قد يبدو للوهلة الأولى أن الهجرة ليست موضوعًا رئيسيًا في الساحة السياسية، لكن في نوفا سكوشا، باتت الهجرة والنمو السكاني من القضايا الساخنة التي تثير الجدل في الانتخابات الإقليمية الحالية. ففي مواجهة التحديات الاقتصادية المتزايدة، وقع زعيم حزب المحافظين التقدمي في المقاطعة، تيم هيوستن، في مرمى الانتقادات بسبب تصريحاته المثيرة للجدل حول زيادة عدد السكان في نوفا سكوشا بشكل كبير. هذه التصريحات، التي تناول فيها خططًا لزيادة عدد سكان المقاطعة من مليون إلى مليوني نسمة بحلول عام 2060، أصبحت محط أنظار الخصوم السياسيين، الذين حاولوا استغلالها لضرب مصداقية هيوستن في حملته الانتخابية.
قد يبدو للوهلة الأولى أن الهجرة ليست موضوعًا رئيسيًا في الساحة السياسية، لكن في نوفا سكوشا، باتت الهجرة والنمو السكاني من القضايا الساخنة التي تثير الجدل في الانتخابات الإقليمية الحالية. ففي مواجهة التحديات الاقتصادية المتزايدة، وقع زعيم حزب المحافظين التقدمي في المقاطعة، تيم هيوستن، في مرمى الانتقادات بسبب تصريحاته المثيرة للجدل حول زيادة عدد السكان في نوفا سكوشا بشكل كبير. هذه التصريحات، التي تناول فيها خططًا لزيادة عدد سكان المقاطعة من مليون إلى مليوني نسمة بحلول عام 2060، أصبحت محط أنظار الخصوم السياسيين، الذين حاولوا استغلالها لضرب مصداقية هيوستن في حملته الانتخابية.
تيم هيوستن وخطة “مضاعفة عدد السكان”
في مقابلة بودكاست أجراها في عام 2022، وصف هيوستن هذا المخطط الطموح بأنه خطوة ضرورية لتنشيط الاقتصاد المحلي: “الناس هم من يقودون الاقتصادات، لذا فنحن بحاجة إلى الناس… نحن نعلم جيدًا ما يحدث عندما تُفقد المجتمعات سكانها. تُغلق المدارس، وتُغلق المتاجر، وتبدأ المجتمعات في الدخول في دوامة سلبية، لأن الذين يبقون غالبًا ما يكونون من كبار السن.”
ومن خلال هذا التصريح، كان هيوستن يشير إلى أهمية جذب المهاجرين لمواكبة الطلب على اليد العاملة في سوق العمل المحلي، والتي تُعاني من نقص حاد في العمالة الماهرة. ورغم تلك التصريحات التي أثارت القلق في بعض الأوساط، أكد هيوستن في وقت لاحق أن حزبه يركز على الهجرة التي تلبي احتياجات العمالة المتخصصة، مؤكدًا أن المقاطعة لا تحتاج إلى زيادة عدد السكان بشكل غير موجه، بل يجب أن يكون النمو السكاني منسجمًا مع الحاجة الفعلية للقوى العاملة.
الانتقادات السياسية و”خطة الليبراليين”
في المقابل، استغل الحزب الليبرالي في نوفا سكوشا هذه التصريحات في حملة انتخابية ناقدة، مشيرًا إلى أن خطة هيوستن لزيادة عدد السكان هي خطة “متهورة” قد تؤدي إلى مزيد من الضغوط على البنية التحتية للمقاطعة. أطلق الحزب الليبرالي حملة دعائية تروج لفكرة أن هدفهم هو “التخطيط بشكل مستدام”، مشيرين إلى ضرورة تقييد النمو السكاني بحيث يقتصر على أولئك الذين يلبي احتياجات سوق العمل من العمال المهرة وأسرهم فقط. وتبنى الليبراليون شعارًا مثيرًا للجدل، يقول: “على عكس تيم ‘مضاعفة عدد السكان’ هيوستن، نحن هنا لنعمل من أجلك.”
