في خطوة طموحة نحو تطوير لقاحات أكثر فاعلية وسهولة في الاستخدام، نجح باحثون في جامعة ماكماستر في كندا في تطوير لقاح محلي الصنع ضد كوفيد-19، يتميز بإمكانية إعطائه عبر الاستنشاق، دون الحاجة إلى الإبر التقليدية.
يعتمد هذا اللقاح المبتكر، الذي يُعطى مباشرة إلى الرئتين، على تقنية مناعة الغشاء المخاطي، وهي نهج جديد تم استلهامه من عقود من الأبحاث حول أمراض الجهاز التنفسي وتطوير لقاحات السل. وقد بدأ العمل عليه منذ بداية الجائحة في عام 2020، بهدف تحسين الاستجابة المناعية في المكان الأكثر عرضة للفيروس—الرئتين.
في خطوة طموحة نحو تطوير لقاحات أكثر فاعلية وسهولة في الاستخدام، نجح باحثون في جامعة ماكماستر في كندا في تطوير لقاح محلي الصنع ضد كوفيد-19، يتميز بإمكانية إعطائه عبر الاستنشاق، دون الحاجة إلى الإبر التقليدية.
يعتمد هذا اللقاح المبتكر، الذي يُعطى مباشرة إلى الرئتين، على تقنية مناعة الغشاء المخاطي، وهي نهج جديد تم استلهامه من عقود من الأبحاث حول أمراض الجهاز التنفسي وتطوير لقاحات السل. وقد بدأ العمل عليه منذ بداية الجائحة في عام 2020، بهدف تحسين الاستجابة المناعية في المكان الأكثر عرضة للفيروس—الرئتين.
ثورة في إعطاء اللقاحات
تقول الدكتورة فيونا سمايل، الباحثة الرئيسية في الدراسة:
“نحن نشهد نقلة نوعية في طريقة التفكير حول كيفية إعطاء اللقاحات. أبحاثنا في جامعة ماكماستر أظهرت أن التطعيم عبر الغشاء المخاطي، أي مباشرة إلى الرئتين، يمكن أن يحفّز استجابة مناعية قوية في الجهاز التنفسي، وهو الأمر الأكثر أهمية عندما نتحدث عن عدوى الجهاز التنفسي مثل كوفيد-19.”
وقد وصلت التجارب السريرية على اللقاح، المسمى ChAd-triCoV/Mac، إلى مرحلة متقدمة، حيث أُنجزت المرحلة الأولى بنجاح، مما مهد الطريق للانتقال إلى المرحلة الثانية من التجارب البشرية.
نتائج مشجعة في المرحلة الأولى
أوضح الباحثون أنه مع تفشي كوفيد-19، أصبح معظم الناس إما مصابين بالفيروس أو تلقوا اللقاح أو كليهما، لكن الغريب أن تحليل الجهاز المناعي في الرئتين كشف عن غياب خلايا مناعية رئيسية قد تكون مسؤولة عن الحماية ضد العدوى.
لكن عندما تم إعطاء اللقاح للمشاركين في المرحلة الأولى من التجربة، لاحظ الباحثون تكون خلايا مناعية في الرئة، مما يشير إلى أن هذا النهج الجديد قد يكون فعالًا في تعزيز المناعة بشكل مختلف عن اللقاحات التقليدية.
الانتقال إلى المرحلة الثانية: دراسة AeroVax
مع النجاح الذي تحقق في المرحلة الأولى، انتقلت الدراسة إلى المرحلة الثانية تحت اسم AeroVax، حيث بدأ الباحثون في تجنيد 350 مشاركًا من مدن هاميلتون وأوتاوا وهاليفاكس. تهدف هذه المرحلة إلى دراسة مدى فعالية اللقاح على نطاق أوسع، مع التركيز على تقييم استجابته المناعية وسلامته بشكل أكثر تفصيلًا.
توضح الدكتورة سمايل أهمية هذه المرحلة قائلة:
“في المرحلة الأولى، أثبتنا أن اللقاح يمكن إعطاؤه بأمان للأشخاص الأصحاء، وتمكّنا من قياس استجابات مناعية مشجعة في الرئتين. الآن، مع المرحلة الثانية، نهدف إلى اختبار اللقاح على عدد أكبر من الأشخاص للحصول على صورة أكثر دقة حول مدى فاعليته في الوقاية من العدوى.”
