خضع قادة الأحزاب السياسية الخمسة التي كانت تشغل مقاعد في البرلمان قبل حله لمقابلات مطولة هذا الأسبوع مع قناة “راديو كندا” العامة، حيث وُجهت بعض الأسئلة المحرجة بشكل خاص لزعيمي الحزب الليبرالي والمحافظين.
وكانت كيفية التعامل مع إدارة ترامب من أبرز المواضيع التي نوقشت، لكن زعيم الحزب الليبرالي مارك كارني واجه أيضًا أسئلة حول خلفيته المهنية قبل دخوله إلى عالم السياسة. في المقابل، طُلب من زعيم المحافظين بيير بوالييفر تحديد موقفه من قضايا تحظى باهتمام خاص في مقاطعة كيبيك.
وفي الوقت الذي يواصل فيه المحافظون وبعض وسائل الإعلام الضغط على كارني للكشف عن أصوله المالية، عاد هذا السؤال للظهور مجددًا في برنامج راديو كندا بتاريخ 3 أبريل.
إلا أن كارني لم يقدّم أي تفاصيل إضافية، ورفض الإفصاح عن الأصول التي وضعها في صندوق استثماري أعمى. وكان كارني، الذي تولّى سابقًا منصب رئيس مجلس إدارة شركة “بروكفيلد لإدارة الأصول”، يمتلك ملايين الدولارات على شكل خيارات أسهم. وسبق له أن صرّح بأنه أنشأ شاشات لمنع تضارب المصالح مع مفوض الأخلاقيات فيما يتعلق بـ”بروكفيلد” وشركة “سترايب” لمعالجة المدفوعات، حيث كان عضوًا في مجلس إدارتها أيضًا، مؤكدًا أنه يلتزم تمامًا بالمتطلبات الأخلاقية.
كما طُرحت خلال الحملة الانتخابية تساؤلات حول استخدام شركة بروكفيلد لملاذات ضريبية في برمودا، واستثماراتها في مشاريع تتعارض مع دعوات كارني لخفض الانبعاثات الكربونية.
وردًا على سؤال حول هذه القضايا وكيف يجب أن يراه الجمهور، قال كارني: “أنا خادم عام في قلبي، ودخلت السياسة لأساهم في معالجة أزمات الإسكان وارتفاع تكاليف المعيشة والأزمة الجمركية، والتي تبيّن أنها أسوأ مما كنت أظن”.
وأضاف كارني، الذي شغل سابقًا منصبي محافظ بنك كندا وبنك إنجلترا: “أنا هنا لأن كندا أعطتني كل شيء، وحان الوقت كي أرد الجميل”.
الركود الاقتصادي
دخلت الرسوم الجمركية الأميركية المتبادلة حيز التنفيذ هذا الأسبوع مع الشركاء التجاريين العالميين، مع إعفاء كندا بسبب رسوم سابقة مفروضة عليها تتعلق بالحدود. ودخلت الرسوم الأميركية على السيارات الأجنبية، التي تشمل كندا، حيز التنفيذ في 3 أبريل، كما أصبحت صادرات كندا من الصلب والألمنيوم خاضعة أيضًا للرسوم نفسها.
وقد أحدثت هذه الإجراءات اضطرابًا في الأسواق العالمية، حيث انخفض مؤشر S&P 500 الأميركي بأكثر من 10% منذ إعلان الرسوم في 2 أبريل.
وعندما سُئل كارني عن احتمال حدوث ركود اقتصادي، قال إن الأمر مرجح على المستوى العالمي، وأضاف: “ما هو مؤكد أن هناك خطر ركود في الولايات المتحدة”، وتابع: “خطر الركود في كندا أيضًا قائم”.
ورفض كارني تحديد ما إذا كان يمكن تفادي الركود من خلال السياسات التي ستعتمدها حكومته، قائلاً: “لدي خبرة واسعة، لكن لا يمكننا أبدًا تقديم ضمانات بشأن الاقتصاد، خاصة في حالات الاضطراب”.
الشؤون الخارجية
وفي الشؤون الخارجية، قارن كارني بين الوضع في أوكرانيا وقطاع غزة، معتبرًا أن كلا الحالتين تتعلقان بسيادة الأراضي. وقال: “هذه المسألة لا يمكن المساس بها” في إشارة إلى حق الفلسطينيين في أراضيهم، مشددًا على ضرورة بذل كل الجهود لإعادة تثبيت وقف إطلاق النار وضمان إيصال المساعدات الإنسانية.
