في لحظة وُصفت بالتاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، اختار أعضاء الهيئة التشريعية في أونتاريو النائبة عن حزب المحافظين التقدميين، دونا سكلي، لتكون أول امرأة تتولى منصب رئيسة المجلس التشريعي (البرلمان) في تاريخ المقاطعة، مما يشكل علامة فارقة في مسيرة التمثيل السياسي للمرأة في كندا.
في لحظة وُصفت بالتاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، اختار أعضاء الهيئة التشريعية في أونتاريو النائبة عن حزب المحافظين التقدميين، دونا سكلي، لتكون أول امرأة تتولى منصب رئيسة المجلس التشريعي (البرلمان) في تاريخ المقاطعة، مما يشكل علامة فارقة في مسيرة التمثيل السياسي للمرأة في كندا.
من الإعلام إلى قمة العمل التشريعي
دونا سكلي، التي تبلغ من العمر 63 عامًا، ليست وجها جديدًا في ساحات الخطابة أو الحوار العام، لكنها جديدة نسبيًا في دهاليز العمل السياسي. قبل دخولها إلى عالم السياسة، أمضت سكلي أكثر من 30 عامًا كمراسلة ومقدمة في مجال الصحافة الإذاعية والتلفزيونية، حيث بنت لنفسها سمعة إعلامية موثوقة ومتزنة. هذا الإرث الإعلامي رافقها منذ عام 2018 حين انتُخبت ممثلة عن منطقة فلامبورو-جلانبروك الواقعة ضمن مدينة هاميلتون، لتصبح واحدة من الوجوه البارزة في صفوف حزب المحافظين التقدميين، وتشغل لاحقًا منصب نائب رئيس البرلمان، مما أتاح لها التعرف عن قرب على آليات العمل البرلماني.
انتصار في تصويت نادر وسرّي
وجاء انتخاب سكلي عقب تقاعد الرئيس السابق للبرلمان، تيد أرنوت، الذي شغل هذا المنصب لنحو سبع سنوات. وخاضت سكلي سباق الرئاسة ضد النائبة عن الحزب الديمقراطي الجديد جنيفر فرينش، التي تمثل دائرة أوشاوا منذ عام 2014.
اللافت في هذه الانتخابات أن التصويت جرى سريًا، وهو أمر نادر في الحياة البرلمانية الكندية، ما أتاح للنواب حرية أكبر في اختيار المرشحة التي يرونها الأنسب، دون الحاجة إلى الالتزام الصارم بسياسات أحزابهم.
أول مرّة .. نساء فقط في سباق الرئاسة
وكان رئيس وزراء أونتاريو دوغ فورد قد أشار قبل التصويت إلى رمزية اللحظة، مؤكدًا أن هذه هي المرة الأولى في تاريخ أونتاريو التي تتنافس فيها امرأتان فقط على رئاسة البرلمان، وهو أمر بحد ذاته يحمل دلالات على تطور الوعي السياسي والتمثيل النسائي في المقاطعة.
وعقب فوز سكلي، عبّر فورد عن تهانيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي قائلاً:
“اليوم، حقق المجلس التشريعي في أونتاريو إنجازًا تاريخيًا بانتخاب أول رئيسة له على الإطلاق. تهانينا لدونا سكلي على هذا الإنجاز الرائع. لدى حكومتنا أجندة طموحة، وأتطلع إلى العمل معها لتحقيق التفويض الذي منحنا إياه الشعب لحماية أونتاريو.”
تأثر واعتزاز.. ورد فعل سكلي بعد فوزها
وفي أعقاب التصويت، تحدثت سكلي للصحفيين وعلامات التأثر بادية على ملامحها، حيث قالت بصوت ممتزج بالفخر والدهشة:
“إنه لأمرٌ مذهل. نحن الآن في عام 2025، ونعم، لقد انتخبنا للتو رئيسةً للبرلمان. إنه لشرف عظيم، أنا أشعر بالتواضع والامتنان في آن واحد. لا أصدق أنني أقف هنا الآن.”
وأكدت سكلي أن أحد أهدافها خلال الفترة المقبلة هو تحسين الانضباط والاحترافية في جلسات البرلمان، لا سيما خلال فترة الأسئلة التي غالبًا ما تتسم بالفوضى والانفعالات، قائلة إنها تطمح إلى تقليل هذا “الضجيج” وتقديم نموذج أكثر تنظيمًا للعمل البرلماني.
تهاني من المعارضة ودعوة للعمل المشترك
من جهتها، هنأت زعيمة الحزب الديمقراطي الجديد وزعيمة المعارضة الرسمية ماريت ستايلز، النائبة سكلي عبر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلة:
“تهانينا لدونا سكلي على توليها منصب أول رئيسة لمجلس النواب في أونتاريو. إنها لحظة فخر واعتزاز للهيئة التشريعية. أتمنى لها كل التوفيق في هذا الدور المهم.”
كذلك، وصف زعيم حزب الخضر، مايك شراينر، فوز سكلي بأنه “إنجاز مهم”، مؤكدًا التزام حزبه بالعمل بروح من التعاون عبر الخطوط الحزبية من أجل وضع مصالح سكان أونتاريو في المقام الأول، وقال:
“نتطلع إلى جلسة تشريعية مثمرة في ظل إشراف رئيسة البرلمان سكلي. نؤمن بأهمية العمل الجماعي في مواجهة التحديات التي تواجه المقاطعة.”
أول يوم برلماني بعد الانتخابات .. ونظرة نحو المستقبل
يُذكر أن انتخاب رئيس البرلمان كان هو العمل الوحيد المدرج على جدول أعمال اليوم الأول للهيئة التشريعية بعد الانتخابات الإقليمية التي جرت في فبراير. ومن المقرر أن تُستأنف الجلسات البرلمانية في 15 أبريل، حيث تُفتتح بدعوة رسمية لـ “خطاب العرش” الذي سيكشف عن أولويات الحكومة في الدورة المقبلة.
خاتمة: لحظة رمزية وتحول في المشهد السياسي
انتخاب دونا سكلي لرئاسة البرلمان ليس مجرد فوز شخصي لها، بل هو لحظة تعكس التحول التدريجي في المشهد السياسي نحو التمثيل الشامل والاعتراف بقدرات النساء في أعلى المناصب القيادية. إنها بداية جديدة لرؤية برلمانية تُقدّر الحوار، وتنشد الانضباط، وتحمل على عاتقها مسؤولية تعزيز الديمقراطية في أونتاريو.
ماري جندي
المزيد
1