وقد حدّد الحزب الليبرالي في حملته أربع أولويات رئيسية، تتعلق ثلاث منها بالقضايا التقليدية التي تهم معظم الكنديين مثل تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية، وتخفيض تكاليف المعيشة، وجعل الإسكان في متناول الجميع. ولكن أبرز ما في برنامجه الانتخابي هو وعده بـ”إيقاف جهود هيوستن لمضاعفة عدد السكان”، قائلين إن المقاطعة بحاجة إلى إدارة النمو السكاني بشكل أكثر حكمة، من خلال تعزيز البنية التحتية والموارد مثل الإسكان والرعاية الصحية والمدارس قبل التفكير في مزيد من التوسع السكاني.
نمو السكان في نوفا سكوشا: تحدي جديد
إذا كانت هذه التصريحات جزءًا من نقاشات انتخابية، فإن الواقع السكاني في نوفا سكوشا في السنوات الأخيرة يفرض نفسه كأحد أكبر التحديات التي تواجه المقاطعة. فبعد عقود من الزمن كانت المقاطعة تعاني من مشكلة نزوح السكان، حيث كانت تترك العديد من المجتمعات بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، ولا سيما في المناطق الريفية، في اتجاه مناطق أخرى مثل ألبرتا حيث فرص العمل في حقول النفط. ولكن، في الآونة الأخيرة، بدأت نوفا سكوشا تشهد زيادة كبيرة في عدد السكان نتيجة للهجرة الدولية، وهو ما جعل المقاطعة تشهد نموا في عدد السكان أكبر من أي فترة سابقة منذ يوليو 2022، بحسب بيانات حكومية.
ومن الواضح أن الهجرة أصبحت عاملًا رئيسيًا في هذا النمو السكاني، حيث زاد عدد الوافدين الجدد بشكل ملحوظ، مما ساهم في دفع النمو السكاني في نوفا سكوشا إلى مستوى غير مسبوق. فعلى سبيل المثال، سجلت المنطقة في عام 2022 معدل نمو بلغ 3.1%، متفوقة بذلك على المعدل الوطني البالغ 2.7%. هذا التحسن في النمو السكاني يعود بشكل رئيسي إلى تدفق المهاجرين الدوليين إلى كندا الأطلسية، وهو ما يعكس أهمية الهجرة بالنسبة لهذه المقاطعات في ظل التحديات الاقتصادية.
التحديات المتعلقة بالنمو السكاني
ومع زيادة عدد السكان، يواجه المجتمع الكندي تحديات جديدة ترتبط بالإسكان والرعاية الصحية، حيث تسود المخاوف من أن النمو السريع قد يفاقم الأزمات التي تعاني منها هذه القطاعات. أظهر استطلاع رأي أجرته شركة أباكوس في نوفمبر 2023 أن نسبة كبيرة من الكنديين يشعرون بأن المجتمعات المحلية تشهد نموًا “سريعًا جدًا”، مع تصدر نوفا سكوشا القائمة بنسبة 57%. وتظهر هذه النسب أن هناك قلقًا متزايدًا بين المواطنين حول قدرة البنية التحتية على مواكبة هذا النمو الكبير.
لقد أثار هذا القلق العميق حتى في الحكومة الفيدرالية، التي بدأت في تعديل بعض سياساتها المتعلقة بالهجرة على ضوء الاستطلاعات التي تظهر تزايد المخاوف من التأثيرات السلبية للنمو السكاني السريع على الخدمات العامة.
المستقبل السياسي لنوفا سكوشا
في نهاية المطاف، يظهر أن التركيز على النمو السكاني والهجرة في هذه الانتخابات الإقليمية يعكس تحولًا كبيرًا في أولويات المجتمع الكندي، حيث أصبح النمو السكاني ليس مجرد قضية اقتصادية، بل قضية سياسية وثقافية تؤثر على مستقبل المجتمع والبنية التحتية في المقاطعة. وبينما يختلف الحزب الليبرالي وحزب هيوستن في طريقة معالجة هذه القضية، يبقى أن نوفا سكوشا تشهد تحولًا تاريخيًا في طريقة تعاملها مع الهجرة، وهو تحول سيترك آثارًا بعيدة المدى على السياسة المحلية والإقليمية.
تظل الأسئلة مفتوحة حول كيفية تعامل الحكومة المقبلة مع هذه التحديات، وما إذا كان التركيز على النمو السكاني سيصبح قضية رئيسية في باقي المقاطعات الكندية التي تشهد أيضًا زيادة في عدد السكان.
ماري جندي
المزيد
1