في فجر مايو، وتحديدًا في الأيام القليلة الأولى من هذا الشهر، يحدث حدث سماوي مميز يستحق المشاهدة: زخات شهب إيتا الدلويات التي تتناثر عبر السماء مثل النجوم المتساقطة. تلك الشهب، التي تتألق في الأفق الجنوبي، تأتي نتيجة لاصطدام الأرض بحطام مذنب هالي الذي يعبر الفضاء. يحدث هذا الظاهرة كل عام، لكن هذا العام يشهد فُرصة مميزة، حيث تتزامن ذروة الشهب مع ليلة مظلمة خالية من القمر، مما يجعل الرؤية أكثر وضوحًا وروعة.
في فجر مايو، وتحديدًا في الأيام القليلة الأولى من هذا الشهر، يحدث حدث سماوي مميز يستحق المشاهدة: زخات شهب إيتا الدلويات التي تتناثر عبر السماء مثل النجوم المتساقطة. تلك الشهب، التي تتألق في الأفق الجنوبي، تأتي نتيجة لاصطدام الأرض بحطام مذنب هالي الذي يعبر الفضاء. يحدث هذا الظاهرة كل عام، لكن هذا العام يشهد فُرصة مميزة، حيث تتزامن ذروة الشهب مع ليلة مظلمة خالية من القمر، مما يجعل الرؤية أكثر وضوحًا وروعة.
متى وأين وكيف تشاهد شهب إيتا الدلويات؟
تبدأ زخات شهب إيتا الدلويات في الظهور تقريبًا من منتصف أبريل حتى أواخر مايو، ولكن الذروة المثالية للمراقبة تحدث في فترة ضيقة جدًا حول الخامس من مايو. في هذه الفترة، يلتقي تيار الحطام الذي يطلقه مذنب هالي مع الغلاف الجوي للأرض، ما يتسبب في احتراق قطع الحطام المتناثرة وظهورها كنجوم ساطعة في السماء.
إذا كنت ترغب في مشاهدة هذه الظاهرة السماوية، يُفضل التوجه إلى المناطق التي توفر سماءً مظلمة بعيدًا عن الأضواء الاصطناعية للمدن. ويفضل أن تُشاهد الشهب بعيدًا عن النقطة المشعة (النقطة التي تبدو الشهب وكأنها تتجمع منها في السماء)، وتحديدًا في الاتجاه الجنوبي حيث يفضل العثور على كوكبة الدلو. رغم أن نقطة الإشعاع تتوافق تقريبًا مع النجم إيتا الدلو، فإنه لا يجب النظر مباشرة إلى هذه النقطة، بل ينبغي توجيه عينيك إلى السماء بأكملها لمراقبة الشهب وهي تتناثر.
وفي حال كنت تشاهد السماء في ظروف مثالية، مثل ليلة مظلمة بلا قمر، يمكن أن ترى ما بين 10 إلى 20 شهابًا من شهب إيتا الدلويات في الساعة، حسب المكان الذي تتواجد فيه.
ماذا يعني “المشع” في شهب إيتا الدلويات؟
من المحتمل أن يتساءل البعض عن السبب الذي يجعل شهب إيتا الدلويات تظهر وكأنها تشع من نقطة واحدة في السماء، بالقرب من نجم إيتا الدلو، رغم أنها في الواقع لا تأتي من هناك. والسبب في ذلك يعود إلى تأثير منظور الفضاء. تعمل الشهب على مسارات متوازية عبر الفضاء، وعندما نراها على هذه المسارات المتوازية، يظهر لنا وكأنها تنبعث من نقطة واحدة في السماء، وهي النقطة المشعة. ولكن في الحقيقة، الشهب لا تأتي من هذا النجم البعيد الواقع على بعد 170 سنة ضوئية عن الأرض.
تُستخدم نفس فكرة منظور النقطة الواحدة التي قدمها ليوناردو دافنشي، حيث تظهر الأشياء المتوازية في الأفق وكأنها تلتقي، ولكنها في الواقع لا تلتقي أبدًا. وبالتالي، فإن الشهب، رغم أن مساراتها تتوازى وتبدو وكأنها تلتقي في نقطة إشعاع واحدة، إلا أنها في الواقع تحترق في غلافنا الجوي على ارتفاعات تتراوح بين 80 إلى 100 كيلومتر فوق سطح الأرض.
من أين تأتي شهب إيتا الدلويات؟
شهب إيتا الدلويات ليست مجرد أحداث عشوائية في السماء، بل هي نتيجة لمرور الأرض عبر تيار الحطام الذي خلفه مذنب هالي. تبدأ المذنبات حياتها ككرات من الثلج والغبار، وعندما تقترب من الشمس، تتعرض لتسامي المواد المتطايرة من سطحها، مما يترك وراءه سحابة من الحطام. هذا الحطام يظل منتشرًا في الفضاء، وعندما تمر الأرض خلاله، تحترق قطع الحطام في غلافنا الجوي وتتحول إلى نيازك.
وتُعد شهب إيتا الدلويات واحدة من بين العديد من الزخات الشهابية التي تحدث كل عام، ولكنها تبرز بسبب ارتباطها بمذنب هالي، الذي يدور حول الشمس مرة كل 76 عامًا. هذا المذنب كان قد شوهد آخر مرة في النظام الشمسي في الثمانينيات، وسيتعين علينا الانتظار حتى عام 2061 لرؤيته مجددًا.
إن تاريخ مذنب هالي يعود إلى آلاف السنين، وقد رُصد منذ العصر الهيليني، وكان الفلكي الإنجليزي إدموند هالي هو أول من اكتشف أن ظهورات المذنب المتكررة كانت ناتجة عن نفس الجسم السماوي. وقد شهدت التكنولوجيا تطورًا ملحوظًا، حيث كانت مركبة الفضاء “جيوتو” أول مركبة فضائية تدرس نواة مذنب هالي عن قرب، حيث قامت بتحليل تكوينه الجليدي ورصد الغلاف الغازي الذي يحيط به.
خلاصة
إذا كنت من محبي الفضاء والمراقبة السماوية، فإن شهب إيتا الدلويات في بداية مايو تعد فرصة لا تفوت لمراقبة هذه الزخات الرائعة. تذكر أن تبتعد عن أضواء المدينة وتبحث عن مكان مظلم لرصد الشهب في سماء صافية. ومع مرور السنين، تظل زخات الشهب هذه شاهدًا على تفاعل الأرض مع حطام المذنبات التي تمر عبر نظامنا الشمسي، مما يضيف لمسة سحرية لسماء الربيع.
ماري جندي
المزيد
1