بينما تُصارع العائلات الكندية لشراء الحاجات الأساسية، وتغرق الطبقة الوسطى في دوامة التضخم وأزمة السكن، يطل مارك كارني على المشهد السياسي الانتخابي كمرشح محتمل لرئاسة الوزراء لمدة أربع سنوات قادمة. لكنه ليس بنظر الجميع المنقذ المنتظر، بل يُنظر إليه بشكل متزايد كمبعوث المنتدى الاقتصادي العالمي، القادم لتطبيق توصياته بحذافيرها، حتى لو أدى ذلك إلى تفكيك ما تبقى من استقرار كندا الاجتماعي والاقتصادي.
كارني، الذي تربطه علاقات وثيقة بقيادات دافوس، لا يُخفي حماسه لتنفيذ مبادرات مثل “إعادة الضبط العظيمة” و”التحول نحو الاقتصاد الأخضر”.. وأيضًا”Net Zero” ،وهي أجندات يُروج لها بوصفها الطريق نحو عالم أكثر عدالة واستدامة. ولكن هناك وجهات نظر يقول شيئًا آخر: هذه السياسات، إذا ما طُبقت كما يريدها كارني، قد تُحوّل كندا إلى مختبر اجتماعي واقتصادي تُجرى فيه تجارب النخبة العالمية على حساب معيشة الكنديين.
بينما تُصارع العائلات الكندية لشراء الحاجات الأساسية، وتغرق الطبقة الوسطى في دوامة التضخم وأزمة السكن، يطل مارك كارني على المشهد السياسي الانتخابي كمرشح محتمل لرئاسة الوزراء لمدة أربع سنوات قادمة. لكنه ليس بنظر الجميع المنقذ المنتظر، بل يُنظر إليه بشكل متزايد كمبعوث المنتدى الاقتصادي العالمي، القادم لتطبيق توصياته بحذافيرها، حتى لو أدى ذلك إلى تفكيك ما تبقى من استقرار كندا الاجتماعي والاقتصادي.
كارني، الذي تربطه علاقات وثيقة بقيادات دافوس، لا يُخفي حماسه لتنفيذ مبادرات مثل “إعادة الضبط العظيمة” و”التحول نحو الاقتصاد الأخضر”.. وأيضًا”Net Zero” ،وهي أجندات يُروج لها بوصفها الطريق نحو عالم أكثر عدالة واستدامة. ولكن هناك وجهات نظر يقول شيئًا آخر: هذه السياسات، إذا ما طُبقت كما يريدها كارني، قد تُحوّل كندا إلى مختبر اجتماعي واقتصادي تُجرى فيه تجارب النخبة العالمية على حساب معيشة الكنديين.
الضرائب الخضراء، القيود على قطاع الطاقة، الرقابة الرقمية، والمدن الخاضعة لحدود الحركة تحت شعار “الـ15 دقيقة”—كلها ملامح بدأت تتسرب إلى السياسة الكندية، ويتوقع أن تتسارع في ظل قيادة كارني. وبدلاً من مواجهة مشاكل الناس اليومية، يبدو أن كارني يحضّر البلاد لمرحلة يتحكم فيها المنتدى العالمي بمفاصل الحياة، من طريقة تنقلك، إلى ماذا تأكل، وحتى كيف تنفق أموالك.
النُقاد يرون في كارني الواجهة الناعمة لخطة قاسية ستُفقر الكنديين باسم البيئة والتكنولوجيا، وشعارات رنانة تبدوا انها تنادي برفع الانسانية ولكن في باطنها سم قاتل.
كيف تم اختراق كندا؟
خطة “المنتدى الاقتصادي العالمي” التي يُقال إنها تنفذ في العلن
في السنوات الأخيرة، تحوّل الحديث عن “نظرية المؤامرة العالمية” من زوايا الإنترنت المعتمة إلى منابر الإعلام ودهاليز السياسة، بعد أن بدأ كثيرون يشعرون بأن ما يحدث على الأرض ليس مجرد مصادفات. من أزمة لأخرى، ومن سياسة لأخرى، تتجه الأنظار نحو مؤسسة واحدة: المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF).
قد تبدو كلمات مثل “إعادة الضبط العظيمة”، و”مدن الـ15 دقيقة”، و”الهوية الرقمية”، وكأنها أفكار مستقبلية من فيلم خيال علمي. لكن هذه المصطلحات لم تعد خيالية، بل أصبحت خططًا سياسية واقتصادية تُناقش وتُطبق في كندا، وسط تساؤلات جادة: هل كندا تخضع فعليًا لتوجيه خارجي؟ وهل حكوماتها تنفذ أجندة عالمية دون العودة للشعب؟
من دافوس إلى أوتاوا.. خيوط لم تعد مخفية
المنتدى الاقتصادي العالمي، المعروف بتجمعه السنوي في دافوس بسويسرا، يُقدِّم نفسه على أنه منصة تجمع النخب الاقتصادية والسياسية “لتحسين حالة العالم”. لكن خلف هذه الصورة الرسمية، يرى عدد متزايد من الكنديين أن المنتدى بات مركزًا للتخطيط العالمي لسياسات تُفرض على الدول تحت غطاء “التنمية المستدامة” ومحاربة الكربون”.
في كندا، يظهر هذا التأثير في قرارات كبرى، مثل:
تخفيض استخدام الأسمدة الزراعية والدعوة الى قتل الحيوانات لخفض الانبعاثات الغازية وعدم الاعتماد عليها كمواد غذائية في المستقبل والتعويض عنها بمواد مصنعة داخل المصانع وعدم الاعتماد على الموارد الطبيعية ، رغم اعتراضات المزارعين .
