في خطوة حاسمة ستعيد تشكيل المشهد السياسي الكندي، يتوجه الناخبون في 28 أبريل/نيسان إلى صناديق الاقتراع، عقب إعلان رئيس الوزراء مارك كارني رسميًا عن إجراء انتخابات ربيعية. جاء هذا القرار بعد لقائه بالحاكمة العامة ماري سيمون، حيث طلب منها حل البرلمان الرابع والأربعين، لتنتهي بذلك أطول حكومة أقلية في تاريخ كندا.
في خطوة حاسمة ستعيد تشكيل المشهد السياسي الكندي، يتوجه الناخبون في 28 أبريل/نيسان إلى صناديق الاقتراع، عقب إعلان رئيس الوزراء مارك كارني رسميًا عن إجراء انتخابات ربيعية. جاء هذا القرار بعد لقائه بالحاكمة العامة ماري سيمون، حيث طلب منها حل البرلمان الرابع والأربعين، لتنتهي بذلك أطول حكومة أقلية في تاريخ كندا.
إعلان الانتخابات: بداية مرحلة جديدة
التقى كارني بالحاكمة العامة يوم الأحد، قبل يوم واحد فقط من موعد عودة البرلمان الذي تم تعليقه في يناير من قبل رئيس الوزراء السابق جاستن ترودو. ويعد تاريخ 28 أبريل أقرب موعد متاح لإجراء الانتخابات وفقًا لقانون الانتخابات الكندي، إذ تزيد الحملة الانتخابية بيوم واحد فقط عن الحد الأدنى المطلوب، والذي يبلغ 36 يومًا.
في لحظة حل البرلمان، كان المشهد السياسي على النحو التالي:
الحزب الليبرالي: 153 مقعدًا
حزب المحافظين: 120 مقعدًا
الكتلة الكيبيكية: 33 مقعدًا
الحزب الديمقراطي الجديد: 24 مقعدًا
الحزب الأخضر: مقعدان
المستقلون: 3 مقاعد
مارك كارني.. زعيم جديد في قلب المنافسة
جاءت الانتخابات بعد فترة وجيزة من انتخاب مارك كارني زعيمًا للحزب الليبرالي في 9 مارس/آذار، ومن ثم تنصيبه رئيسًا للوزراء مع حكومته الجديدة في 14 مارس. وبعد وقت قصير من تنصيبه، أكد الحزب الليبرالي أن كارني سيترشح لمقعد في مجلس العموم عن دائرة نيبيان في أوتاوا، وهي الدائرة التي شغلها النائب الليبرالي تشاندرا أريا لعشر سنوات. وكانت قيادة الحزب قد أبلغت أريا منذ شهرين بأنه لن يكون مرشحًا لزعامة الحزب، ثم تم إخطاره الأسبوع الماضي بعدم تجديد ترشيحه في دائرته.
وبهذا يترشح كارني في منطقة قريبة من منافسه الأساسي، زعيم المحافظين بيير بواليفير، الذي يخوض الانتخابات في دائرة كارلتون المجاورة، مما يجعل السباق الانتخابي أكثر سخونة.
كارني يطلق حملته بوعود ضريبية واقتصادية
بدأ مارك كارني حملته الانتخابية بإعلان خطة لخفض الضرائب على الطبقة المتوسطة، متعهدًا بتعزيز الاقتصاد الكندي والوقوف بصلابة أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وأوضح أن خفض معدل الضريبة الهامشية على الشريحة الضريبية الأدنى بنسبة 1% سيعود بالنفع على أكثر من 22 مليون كندي، مما قد يوفر للأسر ذات الدخل المزدوج مدخرات تصل إلى 825 دولارًا سنويًا.
وفي هجوم ضمني على منافسه المحافظ، أكد كارني أن لديه الخبرة الكافية لحل المشاكل بدلًا من مجرد الإشارة إليها، مشددًا على أن الانتخابات ضرورية لضمان استجابة قوية للتحديات الاقتصادية القادمة من الولايات المتحدة.
وقال كارني في خطابه:
“لا يزال هناك الكثير مما يجب فعله لتأمين كندا، والاستثمار فيها، وبنائها، وتوحيدها. ولهذا السبب أطلب تفويضًا قويًا وإيجابيًا من مواطنيّ الكنديين.”
بيير بواليفير يركز على أزمة المعيشة والهجرة
لم ينتظر زعيم المحافظين بيير بواليفير كثيرًا، حيث أطلق حملته قبل ساعة فقط من خطاب كارني، متعهدًا بـ استعادة “وعد كندا” ومعالجة أزمة غلاء المعيشة، التي ألقى باللوم فيها على “النخب السياسية”.
