حدثت أوتاوا إرشادات السفر إلى الصين، مشيرة إلى مخاوف بشأن التطبيق التعسفي للقوانين المحلية، والذي قد يؤدي إلى عقوبات شديدة على الجرائم غير العنيفة وعقوبة الإعدام على الجرائم التي تعتبر خطيرة.
يأتي هذا التحديث بعدما أكدت وزيرة الخارجية الكندية، ميلاني جولي، في 19 مارس، أن الصين أعدمت هذا العام أربعة كنديين بتهم قالت بكين إنها تتعلق بتهريب المخدرات.
وقالت جولي إن كندا “تدين بشدة” هذا القرار، مؤكدة أن أوتاوا ستواصل طلب الرأفة للكنديين الذين يواجهون مواقف مماثلة. وأضافت أن أربعة مواطنين مزدوجي الجنسية (كنديون-صينيون) كانوا من بين الذين تم إعدامهم هذا العام في الصين.
تم تحديث إرشادات السفر في 17 مارس، حيث ذكرت أن قدرة كندا على تقديم المساعدة القنصلية محدودة بسبب “مستوى الشفافية” في النظام القضائي الصيني.
وجاء في التحديث: “في الصين، قد تواجه عقوبات شديدة حتى على الأفعال غير العنيفة، مثل الجرائم المالية. وقد تطبق السلطات الصينية عقوبة الإعدام على الجرائم التي تعتبر خطيرة، بما في ذلك الجرائم المتعلقة بالمخدرات”. وأضافت الإرشادات أن الكنديين قد يُمنعون أيضًا من مغادرة الصين دون سابق إنذار إذا كانوا قيد التحقيق من قبل السلطات.
وكان متحدث باسم وزارة الشؤون العالمية الكندية قد صرّح في وقت سابق لصحيفة Epoch Times بأن كندا تعارض استخدام الصين لعقوبة الإعدام، معتبرًا أن هذا الإجراء “يتعارض مع الكرامة الإنسانية الأساسية”.
وقد طلبت الصحيفة من وزارة الشؤون العالمية تحديد الوقت الذي علمت فيه بعمليات الإعدام، لكنها لم تتلقَّ ردًا حتى وقت النشر.
قلق برلماني بشأن معاملة الصين للكنديين
أعرب النائب المستقل كيفن فونغ عن قلقه إزاء معاملة الصين للمواطنين الكنديين، وكتب في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي في 20 مارس:
“أعدمت الصين 4 كنديين. ليس فقط يجب على مواطنينا تجنب السفر إلى الصين، بل يجب عليهم أيضًا تجنب المرور عبر مطاراتها، بما في ذلك هونغ كونغ.”
تصاعد التوترات بين أوتاوا وبكين
يأتي تحديث إرشادات السفر إلى الصين في ظل تصاعد التوترات التجارية والدبلوماسية بين أوتاوا وبكين.
فقد أعلنت الصين في 8 مارس فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على صادرات الكانولا وزيوت الكانولا والكعك البترولي والبازلاء الكندية، بالإضافة إلى رسوم بنسبة 25% على المأكولات البحرية ولحم الخنزير الكندي.
ويأتي هذا القرار بعد أن فرضت كندا في أكتوبر الماضي رسومًا جمركية بنسبة 100% على السيارات الكهربائية المصنوعة في الصين، و25% على منتجات الألمنيوم والصلب، بحجة أن الصناعات الكندية تواجه خطرًا بسبب “المنافسة غير العادلة” من الشركات الصينية المدعومة بسياسات حكومية تهدف إلى زيادة الإنتاج والإغراق في الأسواق. وقد دخلت الرسوم الصينية حيز التنفيذ في 20 مارس.
كما أثارت أوتاوا هذا الشهر مخاوف بشأن حملة تضليل جديدة مرتبطة بالحكومة الصينية تستهدف شخصيات مقرها كندا تنتقد بكين.
وقالت وزارة الشؤون العالمية الكندية إن هذه الحملة تستخدم أساليب مثل نشر محتوى مزيف بالذكاء الاصطناعي لـ”تخويف وتقليل شأن ومضايقة” المستهدفين في كندا. ووصفتها بأنها “أكثر اتساعًا” من حملة 2023، التي استهدفت العشرات من أعضاء البرلمان، بمن فيهم رئيس الوزراء السابق جاستن ترودو، وزعيم المحافظين بيير بويليفر، وعدة وزراء. وأضافت الوزارة أنها أثارت هذه المخاوف مباشرة مع السفارة الصينية.
