في خطوة وُصفت بالجريئة والمثيرة للجدل، أعلن رئيس وزراء ساسكاتشوان، سكوت مو، أن حكومته بصدد إلغاء ضريبة الكربون على القطاع الصناعي، ما سيجعل ساسكاتشوان أول مقاطعة في كندا تُعفى بالكامل من هذه الضريبة.
في خطوة وُصفت بالجريئة والمثيرة للجدل، أعلن رئيس وزراء ساسكاتشوان، سكوت مو، أن حكومته بصدد إلغاء ضريبة الكربون على القطاع الصناعي، ما سيجعل ساسكاتشوان أول مقاطعة في كندا تُعفى بالكامل من هذه الضريبة.
خطوة لتخفيف الأعباء الاقتصادية
أكد مو أن هذه الخطوة ستجعل الشركات أكثر قدرة على المنافسة، لا سيما في ظل استمرار الولايات المتحدة في فرض رسوم جمركية على كندا. وأضاف أن المستهلكين في المقاطعة سيحصلون على “استراحة” من الأعباء المالية الناتجة عن هذه الضريبة، مشيرًا إلى أن القرار سيؤدي إلى توفير مئات الدولارات سنويًا للعائلات وأصحاب الأعمال الصغيرة.
وفي مقطع فيديو نُشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي في 26 مارس، أوضح مو التأثير المباشر لهذا القرار، قائلًا:
“التأثير الفوري هو إزالة ضريبة الكربون من فواتير الكهرباء الخاصة بـ SaskPower، مما يعني توفيرًا كبيرًا للعائلات والشركات الصغيرة. وعلى المدى الطويل، ستنخفض تكاليف المنتجات الاستهلاكية التي تتأثر بضريبة الكربون الصناعية.”
تغيير في السياسة الكندية حول ضريبة الكربون
قبل أيام قليلة من هذا الإعلان، قام مارك كارني، الذي أدى اليمين الدستورية كرئيس للوزراء في 14 مارس، بتوقيع توجيه يحدد معدل ضريبة الكربون على المستهلك بنسبة 0% اعتبارًا من الأول من أبريل. لكنه لم يتمكن من إزالة التشريع بشكل كامل بسبب تعليق البرلمان آنذاك.
صرّح كارني بأن ضريبة الكربون المفروضة على المستهلكين أصبحت مثيرة للانقسام بشدة، وأكد أنه يسعى إلى تنفيذ سياسة مناخية جديدة تكون أكثر اتساقًا ووضوحًا. وبموجب قراره، لن يضطر المستهلكون وأصحاب الشركات الصغيرة بعد الآن إلى دفع أي رسوم على الوقود. ومع ذلك، ستظل الشركات الكبرى ملزمة بدفع الضريبة من خلال نظام يعتمد على الإنتاج.
المعارضة المستمرة من سكوت مو وحكومته
لطالما كان سكوت مو من أشد المعارضين لضريبة الكربون في كندا، وسبق أن اتخذ خطوات لمواجهتها. ففي عام 2023، قررت حكومة ساسكاتشوان وقف تحصيل ضريبة الكربون على التدفئة المنزلية اعتبارًا من يناير 2024، ردًا على قرار الحكومة الفيدرالية بعدم إعفاء جميع أنواع وقود التدفئة المنزلية من الضريبة.
وكانت أوتاوا قد قررت إعفاء وقود التدفئة المنزلية من الضريبة في خريف 2023، ما أدى إلى استفادة كبيرة لسكان كندا الأطلسية. لكن القرار لم يكن له نفس التأثير على المقاطعات الغربية، حيث يعتمد السكان بشكل أساسي على الغاز الطبيعي لتدفئة منازلهم.
وفي خطوة أخرى، أقرت حكومة ساسكاتشوان تشريعًا يجعل شركة “ساسك إنرجي” الموزع الحصري المسجل للغاز الطبيعي، وذلك بهدف حماية موظفيها وأعضاء مجلس إدارتها من أي مسؤولية قانونية قد تفرضها أوتاوا نتيجة لعدم تحصيل الضريبة على التدفئة المنزلية.
هذا التحرك أثار ردود فعل حادة من قبل الحكومة الفيدرالية، حيث وصف ستيفن جيلبو، وزير البيئة آنذاك، قرار مو بأنه “غير مسؤول”، مشددًا على أن رفض تحصيل الضريبة قد يكون غير قانوني.
تطورات سياسة تسعير الكربون في كندا
تفاوتت أنظمة تسعير الكربون من مقاطعة لأخرى منذ أن فرض رئيس الوزراء السابق جاستن ترودو هذه الضريبة كجزء من استراتيجيته لمكافحة تغير المناخ. وكان الهدف من هذه الضريبة، التي أُقرت بموجب قانون تسعير تلوث الغازات المسببة للاحتباس الحراري لعام 2018 (GGPPA)، هو وضع حد أدنى لسعر انبعاثات الكربون، مما يسمح للمقاطعات بفرض نظامها الخاص طالما أنه يلتزم بهذه الحدود الدنيا.
ومع ذلك، فإن قرار ساسكاتشوان بالتخلص التام من هذه الضريبة يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الحكومة الفيدرالية ستفرض خطة احتياطية لاستعادة الإيرادات الضريبية المفقودة من هذه المقاطعة.
كولومبيا البريطانية تحذو حذو ساسكاتشوان
لم يكن قرار ساسكاتشوان هو الوحيد في هذا الاتجاه، فقد أعلنت مقاطعة كولومبيا البريطانية أنها ستتبع نفس الخطوة. وصرّح رئيس وزرائها ديفيد إيبي أن مقاطعته ستقوم بإلغاء ضريبة الاستهلاك، وأكدت الحكومة أن هذا القرار سيدخل حيز التنفيذ في الأول من أبريل.
ضريبة الكربون في كندا.. من البداية إلى الآن
تم فرض ضريبة الكربون لأول مرة عام 2019، حيث تم تسعير الكربون عند 20 دولارًا للطن، ثم ارتفع تدريجيًا ليصل إلى 50 دولارًا للطن في 2022. وكان من المخطط أن يستمر ارتفاع السعر بمقدار 15 دولارًا للطن سنويًا حتى يصل إلى 170 دولارًا للطن بحلول عام 2030، في إطار جهود أوتاوا لتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.
إلا أن المعارضة الشديدة لهذه الضريبة، لا سيما من قبل ساسكاتشوان ومقاطعات أخرى، جعلت الحكومة الفيدرالية تعدل بعض سياساتها، حيث بدأت بالفعل بإلغاء بعض جوانب الضريبة المفروضة على المستهلكين.
ماذا بعد؟
مع استمرار بيير بواليفير، زعيم حزب المحافظين، في تعهده بإلغاء ضريبة الكربون بالكامل إذا أصبح رئيسًا للوزراء، يبدو أن هذه القضية ستظل نقطة محورية في السياسات الكندية خلال السنوات المقبلة.
وبينما تعتبر الحكومة الفيدرالية أن ضريبة الكربون أداة حيوية لمكافحة التغير المناخي، فإن ساسكاتشوان وكولومبيا البريطانية ترى أن التكاليف الاقتصادية لهذه السياسة تفوق فوائدها البيئية.
الأسابيع القادمة ستكون حاسمة لمعرفة ما إذا كانت الحكومة الفيدرالية ستسمح لهذه التغييرات بالاستمرار، أم أنها سترد بإجراءات جديدة لفرض الضريبة مجددًا على المقاطعات المتمردة.
ماري جندي
المزيد
1