قمت في العام ٢٠١٧ بصحبة زوجتي داليا وأبناءنا التوأم ماريو ومايكل برحلة سياحية إلى أثينا باليونان.
 قام المرشد السياحي بعرض وافٍ لمعالم المدينة الأثرية. لفت نظري ان الأرض بأكملها محاطة بأشجار الزيتون فأنت تجدها في كل مكان أينما ذهبت عيناك ، وقد تعلمت من المرشد السياحي ان هذه الأشجار هي رمز وأحد معالم اليونان الأساسية كما أنها تجلب قيمة مادية كبيرة للبلاد نتيجة لتصدير اجود انواع الزيوت من نتاج هذه الأشجار ! كما رأيت في أحد المناطق أقدم شجرة زيتون عمرها 3400 عام وما زالت تنتج ثمرا… أليس هذا مذهلا ؟ بينما كنت أتطلع إلى العدد الهائل من الأشجار ، تساءلت في داخلي هل يمكن أن أكون شخصا ذو قيمة مثل هذه الشجرة العجوز؟ هل يمكن ان اكون مثمرا؟ وكيف ستبدو هذه الثمار؟ هل ستكون من النوع الجيد؟ ام ستكون ثمار سامة كبعض الثمار التي تخرج من بعض أنواع الأشجار التي تنمو في المناطق الاستوائية دعني أعطيك بعض الأمثلة عن نوعية الثمار التي يمكن أن أحملها كإنسان لمن هم حولي، فقد أختار أن أحمل ثمارا نافعة كالنجاح والحب والفرح والسلام.
أو قد أختار أن أحمل ثمارا ضارة لي ولمن حولي مثل الكراهية وخيبة الأمل والأنانية.
انا اريد ان اعطيك بعض التعليم البسيط من خلال هذا المقال القصير بهدف ان تحمل ثمرا جيدا فهذا عملي ك لايف كوتش أن أساعد الناس لكي يعيشوا بشكل أفضل! وان اتبعت هذا التعليم أعدك أنك ستكون أسعد وأفضل حالا بكثير بل ستكون اكثر احساسا بالقيمة التي يمكن ان تضيفها لمن هم حولك.
 لكن اسمح لي عزيزي القارئ ان اشارك معك احد أقوال السيد المسيح كمدخل لهذا الأمر أنا أعلم أن قراء الجريدة من خلفيات دينية مختلفة وقد نختلف على من هو المسيح كشخص! لكن في كل الاحوال لا يختلف أحد على ان تعاليمه غيرت ومازالت تغير العالم والذي سأشارك جزء بسيط منها بعد قليل.
عزيزي القارئ انه امر يدعو الى الحيرة عندما ننظر حولنا ونتطلع للآخرين اننا لا نرى الكثير ممن يحملون الثمار الجيدة، أليس كذلك؟ نحن بالأحرى نرى المزيد من الأشرار.
 دعني الآن أشارك معك ما قاله يسوع ذات مرة لتلاميذه أَنَا ٱلْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ ٱلْأَغْصَانُ.
 ٱلَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هَذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ…كَمَا أَنَّ ٱلْغُصْنَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي ٱلْكَرْمَةِ، كَذَلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ.
 صديقي، دعني أتوقف هنا لأقول لك، نحن مخلوقين وموجودين في هذا العالم لنكون مثل أشجار أو أغصان تثمر ثمارًا عظيمة للجنس البشري.
