قدّمت المدققة العامة في أونتاريو، شيلي سبنس، تقريرًا لاذعًا يكشف عن أوجه القصور الخطيرة في عمل وزارتين إقليميتين، موجّهة انتقادات لاذعة لحكومة دوغ فورد بسبب ما وصفته بعمليات غير فعالة، وخدمات تعاني من نقص التمويل، وغياب واضح للرقابة والإشراف.
قدّمت المدققة العامة في أونتاريو، شيلي سبنس، تقريرًا لاذعًا يكشف عن أوجه القصور الخطيرة في عمل وزارتين إقليميتين، موجّهة انتقادات لاذعة لحكومة دوغ فورد بسبب ما وصفته بعمليات غير فعالة، وخدمات تعاني من نقص التمويل، وغياب واضح للرقابة والإشراف.
في أحدث تقاريرها، قامت الهيئة المستقلة للتدقيق بمراجعة أداء برنامج الصحة النفسية للأطفال والشباب في المقاطعة، بالإضافة إلى معايير جودة المياه. وقد أظهر التقرير سلسلة من المشكلات العميقة التي تستدعي تدخلًا عاجلًا لمعالجتها.
قصور في خدمات الصحة النفسية للأطفال
كان أحد القرارات الأولى التي اتخذها دوغ فورد عند توليه منصب رئيس وزراء أونتاريو في عام 2018 هو نقل مسؤولية خدمات الصحة النفسية للأطفال من وزارة شؤون الأطفال والمجتمع والخدمات الاجتماعية إلى وزارة الصحة. ورغم مرور سنوات على هذا القرار، إلا أن تقرير المدققة العامة كشف عن أن هذه الخدمات لا تزال تعاني من ازدواجية في الإشراف، حيث تتولى مسؤوليتها كل من وزارة الصحة ووكالة “أونتاريو هيلث” بشكل منفصل، مما تسبب في حالة من التشتت وعدم الكفاءة.
وأوضح التقرير أن وزارة الصحة لم تقم بإنشاء آليات فعالة بالكامل لإدارة التمويل والإشراف والتخطيط للخدمات التي تقدمها وكالات الصحة النفسية للأطفال والشباب وأسرهم. ونتيجة لذلك، لم تكن هذه الخدمات تُقدَّم دائمًا بناءً على أدلة علمية، كما أنها لم تكن متاحة في الوقت المناسب أو بطريقة منصفة ومنسقة في جميع أنحاء المقاطعة.
خلال العامين الماليين 2023-2024، خصصت الوزارة أكثر من 530 مليون دولار لدعم خدمات الصحة النفسية للأطفال والشباب تحت سن 18 عامًا، من خلال أكثر من 220 منظمة تقدم استشارات وعلاجات نفسية، فضلًا عن برامج علاجية مكثفة. لكن رغم هذا التمويل الكبير، وجد التقرير أن توزيع الموارد لم يكن يعكس الاحتياجات الفعلية في مختلف مناطق أونتاريو، إذ عانت بعض المناطق من نقص حاد في الخدمات مقارنة بأخرى.
ومن بين أوجه القصور التي كشف عنها التقرير، عدم قيام وزارة الصحة بقياس أو تقييم فعالية هذه الخدمات بشكل دوري، كما أنها لم تنشر بيانات علنية حول مدى تحقيق البرامج لأهدافها. ونتيجة لهذا التقييم القاسي، وافقت الوزارة على تنفيذ جميع التوصيات الـ22 التي قدمتها المدققة العامة لتحسين الوضع.
معايير جودة المياه: فجوات خطيرة في الإشراف والاختبار
أما فيما يتعلق بجودة مياه الشرب، فقد أظهر التقرير أن أكثر من 98% من العينات المأخوذة من شبكات مياه الشرب غير البلدية كانت مطابقة لمعايير الجودة الحكومية. لكن المدققة العامة شددت على أن هذه النسبة لا تعكس الحقيقة الكاملة، لأن هناك كميات كبيرة من المياه غير مفحوصة أصلًا، مما يترك ثغرات مقلقة في ضمان سلامة مياه الشرب.
