شهدت انتخابات كندا لعام 2025 تحولًا دراماتيكيًا في نتائج استطلاعات الرأي، التي كانت تلمح في وقت سابق إلى سيناريو مختلف تمامًا. وفقًا للنتائج التي أعلنتها لجنة الانتخابات الكندية صباح يوم الثلاثاء، يبدو أن الحزب الليبرالي الكندي، بقيادة مارك كارني، سيحقق فوزًا غير متوقع ويشكل حكومة أقلية، لتصبح هذه الفترة الرابعة له في منصب رئيس الوزراء.
شهدت انتخابات كندا لعام 2025 تحولًا دراماتيكيًا في نتائج استطلاعات الرأي، التي كانت تلمح في وقت سابق إلى سيناريو مختلف تمامًا. وفقًا للنتائج التي أعلنتها لجنة الانتخابات الكندية صباح يوم الثلاثاء، يبدو أن الحزب الليبرالي الكندي، بقيادة مارك كارني، سيحقق فوزًا غير متوقع ويشكل حكومة أقلية، لتصبح هذه الفترة الرابعة له في منصب رئيس الوزراء.
الخسارة الثقيلة للخصوم
في مفاجأة أخرى، لم يتمكن زعيم الحزب الديمقراطي الجديد، جاجميت سينغ، وزعيم حزب المحافظين، بيير بواليفير، من الحفاظ على مقاعدهم في دوائرهما الانتخابية. هذا يعني أنه لن يعود أي منهما إلى مجلس العموم، مما يعكس تراجعًا كبيرًا في شعبيتهما بعد عدة أشهر من الحملات الانتخابية المكثفة.
حتى الساعة الرابعة مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، كانت نتائج الانتخابات تشير إلى أن الحزب الليبرالي قد حصل على 169 مقعدًا، أي بفارق ثلاثة مقاعد فقط عن الأغلبية المطلقة في البرلمان. وهذا يعني أن الليبراليين سيتعين عليهم البحث عن دعم من حزب آخر على الأقل لتشكيل حكومة مستقرة.
العودة للانتخابات: تحولات استراتيجية
جاء هذا الفوز في وقت حساس بالنسبة لزعيم الحزب الليبرالي، مارك كارني، الذي كان قد دعا إلى إجراء الانتخابات الوطنية بعد تسعة أيام فقط من أدائه اليمين الدستورية رئيسًا للوزراء. وخلال الحملة الانتخابية، سعى الليبراليون لتحويل القضايا الرئيسية مثل السيادة الكندية والتوترات التجارية مع الولايات المتحدة إلى مواضيع أساسية في النقاش الوطني، حيث تمحورت الحملة حول التصدي للتعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
في خطاب النصر الذي ألقاه صباح الثلاثاء أمام أنصاره، أكد كارني عزمه على “التفكير بشكل شامل” وقيادة حكومة تمثل جميع الكنديين دون استثناء، مشددًا على أن قوة كندا تكمن في توحيد صفوفها والعمل معًا لتحقيق المصلحة العامة.
خيبة الأمل في صفوف منافسيه
النتائج التي أعلنتها لجنة الانتخابات حتى الساعة 2:55 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة أظهرت تراجعًا كبيرًا في شعبية الحزب الديمقراطي الجديد، حيث لم يحصل الحزب على سوى سبع مقاعد من أصل الدوائر التي كان يسيطر عليها في السابق، ما يعكس خسارة هائلة في نفوذه السياسي. وبناءً على ذلك، أعلن جاجميت سينغ تنحيه عن رئاسة الحزب بعد أن قاد الحزب في ثلاث حملات انتخابية فدرالية، مما يعد نهاية حقبة داخل الحزب الديمقراطي الجديد.
أما حزب الكتلة الكيبيكية فقد عانى أيضًا من خسائر ملحوظة، حيث تراجع عدد مقاعده في البرلمان من 22 إلى 11 مقعدًا. وبينما استمرت شعبية الحزب الليبرالي في التصاعد، فقد كان هذا التراجع في دعم الكتلة بمثابة علامة على تراجع تأثيرها السياسي في الساحة الكندية.
المحافظون: حملة “القدرة على التحمل” تعاني من التحديات
من جهة أخرى، رغم أن حزب المحافظين بقيادة بيير بواليفير قد تمكن من جمع 144 مقعدًا في الانتخابات، إلا أن الحزب لم يكن قادرًا على مواكبة الاندفاعة الكبيرة التي حققها الحزب الليبرالي. ومع تراجع استطلاعات الرأي في الأيام الأخيرة من الحملة، بدا أن رسالة الحزب المحافظ، التي ركزت على موضوع “القدرة على التحمل” من خلال خفض التكاليف، لم تلقَ استجابة كافية من الناخبين. ورغم الحملات الناقدة لسياسات ترودو والليبراليين، إلا أن بيير بواليفير أقر بهزيمته في الانتخابات، وتلميحه إلى أنه قد يظل في ساحة المنافسة رغم خسارته المتوقعة لمقعده في دائرة كارلتون في أونتاريو لصالح مرشح الحزب الليبرالي بروس فانجوي.
الحزب الأخضر: مقاومة في ظل التحديات
أظهرت الانتخابات أيضًا بعض التحديات بالنسبة لحزب الخضر الكندي، حيث تمكنت إليزابيث ماي، القائدة المشاركة، من الاحتفاظ بمقعدها في سانيش-جزر الخليج في كولومبيا البريطانية، بينما لم يحقق زملاؤها في الحزب نفس النجاح. فقد تراجع جوناثان بيدنو في دائرة أوتريمونت في كيبيك، بينما خسر مايك موريس مقعده في كيتشنر سنتر أمام مرشح من حزب المحافظين.
آفاق المستقبل: حكومة أقلية وتحديات اقتصادية
من أجل تشكيل حكومة أغلبية في كندا، يتعين على أي حزب الحصول على 172 مقعدًا من أصل 343 مقعدًا في البرلمان. ومن أجل تأمين استقرار حكومي في ظل هذه النتائج، سيتعين على الحزب الليبرالي التعامل مع الواقع السياسي الجديد، حيث ستكون الحكومة في وضع أقلية، مما يستلزم تحالفات مع أحزاب أخرى لتحقيق الأهداف السياسية والاقتصادية.
صعود مارك كارني: قيادة جديدة في فترات صعبة
يعد مارك كارني، الخبير الاقتصادي البالغ من العمر 60 عامًا، أحد أبرز الأسماء التي شهدت صعودًا سياسيًا لافتًا في كندا في السنوات الأخيرة. بعد استقالة جاستن ترودو من رئاسة الحكومة في يناير 2025، دخل كارني السباق على زعامة الحزب الليبرالي، حيث حصل على دعم كبير من أعضاء الحزب بفضل خلفيته الاقتصادية القوية. ومنذ توليه منصب رئيس الوزراء، قام بإلغاء ضريبة الكربون على المستهلكين، وهو قرار نال دعمًا كبيرًا من المؤيدين وأثار نقاشًا كبيرًا داخل الأوساط السياسية.
أظهرت الانتخابات الكندية لعام 2025 أن مارك كارني قد نجح في إعادة تشكيل السياسة الكندية بعد فترة من الاضطرابات والانتقادات الحادة لسياسات سابقة. ومع ذلك، فإن الحكومة التي سيقودها ستكون أقلية، مما يعني أن التحديات الاقتصادية والسياسية المقبلة ستتطلب من كارني التحلي بالحكمة والمرونة لتجاوز الأزمات المقبلة.
ماري جندي
المزيد
1