وكانت إسرائيل قد استأنفت عملياتها العسكرية في قطاع غزة مؤخرًا بعد هدنة استمرت قرابة شهرين، مشيرة إلى أن حركة حماس رفضت إطلاق سراح نصف الرهائن المتبقين.
وحين سُئل كارني ما إذا كانت كندا سترسل قوات إلى أوكرانيا للمساهمة في تنفيذ اتفاق سلام محتمل، قال: “الأمر يعتمد على الظروف”.
“علينا أن نكون واقعيين”
بدوره، واجه بوالييفر أسئلة مماثلة حول أوكرانيا وغزة، وهما من أبرز بؤر التوتر العسكري في العالم.
وأكد أن حكومة محافظة ستدعم أوكرانيا “بقوة”، لكنه كان حذرًا بشأن إرسال جنود كنديين، قائلاً: “علينا أن نكون واقعيين في الوقت الحالي”، موضحًا أن القوات المسلحة الكندية بحاجة إلى إعادة تسليح وتأهيل. وأضاف: “يجب أن نكون قادرين على الدفاع عن أنفسنا أولًا”.
وكان بوالييفر قد تعهّد بخفض المساعدات الخارجية لصالح إعادة بناء الجيش، متهمًا الحكومة الحالية بإرسال أموال إلى “ديكتاتوريين” و”إرهابيين” و”بيروقراطيات عالمية”.
وعندما طُلب منه توضيح من يقصد بـ”الإرهابيين”، أشار إلى “أونروا” — وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين — وقال إن موظفين تابعين لها شاركوا في هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي نفذته حماس في إسرائيل. وهنا تدخل مقدم البرنامج وأشار إلى أن أولئك الموظفين تم فصلهم من قبل الأمم المتحدة. وعندما سُئل بوالييفر عمن سيقدم المساعدات للفلسطينيين إذا لم تكن أونروا، أجاب بأن “علاقات أونروا بحماس معروفة منذ عقود”.
الهجرة والقيم الكندية
وسُئل بوالييفر عن موقفه في حال حاول أشخاص الهروب من حملة ترامب ضد الهجرة غير النظامية، لا سيما من دول مثل فنزويلا وكوبا وهايتي، وتوجهوا إلى كندا طلبًا للجوء.
أجاب: “على من يأتي إلى هنا أن يفعل ذلك بشكل منظم”، مشيرًا إلى أن زوجته نفسها جاءت إلى كندا من فنزويلا كلاجئة. وكرر موقفه بأن عدد المهاجرين يجب أن يكون أقل من عدد الوظائف والخدمات الصحية المتوفرة.
كما أعرب عن معارضته لقانون العلمانية في كيبيك، والذي لا يزال قيد النظر القضائي. ويحظر القانون على من يشغلون مناصب سلطة ارتداء رموز دينية.
وقال بوالييفر إنه يدعم فكرة الدولة العلمانية، لكنه يرى في الوقت ذاته أن على الدولة احترام معتقدات الناس.
وأعطى مثالًا على حارس من شرطة الخيالة الكندية الملكية المكلف بحمايته شخصيًا، وقال: “هو مستعد لأن يضحي بحياته لحمايتي. هل يجب أن يُمنع من ممارسة وظيفته لأنه يضع عمامة؟ لا أوافق على ذلك”.
مشاريع الطاقة
وسُئل بوالييفر عن خطته لإحياء مشاريع الطاقة مثل مشروع “GNL كيبيك”، وقال المقدم إن متحدثًا باسم المشروع وصفه بأنه وعد انتخابي فارغ، وسأله إن كان هناك أي مستثمرين لإعادة إطلاق المشروع.
ورد بوالييفر بأن السبب في غياب المستثمرين هو أن الحكومة أجهضت المشروع. وكرّر انتقاده للقوانين الليبرالية التي تحد من قطاع الطاقة مثل قانون تقييم الأثر البيئي وحدود الانبعاثات في قطاع النفط والغاز، مجددًا وعده بإنشاء “مناطق مرخصة مسبقًا” لتطوير مشاريع كبرى.
وأضاف: “يمكننا أن نُضعف روسيا ونتجاوز الأميركيين في الوقت نفسه. لدينا فرصة لبيع غازنا إلى ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، واليونان”.
المحرر:هناء فهمي
المصدر:اكسجين كندا نيوز
المزيد
1