في مدينة سانت-أمابل الواقعة في كيبيك، يتم تقديم خيار واضح أمام السكان: إما أن تزرع شجرة في حديقتك الأمامية أو تدفع ضريبة. هذه المدينة الصغيرة التي تبعد حوالي 30 كيلومترًا شمال شرق مونتريال، قامت بتطبيق ضريبة سنوية قدرها 200 دولار على أصحاب المنازل الذين لا يملكون أشجارًا في حدائقهم، وذلك في خطوة تهدف إلى مواجهة تحديات بيئية متعددة، أبرزها الحد من ظاهرة “الجزر الحرارية” وتحسين التنوع البيولوجي في المنطقة.
في مدينة سانت-أمابل الواقعة في كيبيك، يتم تقديم خيار واضح أمام السكان: إما أن تزرع شجرة في حديقتك الأمامية أو تدفع ضريبة. هذه المدينة الصغيرة التي تبعد حوالي 30 كيلومترًا شمال شرق مونتريال، قامت بتطبيق ضريبة سنوية قدرها 200 دولار على أصحاب المنازل الذين لا يملكون أشجارًا في حدائقهم، وذلك في خطوة تهدف إلى مواجهة تحديات بيئية متعددة، أبرزها الحد من ظاهرة “الجزر الحرارية” وتحسين التنوع البيولوجي في المنطقة.
ومن خلال هذه المبادرة البيئية، يأمل مسؤولو المدينة في تقليل تأثير ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، والذي يمكن أن يضر بصحة السكان، وخاصة كبار السن والأطفال. ويرى الخبراء أن زيادة المساحات الخضراء وزراعة الأشجار في الحديقة الأمامية تعتبر من الحلول الفعالة للتعامل مع هذه التحديات.
قانون جديد، تحديات جديدة
حسب تصريحات جان سيباستيان مينارد، المدير العام لمدينة سانت-أمابل، فإن القانون الذي يُلزِم السكان بزراعة شجرة في الحديقة الأمامية لم يكن جديدًا، بل كان مطبقًا منذ سنوات. ومع ذلك، تم اتخاذ خطوة فرض الضريبة على المنازل التي لا تلتزم بهذا القانون بعد أن أظهرت نتائج دراسة حديثة أجرتها جامعة لافال أن المدينة تتعرض بشكل متزايد لموجات حر، وهو ما يعود جزئيًا إلى الجزر الحرارية التي تتشكل بفعل تكدس الأسطح الخرسانية والأسفلت التي تحتفظ بالحرارة.
ووفقًا لما ذكره مينارد، فإن المدينة شهدت توسعًا سكنيًا كبيرًا في العقدين الماضيين، مما أدى إلى تراجع المساحات الخضراء وزيادة المناطق التي تفتقر إلى الأشجار، وهو ما يعمق ظاهرة الجزر الحرارية. وبتطبيق هذا القانون، يأمل المسؤولون في تحسين بيئة المدينة وجعلها أكثر تحملًا للحرارة.
التكنولوجيا تساهم في الجهود البيئية
لمتابعة تنفيذ هذا القانون، استعانت المدينة بشركة خرائط متنقلة تُدعى “جاكارتو”، والتي قامت بمسح حدائق المنازل في المدينة لتحديد المواقع التي تفتقر إلى الأشجار. من بين 3000 ياردة تم فحصها، تبين أن حوالي 1200 ياردة خالية من الأشجار، مما دفع المدينة لإرسال إشعارات إلى أصحاب هذه المنازل. كما نظمت المدينة مزادين لبيع الأشجار بأسعار مخفضة، مما ساهم في قيام العديد من السكان بزراعة الأشجار.
الضريبة تثير الجدل
ومع ذلك، لم تكن هذه المبادرة خالية من الجدل. فقد تلقت حوالي 400 منزل فواتير ضرائب تبلغ قيمتها 200 دولار نتيجة لعدم امتلاكهم لأشجار في حدائقهم. وفي هذا السياق، عبرت سارة كيم أوروبيلو، وهي مالكة عقارات في المدينة، عن استيائها من تطبيق الضريبة عليها، رغم أنها قامت بشراء أشجار من البلدية وغرسها في حدائقها. وقالت إن البلدية لم تستقبل النموذج المطلوب منها تقديمه، مما جعلها تضطر لدفع الضريبة رغم التزامها بالقانون. وأضافت أنها لم تتمكن من استعادة المبلغ المدفوع رغم حصولها على إيصالات تثبت أنها اشترت شجرة.
تأثيرات الضريبة على السكان
كما أثار الموضوع انتقادات من سكان آخرين، مثل سيمون لاكوست، رئيس بلدية سابق في سانت-أمابل، الذي وصف الضريبة بأنها “غير عادلة ومسيئة”. وأشار إلى أنه سمع من العديد من السكان الذين فرضت عليهم الضريبة رغم أنهم امتثلوا للقانون وزرعوا أشجارًا في حدائقهم. وأضاف أن بعض السكان الذين كانوا يظنون أن أشجارهم تم زرعها بشكل صحيح فوجئوا بأن المدينة لا تعتبرها “أشجارًا” لأن حجمها أو نوعها لم يكن مطابقًا للمواصفات.
دور السياسات البيئية في تشجيع السلوكيات الصديقة للبيئة
من ناحية أخرى، تقول فاني تريمبلاي راسيكوت، أستاذة الإدارة البلدية في المدرسة الوطنية للإدارة العامة في كيبيك، إن هذه المبادرة تمثل ما يعرف بـ “الميزانية البيئية”، وهي مجموعة من الأدوات السياسية التي تهدف إلى تحفيز السلوكيات الصديقة للبيئة عبر فرض ضرائب على السلوكيات السلبية أو عدم الامتثال. وأضافت أن العديد من المدن قد تبنت سياسات مماثلة، مثل فرض رسوم على مواقف السيارات أو فرض رسوم على المطورين العقاريين مقابل كل شجرة يتم قطعها. وفيما يتعلق بنظام الضرائب الذي اعتمدته سانت-أمابل، أشارت إلى أن هذه الطريقة تتطلب إجراءات بيروقراطية أقل مقارنة مع استخدام المخالفات، وهو ما يجعلها أكثر فعالية وسرعة في التنفيذ.
آمال مستقبلية
على الرغم من الانتقادات، أشار مينارد إلى أن أغلب سكان سانت-أمابل يتفقون مع الأهداف البيئية التي تسعى المدينة لتحقيقها، والتي تشمل مضاعفة غطاء الأشجار في المدينة وزراعة أكثر من 12 ألف شجرة في الأراضي العامة خلال السنوات المقبلة. كما أضاف أن المدينة ستواصل العمل على تحسين البيئة من خلال هذه السياسات، على الرغم من بعض الانتقادات التي طالت تطبيق الضريبة.
وفي النهاية، يظل السؤال قائمًا: هل ستنجح هذه المبادرة في تحقيق أهدافها البيئية على المدى الطويل؟ وهل سيستمر السكان في دعم هذه السياسات رغم بعض التحديات التي قد تواجههم في تطبيقها؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة على هذه التساؤلات.
ماري جندي
المزيد
1