في عام ٢٠٠٦ قررت انا وصديقي عادل محمود، مدير حسابات المصري اليوم انذاك نذهب لنشاهد مبارة للاهلي مع فريق افريقي في استاد القاهرة و كان الاهلي قد فاز في الذهاب و مباراة العودة في القاهرة سهلة و كنا متوقعين “حفلة اهداف”.
و حضرت “الماتش” و قد ذهلت من هول تصرفات شخص كان يجلس خلفي فكان مع كل لعبة يلمس فيها اي لاعب من الاهلي الكرة تجده يمطر اللاعب بوابل من الهجوم والشتائم و اللعنات الصعبة جدا سواء لعب الفريق جيد او سيء.
فلا يتواني ان يسمعنا جميعا بصوته الجهوري سيمفونية سباب مفعمة ببرائه اختراع شتائم جديدة و تركيبات لغوية اول مرة تطرق اذاني من الألفاظ النابية.
و ما ادهشني اكثر حين وجدته “نازل بوصلة نشازه اللفظي” حين يحرز الاهلي اي هدف فساله المشجعين “انت بتشتمهم ليه؟!!!” قال “ماكان من الاول، شوفت ضيعوا كام كورة” !!! المهم المبارة خلصت و الاهلي عمل “سكور هايل” ولكن خرجت من المبارة غير مستمتع بها رغم الفوز العريض للاهلي في الماتش
وفي يوم التالي، الصحافة احتفلت بالفوز الكبير للاهلي علي الفريق الافريقي و تفننت في مدح تكتيك الفريق و المدرب و نجوم الاهلي الرفيعة المستوي.
و طبعا انا تيقنت سريعا ان الانطباع السلبي عن المبارة و عدم الاستمتاع بها كان بسبب فقيه الشتائم اللغوي و المعلق +١٨ الذي يجلس بخلفي. فقد بدل كل حلو ببذاءة غير مبررة.
كانت اي وقفة اندهاش مع نفسي فانا مثل الملايين الذين تغمرهم السعادة في فوز الاهلي باي مبارة و بالاخص في وجود حفلة اهداف ملعوبة مثل ذالك اليوم.
و بتفكير بسيط ادركت بعض الدروس الحياتية والتي احب ان اشارك حضراتكم بها لعلها قد تكون نافعة لاي شخص.
اولا اترك المكان: كان واجبا عليّ ترك هذا المدرج فورا لانه مشبع بطاقة سلبية مدمرة قد تفقدك سلامك و تضعك في حالة مزاجية متعكرة .
الفكر المسموم بينتشر و قابل العدوي. و خلق ثقافة سلبية علي المحيطين به رغم الاداء المقبول جدا لفريق بيكسب و محقق نتائج جيدة جدا .
اترك ما هو مصدر ازعاج و تكدير لنفسيتك . اشتري سلامك و اهرب ( هذا لاينطبق علي افراد الاسرة و الا الكل سوف ينام في الشارع )
ثانيا: الشخص الي بيشتم موجود في كل مكان و كل ما يكون في ناجح يتواجد هذا الشخص او هولاء الاشخاص الحاقدين او المعرقلين لتقدمك .
ليس من المهم دوافعه ممكن يكون حريص بزيادة علي الفريق او حاقد علي اللاعيبة او “مدفوعله” علشان يشتم او…او… لا يهم دوافع هؤلاء، فهم المشتتون و في النهايه كلهم ابرار و لكن في منهم مضحوك عليهم من فكرهم الشرير.
المهم هو انت، لاتتشتت عن هدفك و هذا بعينه ما عمله النادي الاهلي و فاز بعد اهداف، لا فاز بتلك البطولة عن طريق هدف ابو تريكه الشهير في مرمي الصفاقس التونسي بتونس .
لان لا احد يعذرك علي سباب الجماهير لكن يتذكر البطولات التي تصنع التاريخ فقط .
فاصنع تاريخك رغم التشتيت. لم تُمس كرامة لاعبي الاهلي رغم فظاظة الالفاظ و لم يأخذوها بصفة شخصية لانهم في منزلة اخري غير عوام الناس و فجماهير الساحرة المستديرة بها الصالح والطالح و منهم من قد لم ياخذ القسط الكافي من التعليم او الاخلاق.
و الحقيقة المؤسفة تقول انه لطالما وجدت الكرة وجد السباب، حيوية كرة القدم تأجج المشاعر و تفجر الانفعالات. و لكن النادي الاهلي صرح شامخ يكبر مقاما و لا يصغر فلا يتاثر مع هذا النوع من الضغوطات
ثالثا لا تعبئ بالعدوي: وجدت بعد فترة وجيزة من حضوري المبارة وجدت اشخاص ينضمون لحفلة السباب مع هذا الشخص منهم من كان يجامل او حاقد مثله او محتاج ياخذ اللقطة او يصطاد في الماء العكر لتسخين الناس علي بعضها.
اتذكر ذالك النوع الاخير جيدا و كان يزعق بخبث “ايه ده بس الي بتعمله يا فلان” و يضحك ضحكة خبيثة حتي يظهر جزيء من اسنانه الغير مستوية. ( لا تنمر و اكتب اوصف ابرز ما فيه )
لم يتاثر لاعبي الاهلي رغم زيادة العدد و سماع السباب من الجماهير بصوت اوضح. و هذا الذي يطلق عليه الثبات الانفعالي.
و من الطبيعي في حياتنا ان نمر بموجة من الهجوم المبرر او غير المبرر، الثبات الانفعالي اهم شيء و تذكر انهم الجمهور و يُحترم و لكن ليس كل ما يقال ينصت له لان فيه المفيد و فيه ايضا التشتت
رابعا: لا تحاول ارضاء احدا وًكن معطائا هذا الشخص الشتام لم يكف عن شتمه حتي بعد ان سجل الاهلي اهداف كثيرة لم يخجل ابدا و لم يتوقف فكان دائما عنده سبب يبرر لعناته فلا تظن انجازك يبهر تلك الانواع من الاشخاص او حتي يوقفهم بل اصبحت السخرية و الشتائم اسلوب حياة كن راضيا للخير و اهدافك و لا تحمل لاحد ضغينة و انت صدقني المستفيد الاول فان فكرت خيرا فمن اسأوا اليك.
فقد انتصرت علي شرهم بخيرك وحولت طاقة غضبك الي طاقة ايجابية تقترب بها من هدفك و ذاك الذي فعله شادي محمد في اخر المبارة ( اكثر واحد لُعن في الفريق) فقد القي قميص الفريق كهدية للجمهور و لم يكترس من اخذها و ايضا لم يكترس بعدم توقف السباب من الشخص ذاته لانه لم يلتقط هديته هو.
و في الخاتمة كن معطائا ودودا و اهم شيء لا تتلفت عن اهدافك السامية و قد تنفع بها نفسك و المجتمع و لربما يوما ما الرجل الشتام
الاهلي حديد
رامى بطرس
المزيد
1