وكان تحقيق عام كندي بشأن التدخل الأجنبي قد وصف الصين بأنها “أكبر تهديد مستمر ومتطور” لكندا. كما كشف تقرير نُشر هذا الشهر أن الصين “من المرجح جدًا” أن تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لمحاولة التدخل في الانتخابات العامة الكندية هذا العام.
وفي إحدى قضايا التدخل الأجنبي في وقت سابق من هذا العام، استُهدفت كريستيا فريلاند، المرشحة السابقة لزعامة الحزب الليبرالي، بحملة تضليل تضمنت مقالات إخبارية تنتقدها، نُشرت على مدونة مجهولة الهوية على WeChat يُعتقد أنها مرتبطة بالحكومة الصينية، وفقًا لوزارة الشؤون العالمية.
كما حذرت أوتاوا من محاولات الصين لاختراق الحكومة الكندية. ووفقًا لتقرير صدر عن المركز الكندي للأمن السيبراني في 4 مارس، فقد لوحظت “محاولات متكررة ومستمرة” من بكين لاستهداف جميع مستويات الحكومة الكندية.
وفي ديسمبر الماضي، فرضت كندا عقوبات على ثمانية مسؤولين صينيين كبار، متهمة إياهم بالتورط في “انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”. وقالت أوتاوا إن هذه العقوبات جاءت ردًا على حملة القمع التي تقودها الحكومة الصينية ضد الأقليات الدينية والعرقية، بما في ذلك مسلمي الإيغور في شينجيانغ، والتيبتيين، وممارسي فالون غونغ.
وقالت جولي في بيان صحفي صادر عن وزارة الشؤون العالمية في 10 ديسمبر 2024:
“كندا تشعر بقلق عميق إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في شينجيانغ والتبت وضد ممارسي فالون غونغ. نحن ندعو الحكومة الصينية إلى إنهاء هذه الحملة المنهجية للقمع والوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان.”
يُذكر أن فالون غونغ هو ممارسة روحية تجمع بين الحركات التأملية والتعاليم الأخلاقية المستندة إلى مبادئ الحقيقة والتسامح والرحمة. وعلى الرغم من ممارسته في أكثر من 100 دولة، إلا أنه محظور في الصين، حيث يتعرض أتباعه لحملة قمع مستمرة منذ أكثر من 25 عامًا، تتضمن تقارير عن التعذيب والعمل القسري والاعتداءات الجسدية والجنسية، وحتى نزع الأعضاء القسري.
تحذيرات للمسافرين إلى الصين
تحذر أوتاوا المسافرين الكنديين إلى الصين من ضرورة توخي “درجة عالية من الحذر”. وتشير إلى أن الكنديين قد يواجهون قيودًا على حقوقهم مقارنة بما هو متاح لهم في كندا، بما في ذلك محدودية الخصوصية والتمثيل القانوني.
وأضافت أن الكنديين يجب أن يفترضوا أن السلطات المحلية ستجمع بياناتهم البيومترية عند وصولهم، مشيرة إلى أن السلطات الصينية تعتمد بشكل واسع على تقنية التعرف على الوجه والمراقبة بالفيديو لمراقبة الأنشطة التي تعتبرها مقيدة.
كما حذرت الإرشادات من أن الكنديين لن يتمتعوا بخصوصية عبر الإنترنت في الصين، حيث يمكن للسلطات مراقبة اتصالاتهم في أي وقت أو فحص المحتوى المخزن أو الذي يتم تصفحه على أجهزتهم.
ودعت أوتاوا المسافرين إلى توخي الحذر بشكل خاص عند زيارة شينجيانغ أو التبت، مشددة على تجنب التصوير الفوتوغرافي أو تصوير مقاطع الفيديو، والاستعداد لمواجهة مستويات عالية من الأمن والمراقبة في هذه المناطق التي أثارت مخاوف دولية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان.
وحذرت الكنديين من المشاركة في أي أنشطة تراها السلطات الصينية “تهديدًا للأمن القومي” أو “اضطرابًا للنظام الاجتماعي”، حتى لو لم تكن هذه الأنشطة تُعتبر غير قانونية في كندا.
وأشارت إلى أن السلطات الصينية قد تحتجز المشتبه بهم لمدة تصل إلى ستة أشهر قبل توجيه اتهامات رسمية لهم، وغالبًا ما يتم حرمانهم من الوصول إلى التمثيل القانوني خلال المراحل الأولى من القضية.
المصدر: أكسيجن كندا نيوز
المحرر: هناء فهمي
المزيد
1