وخلال كلمته في غاتينو، كيبيك، المطلة على مبنى البرلمان، شن بواليفير هجومًا لاذعًا على الليبراليين، قائلًا:
“بلادنا أكثر انقسامًا من أي وقت مضى بسبب الأيديولوجيات الليبرالية الراديكالية، والعالمية، وما بعد الوطنية، التي أضعفت كندا.”
كما انتقد بواليفير ترشيح كارني، معتبرًا أنه مجرد استمرار لحقبة جاستن ترودو، حيث قال:
“في محاولة يائسة للفوز بولاية رابعة، استبدل الليبراليون جاستن ترودو بمستشاره الاقتصادي وخليفته المختار بعناية، مارك كارني.”
ووعد بواليفير بخفض تكاليف المعيشة، وإصلاح نظام الهجرة، وضمان قوة الجيش الكندي.
الحزب الديمقراطي الجديد يراهن على العدالة الاجتماعية
بدوره، أطلق زعيم الحزب الديمقراطي الجديد، جاجميت سينج، حملته من أحد فنادق وسط أوتاوا، مشيرًا إلى نجاح حزبه في إجبار الليبراليين على إقرار برامج وطنية لرعاية الأسنان والأدوية.
وأكد سينج أن حزبه هو البديل الأفضل لمواجهة “الحرب التجارية غير القانونية التي يشنها دونالد ترامب”، مشددًا على أن كلًا من الليبراليين والمحافظين يخدمون مصالح الأثرياء على حساب الطبقة العاملة.
وقال سينج:
“الكنديون الذين يكسبون رزقهم من العمل، والذين يحلمون بامتلاك منزل، أو تأسيس أسرة، أو التقاعد براتب بسيط – يتم التخلي عنهم.”
وأضاف متسائلًا:
“عندما يأتي دونالد ترامب مطالبًا بالتنازلات، فمن سيقول لا للتخلي عن الوظائف الكندية أو المنتجات التي نزرعها ونبنيها ونشحنها؟”
الانتخابات في ظل تهديد ترامب.. ما هو الرهان الأكبر؟
تأتي الانتخابات في وقت حرج بالنسبة لليبراليين بقيادة كارني، حيث تفوقوا على المحافظين في العديد من استطلاعات الرأي للمرة الأولى منذ عام 2022.
ورغم أن القضايا الداخلية ستلعب دورًا كبيرًا في هذه الانتخابات، فإن المخاوف المتزايدة بشأن سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحربه التجارية وتهديداته السيادية تُلقي بظلالها على السباق الانتخابي.
أصبح ترامب عاملًا حاسمًا في قرار الناخبين، حيث يتعين عليهم اختيار الحزب الذي يعتقدون أنه سيكون الأفضل في التعامل مع التهديدات الأمريكية المحتملة، بما في ذلك فرض الرسوم الجمركية، وإعادة التفاوض على الاتفاقيات التجارية، وتوسيع الأسواق الكندية، وحماية الاقتصاد المحلي من الأزمات الخارجية.
أسماء بارزة تدخل المعترك السياسي
ضمن استعداداتهم لهذه الانتخابات، تمكن الليبراليون من استقطاب شخصيات معروفة للترشح ضمن صفوفهم، بما في ذلك:
إيفان سولومون: الصحفي التلفزيوني الكندي البارز
كارلوس ليتاو: وزير المالية الليبرالي السابق في كيبيك
التمويل الانتخابي.. المحافظون في المقدمة
من ناحية الموارد المالية، يتمتع المحافظون بصندوق انتخابي ضخم، بعد جمعهم حوالي 41.8 مليون دولار في عام 2024، مما يمنحهم تفوقًا كبيرًا على الليبراليين، الذين جمعوا 15.2 مليون دولار، فيما حصل الحزب الديمقراطي الجديد على 6.3 مليون دولار. ومع ذلك، فإن الليبراليين قد يشهدون تدفقًا ماليًا كبيرًا بعد سباق القيادة، خاصة أن مارك كارني وحده جمع أكثر من 4.5 مليون دولار في أقل من شهرين.
ختامًا.. كندا أمام لحظة حاسمة
بين السياسات الداخلية والتحديات الخارجية، وبين رؤى متباينة لمستقبل البلاد، يستعد الكنديون لاتخاذ قرارهم في 28 أبريل. فهل سيمنحون كارني تفويضًا قويًا، أم سينجح بواليفير في استغلال غضب الناخبين؟ وهل سيشكل الحزب الديمقراطي الجديد مفاجأة تقلب الحسابات؟ الأسابيع القادمة وحدها ستكشف عن الإجابة.
ماري جندي
المزيد
1