على مدى سنوات، عملت الحكومة الكندية، تحت قيادة الحزب الليبرالي، على تبني سياسات تهدف إلى إجبار شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل أمازون وفيسبوك وجوجل، على دفع ضرائب مقابل الاستفادة من السوق الكندية. وفي الوقت الذي كانت فيه هذه السياسات محورًا رئيسيًا في التشريعات المحلية، قد تجد نفسها الآن في مرمى التحديات، خاصة في ظل إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الذي كان دائمًا حريصًا على حماية مصالح شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى.
على مدى سنوات، عملت الحكومة الكندية، تحت قيادة الحزب الليبرالي، على تبني سياسات تهدف إلى إجبار شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل أمازون وفيسبوك وجوجل، على دفع ضرائب مقابل الاستفادة من السوق الكندية. وفي الوقت الذي كانت فيه هذه السياسات محورًا رئيسيًا في التشريعات المحلية، قد تجد نفسها الآن في مرمى التحديات، خاصة في ظل إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الذي كان دائمًا حريصًا على حماية مصالح شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى.
واحدة من أبرز هذه السياسات هي ضريبة الخدمات الرقمية التي فرضتها كندا، والتي تتطلب من شركات التكنولوجيا العملاقة دفع ضريبة تصل إلى 3% على العائدات التي تحققها من المستخدمين الكنديين. وبالرغم من أن هذه الضريبة قد تبدو كإجراء محلي بسيط، إلا أن تأثيراتها تمتد إلى شركات كبيرة مثل أمازون وجوجل وفيسبوك وأوبر وأير بي إن بي، حيث تلزمها بتقديم إقرارات ضريبية بحلول 30 يونيو 2025. ويُتوقع أن تدر هذه الضريبة حوالي 7.2 مليار دولار كندي على مدار خمس سنوات.
ضريبة بأثر رجعي… ما هي تداعياتها؟
من المثير أن هذه الضريبة لا تُطبق فقط على العائدات المستقبلية، بل تمتد لتشمل أيضًا العائدات التي تحققت منذ عام 2022، مما يزيد من تعقيد الأمور بالنسبة للشركات الأجنبية التي تعمل في السوق الكندية. هذه الخطوة أثارت العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت تشكل تهديدًا للشركات الأمريكية، خاصة في ظل رغبة كندا في جعل هذه الشركات تساهم بشكل أكبر في الاقتصاد المحلي.
لكن مع وصول إدارة ترامب إلى السلطة، يلوح في الأفق احتمال تصعيد الصراع حول هذه الضريبة. في عهد الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، كانت هناك بالفعل محاولات لعرقلة هذه السياسات من خلال الضغط على كندا، ولكن مع عودة ترامب، الذي يشتهر بعلاقاته الوثيقة مع كبار قادة صناعة التكنولوجيا الأمريكية، قد تكون هناك تحركات أقوى ضد هذه الإجراءات.
علاقة ترامب بالشركات التقنية: هل ستكون حجر عثرة؟
من اللافت أن مجموعة من أبرز قادة التكنولوجيا الأمريكية كانوا حاضرين في حفل تنصيب ترامب في يناير الماضي، مثل جيف بيزوس مؤسس أمازون، ومارك زوكربيرج مؤسس ميتا، وتيم كوك من أبل، وسوندار بيتشاي من جوجل، بالإضافة إلى إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا. هذه العلاقة الوثيقة قد تمنح الشركات الأمريكية ثقلاً كبيرًا في التأثير على السياسات التي يقرها ترامب، مما يجعل فرض ضريبة الخدمات الرقمية في كندا هدفًا محتملًا للإدارة الأمريكية.
المسار القانوني: محكمة ترامب مع كندا
تتوقع ميريديث ليلي، أستاذة الشؤون الدولية في جامعة كارلتون، أن إدارة ترامب قد تتحرك في هذا الاتجاه، خاصة أن كندا لا تعتبر سوقًا كبيرًا بالنسبة لهذه الشركات مقارنة بالأسواق الأمريكية، ولكن تبقى العلاقة الوثيقة مع الإدارة الأمريكية مهمة. وأضافت أن الولايات المتحدة قد تستخدم اتفاقية الولايات المتحدة-المكسيك-كندا (USMCA) كأداة للتفاوض مع كندا حول هذه الضريبة.
مخاوف ترامب: هل ستكون الضريبة جزءًا من نزاع أكبر؟
في هذا السياق، تشير ليلي إلى أن الأمر التنفيذي الذي وقعه ترامب في اليوم الأول من رئاسته، والذي يقضي بالانسحاب من المبادرات الدولية المتعلقة بالضريبة الرقمية، يشير إلى أن الولايات المتحدة قد تتخذ إجراءات صارمة ضد أي دول تفرض ضرائب تؤثر بشكل غير متناسب على الشركات الأمريكية. هذا يتضمن، بالطبع، كندا. وبحسب ليلي، من المحتمل أن تتسارع المناقشات بين البلدين بعد منتصف مارس 2025، عندما يتوقع أن يقدم وزير الخزانة الأمريكي تقريرًا عن الإجراءات التي يجب اتخاذها.
التحديات الأخرى: قوانين تنظيم الإنترنت في كندا
إلى جانب ضريبة الخدمات الرقمية، قد تكون قوانين تنظيم الإنترنت في كندا هدفًا آخر للإدارة الأمريكية. فقد تم إدخال قانون البث عبر الإنترنت في كندا لتشمل المنصات الرقمية التي تبث محتوى عبر الإنترنت، مثل نيتفليكس وأمازون برايم. هذا القانون يفرض على شركات البث الأجنبية، مثل نيتفليكس، المساهمة في تمويل المحتوى الكندي. هذه الإجراءات قد تزيد من التوترات بين كندا والولايات المتحدة، خاصة مع الضغط الأمريكي المستمر لتجنب فرض شروط من شأنها أن تؤثر سلبًا على شركاتها.
القضية الأوسع: هل هناك تسوية في الأفق؟
يرى مايكل جايست، أستاذ القانون في جامعة أوتاوا والمتخصص في التجارة الإلكترونية، أن الإدارة الأمريكية قد تستخدم هذه القضايا كجزء من استراتيجيتها الأوسع للتفاوض مع كندا. قد تستخدم الولايات المتحدة التهديد بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات كندية كأداة ضغط، على أمل أن تتراجع الحكومة الكندية عن قوانينها الحالية بشأن الضرائب وتنظيم الإنترنت. وفي حال فشلت هذه المحاولات، قد تلجأ الولايات المتحدة إلى تسوية النزاعات بموجب اتفاقية الولايات المتحدة وكندا والمكسيك لإثناء كندا عن فرض هذه القوانين.
الخلاصة: مرحلة حرجة في العلاقات التجارية بين كندا وأمريكا
تبدو العلاقة بين كندا والولايات المتحدة في الوقت الراهن في مفترق طرق حاسم. من جهة، تسعى كندا إلى تعزيز موقفها المالي من خلال فرض ضرائب على الشركات الكبرى، ومن جهة أخرى، تسعى الولايات المتحدة لحماية مصالح شركاتها التكنولوجية الكبرى. في هذا السياق، يمكن أن تكون ضريبة الخدمات الرقمية وما يرتبط بها من قوانين تنظيم الإنترنت أحد الملفات الشائكة التي قد تقود إلى تصعيد النزاع التجاري بين الجانبين.
ماري جندي
المزيد
1