تقليص ملكية السيارات، بدعوى “خفض الانبعاثات”، والتمهيد لمجتمعات “مدن الـ15 دقيقة”.
التحول نحو الهوية الرقمية، والتي تؤدي إلى السيطرة الكاملة الحكومية على المواطنين والتي تثير مخاوف حول الخصوصية والرقابة.
سياسات الهجرة المكثفة، التي فُرضت دون استفتاء شعبي، تحت ذريعة “الحاجة الاقتصادية”، والتي تؤدي إلى نزع الناحية القومية والوطنية للتمهيد لجعل العالم دولة واحدة.
خطة مدروسة أم مؤامرة علنية؟
المنتدى لا يُخفي نواياه. بل يُعلنها بوضوح في تقارير بموقعه الرسمي. في مقال شهير نُشر على موقعه تحت عنوان: “لن تمتلك شيئًا، وستكون سعيدًا بذلك”، رُسمت ملامح عالم يتحول فيه الأفراد من مالكين إلى مستأجرين لكل شيء: من منازلهم إلى أدواتهم وحتى بياناتهم.
فهل هذا مجرد طموح فكري؟ أم خارطة طريق تُطبق خطوة بخطوة؟
عندما تتحدث كريستيا فريلاند.. بصوت المنتدى
نائبة رئيس الوزراء الكندي، كريستيا فريلاند، لم تكن فقط وزيرة مالية، بل أيضًا عضو بارز في مجلس أمناء المنتدى الاقتصادي العالمي. ما يعني أنها تشارك في صياغة توجهاته، ثم تعود لتُطبق سياساته داخل كندا.
يتساءل كثير من الكنديين: كيف يمكن لموظف حكومي منتخب أن يكون جزءًا من مؤسسة أجنبية ذات أهداف عالمية، دون أن يشكل ذلك تضارب مصالح؟ بل إن هذا النفوذ لا يقتصر على فريلاند، بل يمتد إلى وزراء آخرين ومسؤولين حكوميين يتفاخرون بعلاقتهم بـ “WEF”.
في حين .. مانع السيد بيير بواليفير زعيم حزب المحافظين منع باتاً أي تعامل مع هذه المؤسسة الخطيرة “المنتدى الاقتصادي العالمي” ، محذراً إي من أعضاء حزبه بالتعامل مع هذه المؤسسة، وإلا تتعرض للخروج من الحزب فوراً.
نتائج على الأرض.. من التضخم إلى القروض الرقمية
في عام 2022، أصدر المنتدى تقريرًا مشتركًا مع بنك التسويات الدولية عن “النقود الرقمية للبنوك المركزية”، وهو المشروع الذي بدأ بنك كندا في دراسته وتطويره، رغم رفض شعبي واسع لهذه الخطوة.
وعندما اندلعت الأزمة الاقتصادية في كندا وارتفعت نسب التضخم بشكل غير مسبوق، روج المنتدى لـ”إصلاح النظام الغذائي العالمي”، وطالب بتقليل الاعتماد على اللحوم لصالح مصادر بروتين “بديلة”، كالحشرات، وهي أفكار تثير سخرية البعض، وقلق الكثيرين.
من الهامش إلى البرلمان: صحوة متأخرة؟
في عام 2022، أثار عضو البرلمان الكندي كولين كاري ضجة عندما سأل رئيس الوزراء جاستن ترودو عن مدى تغلغل المنتدى الاقتصادي العالمي في حكومته، وما إذا كان هذا النفوذ يمس السيادة الوطنية. تم حذف سؤاله من سجلات البرلمان، مما زاد الشكوك.
الآن، ومع اقتراب الانتخابات، يطالب بعض المواطنون بمحاسبة من سلموا مقاليد السيادة الكندية لمؤسسة أجنبية مثل ” المنتدى الاقتصادي العالمي” ،بل وبعض الدول الاجنبية مثل “الصين” والتي لا تخضع للمساءلة، بل تملي وتُخطط ماتريد، والحكومات تُنفذ .
هل ما نشهده “مؤامرة” أم سياسة دولية بلا تمويه؟
سواء اتفقت مع نظرية المؤامرة أم لا، فإن ما يحدث أمامنا ليس مجرد صدفة. السياسات تُطبق بطريقة متطابقة في عشرات الدول، والشعوب تُدفع نحو نمط حياة جديد دون استشارتها.
لقد تحولت كندا، في نظر كثيرين، إلى حقل تجارب لنموذج عالمي جديد، تُفرض فيه الرقابة تحت اسم “الأمان”، والقيود تحت شعار “الاستدامة”، والتغيير تحت راية “المساواة”.
ويرى الكثيرون أن منتدى دافوس ليس سوى عرض مسرحي كبير، حيث تُعقد الاجتماعات تحت أضواء الإعلام، ويجتمع السياسيون ورجال الأعمال لتلميع صورتهم أمام العالم. لكن خلف هذه الواجهة المزيفة، يكمن جوهر المنتدى: تعزيز الهيمنة العالمية للنخب الاقتصادية والسياسية، وزيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
وبينما يتظاهر المشاركون بالبحث عن حلول لمشاكل العالم، تظل المصالح الذاتية على رأس أولوياتهم. في النهاية، يبقى المنتدى انعكاسًا صريحًا لنظام عالمي يعاني من نفاقٍ أخلاقي عميق، حيث تتحكم القلة بمصير الأغلبية، دون أدنى اعتبار للقيم التي يتشدقون بها في دافوس.
ماري جندي
المزيد
1