كيف يعمل اللقاح المستنشق؟
يعتمد لقاح ChAd-triCoV/Mac على تقنية الناقل الفيروسي، حيث يتم استخدام فيروس غدي معدل لنقل جينات فيروس كوفيد-19 إلى الجسم. وعند استنشاق اللقاح، يتفاعل الجهاز المناعي مع الفيروس الغدي كما لو كان عدوى طبيعية، مما يؤدي إلى تحفيز استجابة مناعية قوية.
يحتوي اللقاح على ثلاثة مستضدات مختلفة من فيروس كوفيد-19، مما يمنحه ميزة في توفير استجابة مناعية أكثر شمولًا مقارنةً باللقاحات التقليدية التي تركز على بروتين واحد فقط.
استجابة مناعية أوسع وأقوى
يؤدي اللقاح إلى تحفيز نوعين رئيسيين من الاستجابات المناعية:
الخلايا التائية، التي تلعب دورًا رئيسيًا في تدمير مسببات الأمراض.
الخلايا البائية، المسؤولة عن إنتاج الأجسام المضادة لمكافحة الفيروس.
لكن ما يجعل هذا اللقاح مميزًا هو قدرته على تحفيز الاستجابة المناعية الفطرية، وهي استجابة غير متخصصة لكنها تمنح حماية أوسع ضد مختلف أنواع الفيروسات، حتى ضد السلالات الجديدة أو الفيروسات التي لم يتم التعرف عليها بعد.
توضح الدكتورة سمايل هذه الفكرة قائلة:
“ما يميز الاستجابة المناعية الفطرية أنها ليست موجهة فقط ضد كوفيد-19، بل يمكن أن توفر حماية أوسع ضد فيروسات أخرى أو طفرات جديدة للفيروس. وهذا ما لا توفره لقاحات mRNA التقليدية التي تعطى عن طريق الحقن العضلي.”
آلية الاستنشاق: كيف يتم إعطاء اللقاح؟
بدلًا من الحقن، يتم إعطاء اللقاح من خلال جهاز استنشاق متطور يُعرف باسم “إيروجيت”. يعمل هذا الجهاز على تحويل اللقاح السائل إلى رذاذ ناعم جدًا يمكن استنشاقه بسهولة.
تشرح الدكتورة سمايل طريقة عمل الجهاز بقولها:
“يجب أن تكون الجسيمات صغيرة بما يكفي للوصول إلى أعماق الرئتين، ولهذا السبب نستخدم جهاز رذاذ خاص يضمن توزيع اللقاح بشكل مثالي داخل الجهاز التنفسي.”
يحتوي الجهاز على حجرة صغيرة وقطعة فم، وعند تشغيله، يبدأ الغشاء الموجود داخله بالاهتزاز بسرعة عالية، مما يحوّل اللقاح إلى رذاذ ناعم يُستنشق خلال دقيقتين فقط.
مزايا اللقاح المستنشق مقارنة بالحقن التقليدي
جرعة أقل بـ 100 مرة من اللقاحات المحقونة، مما يقلل من تكاليف التصنيع.
استهداف مباشر للرئتين، حيث تحدث العدوى، مما يعزز الفعالية.
تجنب الإبر، وهو أمر مفيد للأشخاص الذين يعانون من رهاب الحقن.
إمكانية تحفيز استجابة مناعية أوسع ضد الطفرات المستقبلية.
متى سيكون اللقاح متاحًا؟
إذا استمرت التجارب بنجاح، يأمل الباحثون في أن يتم إطلاق اللقاح في الأسواق خلال السنوات الخمس المقبلة، ليكون إضافة قوية إلى ترسانة اللقاحات العالمية ضد كوفيد-19، خاصة مع استمرار ظهور متحورات جديدة.
يقول الدكتور سمايل في ختام حديثه:
“هدفنا هو تطوير لقاح لا يوفر فقط الحماية من كوفيد-19 اليوم، بل يكون أيضًا قادرًا على مواجهة تحديات المستقبل.”
ماري جندي
المزيد
1