أبرز التقرير عدة مشكلات رئيسية في هذا الملف، منها أن الآبار والمنافذ الخاصة غير مُلزمة قانونيًا بإجراء اختبارات دورية للمياه، مما يعني أن جودة المياه في هذه المصادر غير معروفة تمامًا. كما أن الأنظمة التي تخضع لاختبارات رسمية لا تُلزم دائمًا بفحص جميع أنواع الملوثات، الأمر الذي يترك احتمال وجود مخاطر صحية غير مرصودة.
وإضافة إلى ذلك، وجد التقرير أن الوزارات المسؤولة، وهي وزارة البيئة والمحافظة على الحدائق ووزارة الصحة، تفتقر إلى أنظمة فعالة للإشراف على جودة المياه في الشبكات غير البلدية، حيث فشلت في إجراء عمليات تفتيش منتظمة، وضمان امتثال مقدمي الخدمات للمعايير القانونية.
كما انتقد التقرير تقاعس الحكومة عن تثقيف السكان الذين يعتمدون على الآبار والمنافذ الخاصة بشأن أهمية اختبار مياههم، مما يزيد من احتمالات تعرضهم لمخاطر صحية بسبب المياه الملوثة. ولم تكتفِ المدققة العامة بهذا، بل أشارت أيضًا إلى أن وزارة الصحة لا تمتلك بيانات دقيقة أو كاملة عن الآبار الخاصة، كما أنها لم تقم بقياس مدى فعالية برامجها المتعلقة بجودة المياه أو نشر تقارير شفافة حول التقدم المحرز في هذا المجال.
وفي استجابة فورية لهذا التقرير القاسي، وافقت الوزارتان المعنيتان على تنفيذ جميع التوصيات الـ17 التي قدمها المراجع العام.
ردود فعل غاضبة: “غير مقبول على الإطلاق”
عقب نشر التقرير، سارعت وزارة الصحة إلى إصدار بيان وصف المشكلات التي كشف عنها التقرير بأنها “غير مقبولة على الإطلاق”.
وقالت الوزارة في بيان رسمي:
“تتوقع حكومتنا أن يتمكن أي طفل يحتاج إلى خدمات الصحة النفسية من الحصول على الدعم الذي يحتاجه في الوقت المناسب، بطريقة آمنة وشاملة. ومن غير المقبول إطلاقًا ألا يكون هذا هو الحال”.
كما أصدرت وزيرة الصحة ونائبة رئيس الوزراء، سيلفيا جونز، تعليمات صارمة للوزارة لاتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان تحسين الخدمات “في أسرع وقت ممكن”.
وفي محاولة لإظهار التزام الحكومة بمعالجة المشكلة، أكدت الوزارة أنها استثمرت بالفعل 44.6 مليون دولار إضافية سنويًا لتعزيز خدمات الصحة النفسية للأطفال والشباب، مشددة على ضرورة استغلال هذا التمويل بالشكل الأمثل لضمان حصول الأطفال على الرعاية التي يحتاجونها داخل مجتمعاتهم.
هل ستتحرك الحكومة؟
يكشف تقرير المدققة العامة عن مشاكل عميقة في قطاعين حيويين يؤثران بشكل مباشر على حياة سكان أونتاريو، مما يفرض تحديات كبيرة أمام الحكومة. وبينما تعهدت الوزارات المعنية بالعمل على تنفيذ التوصيات المطروحة، يبقى السؤال الأهم: هل ستتحول هذه التعهدات إلى إصلاحات ملموسة؟ أم أن أوجه القصور ستظل قائمة دون حلول حقيقية؟
الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال.
ماري جندي
المزيد
1