 نعم هذه ليست مبالغة لكنها حقيقة لكن قليلون هم الذين يصدقونها فيتركون عظيم الثمار الذي ربما تقتات عليه الناس لأجيال متعددة ربما أنك قد لا تفكر في هذا مطلقًا ، أو ربما تشعر بالتعب والإعياء بسبب ماتمر به من ظروف وتحديات ومخاوف تجعلك تشعر احيانا انك غصن عقيم بلا نفع او قيمة لأحد ولا حتى لنفسك لدي بعض الأخبار السارة لك ، طالما أن الفرع ثابت في جذع الشجرة يمكنه ان يثمر ويكون ذو نفع وقيمة، واليك ٣ خطوات عملية لكي تساعدك في هذا المجال 1- ابحث عن الجذع الذي يحملك وأثبت فيه : كما قلنا الغصن يحتاج الى جذع يحمله وكلما كان هذا الجذع قويا كلما فاض بالعصارة الى الغصن فتكون النتيجة ان يأتي الغصن بالثمر بتلقائية لكن ماذا اقصد بالجذع ؟ هم من حولك من أفراد عائلتك ربما ابوك او امك او اخوك او اختك او ربما يكون أحد من دائرة اصدقائك لكن احرص عندما تنتقي الجذع او الشخص او الاشخاص من هذه الدوائر ان يكونوا لهم صفات معينة وهي ⁃ان يحبوك محبة غير مشروطة (unconditional love) ⁃ان يكونوا أمناء في محبتهم لك بان يواجهوك بأخطائك ان احتاج الامر (tough love) ⁃ان يكونوا من المشجعين ⁃ان يكونوا من ذوي الخبرة في امور الحياة وليسوا بالضرورة من اصحاب الدرجات العلمية تذكر ان الجذع هو الذي سوف يحملك لذلك ينبغي ان يكون قوي 2- اجتياز عملية التقليم: كما يقولون بدون الآلام لا يمكن تحقيق الأحلام (no pain no gain) ، فإن إزالة الأجزاء الميتة منا هي دائمًا الأصعب ، ولكن الأكثر أهمية بالنسبة لنا لكي نؤتي بالثمار.
 ولكن ما هي يا ترى الأجزاء الميتة فينا؟ ⁃يمكن أن تكون الأجزاء الميتة علاقات سامة (أصحاب الأفكار السلبية والمحبطة أو الذين يريدو ان يسقطوا فشلهم عليك) ⁃العادات الجسدية السيئة مثل تضييع الوقت ، والكسل والتسويف ⁃العادات النفسية السيئة كالغضب والإحباط والكذب والخوف والتمركز حول الذات إحرص على ان تجد هذه الاجزاء الميتة وتعمل على ازالتها وعليك ان تتحلى بالصبر لأن هذه هي العملية الاصعب كما ذكرت (قد نتحدث عن هذا الامر بإسهاب في مقالات أخرى) ٣- شارك ثمارك مع الآخرين (كن نافعا ) “مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ” فالإنسان المعطاء كما ثبت يكون أكثر سعادة لذلك يتجه كثيرون من المشاهير في نهاية حياتهم للأعمال الخيرية لأنها تشعرهم بالسعادة بينما التركيز على الأخذ يجعل الإنسان يشعر بالملل والفراغ.
 ولكي تقوم بهذا الدور على الوجه الأكمل إحرص على تنمية نفسك في مجال العطاء الذي ستشارك فيه فانت لاتستطيع ان تعطي مالا تملكه (you can’t give what you don’t have ) أمثلة لما يمكن أن تعطيه ويكون ذي فائدة للآخرين ⁃وقت ⁃مجهود ⁃مال ⁃خبرة جيدة ⁃ان تكون مستمعا جيدا ⁃تنمية مهارات الآخرين باختصار حاول ان تكون سبب في اسعاد او تسديد إحتياج أحد او مساعدة أحد على النهوض بحياته الشخصية او المهنية.
 عندما تفعل هذه الأشياء يكون من شأنها أن تجعل الناس يعرّفونك كشخص ذي قيمة بالنسبة لهم وسيفسحون لك مجال أكبر في حياتهم لتدريبهم وقيادتهم.
 في النهاية فقط تذكر أنك مدعو لتصبح شجرة عظيمة لن يوجد قط يوما ما القدر الكافي منها في هذا العالم.
هناك احتياج لذلك في مجتمعك وبين معارفك واصدقائك فقط أخرج وقرر ان تكون مثمرا وأنا أعدك أنك ستكون أكثر سعادة.

رأي كاتب المقال يعبر عن وجهة نظره الشخصية وليس بالضرورة يعكس رأي الجريدة

6