الانتخابية
المفارقة اللافتة أن الاتصال الأول بين كارني وترامب لم ينتظر نتيجة الانتخابات. فقد أجرى الرجلان مكالمة هاتفية خلال الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية الكندية، عبّرا فيها عن استعداد متبادل لبدء مفاوضات عاجلة بشأن اتفاقيات تجارية وأمنية جديدة فور انتهاء العملية الانتخابية.
هذا التوقيت غير المألوف للاتصال يعكس إدراك الطرفين لأهمية العلاقات الثنائية بين البلدين، ولكنه يُثير أيضًا تساؤلات حول مدى تعقيد الملفات التي تنتظر المعالجة، بدءًا من التبادل التجاري مرورًا بمسائل الحدود والطاقة، وصولًا إلى المواقف المتباينة حول قضايا السيادة والتكامل الاقتصادي.
ترامب في المشهد الكندي: تهديدات ورسائل نارية
لم يكن ترامب بعيدًا عن مجريات الحملة الانتخابية الكندية. فعلى الرغم من أنه لم يتدخل مباشرة، إلا أن تصريحاته خلال الفترة الماضية كانت حاضرة بقوة في النقاشات السياسية الكندية.
من أبرز تصريحاته، تهديده الصريح بفرض رسوم جمركية على واردات كندية “لا تلتزم بالمصالح الأمريكية”، وهي لهجة أعادت إلى الأذهان التوترات التجارية التي طبعت فترة رئاسته الأولى. أما الأكثر إثارة للجدل، فكان اقتراحه بأن تصبح كندا “الولاية الـ51 للولايات المتحدة” — تصريح قوبل بالرفض القاطع والسخرية من قِبل معظم الطبقة السياسية في أوتاوا، بما في ذلك منافسي كارني أنفسهم.
مفاوضات محفوفة بالتحديات
بالنسبة لكارني، الذي صعد إلى الحكم على خلفية وعود بالاستقرار، والتحفيز الاقتصادي، وإعادة توحيد الكنديين، فإن لقائه بترامب سيكون فرصة لإثبات جديته على الساحة الدولية، واختبارًا حقيقيًا لمهاراته كخبير اقتصادي سابق في بنك كندا وبنك إنجلترا.
يتوقّع مراقبون أن تشمل المفاوضات ملفات شائكة مثل:
إعادة التفاوض على اتفاقيات التجارة الحرة، خاصة في ظل نبرة ترامب الحمائية المتزايدة.
التنسيق الأمني عبر الحدود، خصوصًا في ظل التوترات العالمية وتزايد الهجرة غير النظامية.
الطاقة والتوريد، في وقت تعيد فيه أمريكا النظر في استراتيجياتها الاستيرادية.
الداخل لا يزال مضطربًا
يأتي هذا التطور الخارجي بينما لا تزال كندا في خضم مرحلة سياسية غير محسومة، إذ لم تُعلَن بعد النتيجة النهائية للانتخابات. وحتى الآن، لا تزال الأغلبية الليبرالية معلّقة على بضعة آلاف من الأصوات الخاصة، وهي أصوات عبر البريد أو من خارج الدوائر الانتخابية لم تُفرز بالكامل بعد، ومن شأنها أن تغيّر شكل الحكومة القادمة.
وسط هذا المشهد المعقّد، يبدو أن كارني مطالب بأن يبدأ ولايته الدستورية في قلب العاصفة، داخليًا وخارجيًا، مع حتمية التعامل مع رئيس أمريكي معروف بأسلوبه الحاد، وأجندته الصدامية.
كندا أمام مفترق طرق
قد يكون لقاء كارني–ترامب لحظة فاصلة في رسم معالم العلاقات الثنائية لعقد جديد. فبين رئيس وزراء ليبرالي يتحدث بلغة الوحدة والتعاون، ورئيس أمريكي يعود إلى السلطة بأجندة قومية واضحة، سيتقرر ما إذا كانت العلاقة الكندية–الأمريكية ستسير نحو التعاون البنّاء… أم نحو اختبار جديد من اختبارات الجغرافيا السياسية والاقتصاد العابر للحدود.
المزيد
1