تشير دراسة حديثة إلى أن أكثر من واحد من كل خمسة أنواع من الملقحات الأصلية في كندا والولايات المتحدة معرض لخطر الانقراض، مما يثير قلق العلماء والبيئيين بشأن التداعيات المحتملة على النظم البيئية والزراعة.
تشير دراسة حديثة إلى أن أكثر من واحد من كل خمسة أنواع من الملقحات الأصلية في كندا والولايات المتحدة معرض لخطر الانقراض، مما يثير قلق العلماء والبيئيين بشأن التداعيات المحتملة على النظم البيئية والزراعة.
تفاصيل الدراسة وأبرز نتائجها
نُشرت هذه الدراسة في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم بتاريخ 24 مارس، وكشفت أن حوالي 23% من الفقاريات والحشرات الملقحة التي تعيش في البر الرئيسي لأمريكا الشمالية، باستثناء المكسيك، مهددة بخطر الانقراض بشكل “مرتفع”.
ويعزى هذا التهديد المتزايد إلى مجموعة من العوامل البيئية والبشرية، أبرزها:
التغيرات في استخدام الأراضي، والتي تشمل التوسع العمراني، وإزالة الغابات، والتوسع الزراعي العشوائي.
انتشار الأنواع النباتية الغازية التي تؤثر على مصادر الغذاء والتكاثر للملقحات.
التعرض المفرط للمبيدات الحشرية، مما يؤثر على صحة الملقحات وقدرتها على التكاثر.
تغير المناخ الذي يؤثر على أنماط الهجرة والتكاثر والتفاعل بين الأنواع.
الأمراض التي تصيب الحشرات والفقاريات الملقحة، والتي قد تؤدي إلى انخفاض أعدادها بشكل حاد.
التغيرات في الأنظمة الهيدرولوجية وزيادة الحرائق التي تدمر الموائل الطبيعية لهذه الكائنات.
دور الملقحات في النظام البيئي والغذائي
أوضحت الدراسة أن الملقحات تلعب دورًا أساسيًا في استدامة النظم البيئية الأرضية، حيث تساعد في تلقيح النباتات البرية والزراعية، مما يسهم بشكل كبير في إنتاج الغذاء. وذكر الباحثون:
“الملقحات ضرورية للحفاظ على توازن النظام البيئي الأرضي وضمان الإمدادات الغذائية العالمية، إلا أن العديد منها يواجه انخفاضًا مستمرًا في أعداده.”
وقد قام فريق البحث بتقييم أكثر من 1600 نوع من الفقاريات والحشرات الملقحة، وتوصلوا إلى أن أكثر من 20% منها معرض لخطر الانقراض.
النحل في صدارة قائمة الأنواع المهددة
وفقًا للنتائج، يُعد النحل أكثر الحشرات عرضة للخطر، حيث تبيّن أن حوالي 35% من أصل 472 نوعًا من النحل في أمريكا الشمالية مهدد بالانقراض. كما تواجه الفراشات والعثّ مخاطر كبيرة، إذ أن 20% من أنواع الفراشات و16% من أنواع العثّ تصنّف ضمن الفئات المعرضة للخطر.
ومن بين الأنواع الأكثر تضررًا:
10 أنواع من النحل مصنفة على أنها “معرضة لخطر شديد”.
11 نوعًا من الفراشات تعاني من انخفاض حاد في أعدادها.
نوعان من العثّ يواجهان خطورة كبيرة.
كما حدد التقرير أن النحل القاطع للأوراق والنحل الحفار هما الأكثر تضررًا، حيث إن ما يقارب نصف أعدادهما معرض للخطر.
ومع ذلك، وعلى الرغم من الخطر الذي يهدد النحل، إلا أن الدراسة أشارت إلى أن بعض الكائنات غير الملقحة، مثل الرخويات التي تعيش في المياه العذبة والأرضية، تواجه مخاطر انقراض أعلى.
مقارنة المخاطر بين الأنواع المختلفة
أظهرت الدراسة أن الملقحات الأخرى تواجه مخاطر أقل نسبيًا، مثل:
ذباب الزهور: مهدد بنسبة 15%.
الخنافس: مهددة بنسبة 12.5%.
الخفافيش الملقحة: جميع الأنواع الثلاثة التي خضعت للدراسة مهددة بالانقراض.
الطيور الطنانة: لم تُصنَّف أي من الأنواع الـ17 التي تم تقييمها على أنها معرضة لخطر الانقراض.
التوزيع الجغرافي للملقحات المهددة
تؤكد الدراسة أن الملقحات تساهم بأكثر من 15 مليار دولار سنويًا في قيمة الإنتاج الزراعي بأمريكا الشمالية، إلى جانب دورها الحيوي في التوازن البيئي.
وعلى المستوى الجغرافي، وجدت الدراسة أن:
معظم الملقحات التي خضعت للتقييم موجودة في الولايات المتحدة، حيث تتوافق نسبة الأنواع المهددة مع المتوسط العام في أمريكا الشمالية.
في كندا، الوضع أقل حدة، حيث تم تقييم 759 نوعًا فقط ضمن نطاقها، وبلغت نسبة الملقحات المهددة بالانقراض هناك 10.2% فقط.
أما من حيث التنوع البيولوجي، فقد كانت:
كاليفورنيا الولاية التي تحتوي على أعلى عدد من أنواع الملقحات، حيث سُجّل بها 678 نوعًا.
أريزونا وتكساس تأتيان في المرتبة الثانية والثالثة من حيث التنوع.
في كندا، تصدّرت كولومبيا البريطانية القائمة، حيث تحتوي على 487 نوعًا من الملقحات.
المناطق الأكثر عرضة للخطر والتهديدات البيئية
وفقًا للدراسة، فإن الملقحات المهددة بالانقراض توجد غالبًا في:
الغابات والمراعي
الأراضي الشجرية وموائل الشابارال
في المقابل، كانت احتمالية تعرض الملقحات للخطر أقل في:
الغابات الكثيفة
المناطق الجبلية (جبال الألب والتندرا)
أما فيما يتعلق بأبرز التهديدات البيئية، فقد تباينت بحسب المنطقة:
في جبال روكي والسهول الكبرى: كانت الزراعة وتغير المناخ هما العاملين الرئيسيين في تراجع أعداد الملقحات.
في شمال وغرب أمريكا الشمالية: كان تغير المناخ العامل الأكثر تأثيرًا.
في شرق الولايات المتحدة: شكّلت التلوث، والتوسع الحضري، والتوسع الزراعي التهديدات الكبرى.
أهمية الدراسة ومستقبل الملقحات
وصف الباحثون هذه الدراسة بأنها:
“أكبر وأشمل دراسة تصنيفية أجريت حتى الآن على الملقحات في كندا والولايات المتحدة، حيث تضمنت تحليلاً معمقًا لفئتين من الفقاريات وأربع رتب من الحشرات.”
في ظل هذه التحديات البيئية المتزايدة، يُطالب العلماء وصنّاع القرار باتخاذ تدابير عاجلة لحماية الملقحات وضمان استدامة التوازن البيئي والإنتاج الغذائي في أمريكا الشمالية.
الخلاصة
تشكل هذه الدراسة تحذيرًا واضحًا حول المخاطر التي تواجهها الملقحات في أمريكا الشمالية، مما يستدعي تدخلات عاجلة لحماية هذه الكائنات الضرورية للحفاظ على استقرار النظم البيئية وتأمين إنتاج الغذاء العالمي. فهل يمكن أن تُحدث هذه النتائج وعيًا أكبر وتدفع نحو سياسات بيئية أكثر استدامة؟
ماري جندي
المزيد
1