في ظل التقلبات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها كندا، أظهرت دراسة استقصائية حديثة أن تكلفة المعيشة تمثل مصدر القلق الأكبر للكنديين مع اقتراب عام جديد مليء بالتحديات والاحتمالات السياسية غير المؤكدة، بما في ذلك احتمال إجراء انتخابات مبكرة.
في ظل التقلبات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها كندا، أظهرت دراسة استقصائية حديثة أن تكلفة المعيشة تمثل مصدر القلق الأكبر للكنديين مع اقتراب عام جديد مليء بالتحديات والاحتمالات السياسية غير المؤكدة، بما في ذلك احتمال إجراء انتخابات مبكرة.
التضخم يتصدر المشهد
بحسب استطلاع أجرته مؤسسة “إيبسوس” في ديسمبر، أشار 25% من الكنديين إلى أن التضخم وتكلفة المعيشة هما الشاغل الرئيسي لهم، ما يمثل زيادة بمقدار خمس نقاط مئوية مقارنة بالعام الماضي. ويأتي هذا الارتفاع وسط استمرار الضغوط الاقتصادية التي تؤثر على القدرة الشرائية للكنديين.
الرعاية الصحية والهجرة في بؤرة الاهتمام
احتلت الرعاية الصحية المرتبة الثانية بنسبة 17% من الاهتمام العام، مسجلة زيادة طفيفة مقارنة بعام 2023. إلا أن المشكلات المالية مثل الإسكان وتكلفة المعيشة هيمنت على المشهد، حيث ذكر 14% من المستطلعين أن القدرة على تحمل تكاليف السكن وتوافره يمثلان قضية رئيسية. أما الهجرة، الاقتصاد، البطالة، والوظائف فقد حصلت على اهتمام نسبته 7% لكل منها، بينما انصب تركيز 5% من المشاركين على الضرائب والفقر والتفاوت الاجتماعي والديون الحكومية.
اضطرابات سياسية تهز الحكومة الليبرالية
جاءت هذه النتائج في وقت عصيب للحكومة الليبرالية برئاسة جاستن ترودو. فقد شهد ديسمبر استقالة نائبة رئيس الوزراء ووزيرة المالية كريستيا فريلاند، مما أدخل الحزب الليبرالي في حالة من الفوضى السياسية. أثارت هذه الأحداث دعوات من داخل الحزب وخارجه تطالب ترودو بالتنحي.
وفي تطور خطير، أعلن زعيم الحزب الديمقراطي الجديد جاجميت سينغ عن نيته دعم تصويت بحجب الثقة عن الحكومة، ما قد يؤدي إلى انهيار حكومة الأقلية إذا حصل على دعم المحافظين وكتلة كيبيك.
خيبة أمل شعبية واسعة تجاه القيادة الحالية
وفقًا لاستطلاع آخر من مؤسسة “إيبسوس”، أعرب أكثر من 70% من الكنديين عن رغبتهم في استقالة ترودو. كما أظهر الاستطلاع نفسه أن الكنديين لا يعتبرون الحكومة الليبرالية الحالية الأفضل للتعامل مع القضايا الرئيسية التي تؤرقهم.
في هذا السياق، اعتُبر زعيم حزب المحافظين، بيير بواليفير، الأكثر قدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية، بما في ذلك التضخم وتكلفة المعيشة، الإسكان، والضرائب. وعلى الجانب الآخر، رأى المشاركون أن جاجميت سينغ هو الأنسب لمعالجة قضايا الرعاية الصحية والفقر وعدم المساواة الاجتماعية.
تحديات أمام القيادة السياسية
رغم هذه التفضيلات، أظهر الاستطلاع أن ثلث الكنديين يعتقدون أن “أياً من القادة الحاليين ليس الأفضل” للتعامل مع القضايا الثلاث الكبرى: التضخم (36%)، الرعاية الصحية (33%)، والإسكان (33%).
تراجع تأييد الليبراليين في المشهد الانتخابي
في ظل هذه الأجواء، يعاني الحزب الليبرالي من تراجع كبير في شعبيته. أظهر استطلاع “إيبسوس” أن 45% من الناخبين يخططون للتصويت لصالح المحافظين في الانتخابات الفيدرالية المقبلة، مقابل 20% فقط لكل من الليبراليين والديمقراطيين الجدد.
جدير بالذكر أن نسبة الـ20% التي سجلها الليبراليون تمثل ثاني أدنى مستوى في تاريخ الحزب، وهو تراجع يعيد إلى الأذهان أدنى مستوى تاريخي لهم في عام 2011 عندما حصل الحزب على 19% فقط من الأصوات الشعبية تحت قيادة مايكل إغناتييف.
ومع استمرار التحديات الاقتصادية والسياسية، يبدو أن كندا مقبلة على فترة حرجة ستشهد منافسة شرسة بين الأحزاب السياسية على كيفية مواجهة المشكلات التي تؤرق المواطنين. تضخم المخاوف الاقتصادية يفرض ضغوطاً هائلة على الحكومة الحالية، ويضع المستقبل السياسي للبلاد على المحك.
ماري جندي
المزيد
1