مع اقتراب موعد الانتخابات الفيدرالية في كندا، التي ستجرى بعد أسبوعين، من المستحيل تقريبًا تصفح منصات التواصل الاجتماعي دون أن تصادف محتوى سياسي. في هذا السياق، تظهر دراسة حديثة من جامعة أوتاوا تسلط الضوء على تأثير المؤثرين عبر منصات التواصل الاجتماعي في الحملات الانتخابية، خاصةً في ما يتعلق بالناخبين الشباب. الدراسة تشير إلى أن دور المؤثرين قد يكون محوريًا في تحديد نتائج الانتخابات، إما بشكل إيجابي أو سلبي.
مع اقتراب موعد الانتخابات الفيدرالية في كندا، التي ستجرى بعد أسبوعين، من المستحيل تقريبًا تصفح منصات التواصل الاجتماعي دون أن تصادف محتوى سياسي. في هذا السياق، تظهر دراسة حديثة من جامعة أوتاوا تسلط الضوء على تأثير المؤثرين عبر منصات التواصل الاجتماعي في الحملات الانتخابية، خاصةً في ما يتعلق بالناخبين الشباب. الدراسة تشير إلى أن دور المؤثرين قد يكون محوريًا في تحديد نتائج الانتخابات، إما بشكل إيجابي أو سلبي.
المؤثرون: أكثر من مجرد مروجين سياسيين
في كثير من الأحيان، يُنظر إلى المؤثرين كأدوات تسويقية تُستخدم لتوجيه رسائل سياسية. لكن، وفقًا للدراسة، فإن المؤثرين يتجاوزون مجرد كونهم ناشرين للإعلانات. يتمتع هؤلاء الأفراد بقدرة استثنائية على تشكيل الأخبار والتأثير في تصرفات الناخبين. بالنسبة لهم، منصات التواصل الاجتماعي هي ساحة جديدة لإعادة صياغة السياسة، حيث يمكنهم التأثير بشكل أعمق وأشمل من أي وسيلة إعلامية تقليدية.
توضح الباحثة البروفيسورة إليزابيث دوبوا، مع المؤلفة المشاركة لويز ستال، أن المؤثرين يلعبون دورًا معقدًا ومتعدد الأبعاد في المشهد السياسي. فهم ليسوا مجرد معلنين، بل يتنوعون في أدوارهم لتشمل: مؤيدي المشاهير، متطوعي الحملات، وسطاء البيانات، الصحفيين، وسائل الإعلام، وجماعات الضغط. وهذا التعدد في الأدوار يجعل من الصعب تعريف المؤثرين بشكل قاطع أو وضع قواعد تنظيمية واضحة لهم.
ومع ذلك، يتساءل الباحثون حول مدى تنظيم هذه الأدوار وضوابطها، فبينما يمكن للمؤثرين أن يسهموا في تعزيز المشاركة السياسية وجذب جماهير جديدة، فإن استغلالهم قد يؤدي إلى مشاكل خطيرة، مثل انتهاك خصوصية البيانات، تذبذب المعايير التحريرية، التلاعب السياسي، وعدم الامتثال لقوانين الشفافية والإنفاق الانتخابي.
المؤثرون: القوة الكامنة في تغيير توجهات الناخبين
في تقريرها، تبرز دوبوا وستال كيف يمكن للمؤثرين أن يلعبوا دورًا حاسمًا في تشكيل الرأي العام، لا سيما في ظل تراجع الإقبال على الانتخابات في العديد من الدول. في كندا، على سبيل المثال، أظهر استطلاع للرأي أجراه “هيئة الانتخابات الكندية” في عام 2020 أن العديد من الشباب لا يشاركون في الانتخابات بسبب شعورهم بالبعد عن النظام السياسي أو نقص المعلومات.
وفي السياق ذاته، يذكر التقرير أن حوالي 46% من الكنديين يحصلون على جزء من أخبارهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه النسبة ترتفع بشكل ملحوظ بين الشباب. دراسة أخرى أجرتها شركة “كايزر وشركاه” أظهرت أن 85% من الكنديين من جيل Z يفضلون البحث عن الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
في الانتخابات الأمريكية لعام 2024، على سبيل المثال، خصص الحزب الديمقراطي حوالي 2.5 مليون دولار للوكالات التي تعمل مع المؤثرين، حيث تمت دعوة هؤلاء المؤثرين للمشاركة في فعاليات خاصة، بل وتم منح بعضهم الفرصة للتواصل المباشر مع سياسيين بارزين من أجل إنتاج محتوى يدعم الحملة الانتخابية.
التحديات والفرص: المؤثرون في الانتخابات الكندية المقبلة
في كندا، من المرجح أن يُسهم ظهور المؤثرين في الانتخابات المقبلة في جذب شريحة من الناخبين الذين قد يشعرون بعدم الاهتمام أو اللامبالاة. يرى الباحثون أن المؤثرين، بما يمتلكونه من قدرة على الوصول إلى جمهور واسع، يمكنهم أن يلعبوا دورًا في تحفيز المشاركة الديمقراطية، خاصةً في الأوساط الشبابية.
ومع ذلك، تبرز قضية مهمة في هذا السياق، وهي أن المؤثرين لا يخضعون لنفس المعايير الأخلاقية التي قد تحكم عمل الصحفيين أو وسائل الإعلام التقليدية. هذه النقطة قد تفتح الباب أمام انتشار المعلومات المضللة، وهو ما قد يشكل تهديدًا كبيرًا للمصداقية السياسية.
أحد أبرز الأمثلة على تأثير المؤثرين في الانتخابات كان في البرازيل عام 2022، حيث تمكن المؤثر فيليبي نيتو من جذب الناخبين الذين كانوا يميلون إلى تجاهل السياسة، مما أدى إلى تغيير في سلوكهم الانتخابي. هذا النوع من التأثير قد يكون ذا صدى قوي في كندا أيضًا، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها الحملة الانتخابية في جذب الناخبين الشباب.
التأثير المزدوج للمؤثرين: فرص واستراتيجيات الحملات الانتخابية
على الرغم من الفوائد التي قد يحققها المؤثرون في الحملات الانتخابية، فإن هناك تحديات كبيرة. مثلًا، بينما يسهم المؤثرون في خلق علاقة شبه اجتماعية مع جماهيرهم، التي تُعزز من المصداقية والثقة، فإنهم قد يتعرضون لاستغلال مباشر من قبل الأطراف السياسية لتحقيق مصالح معينة. كما أن بعض المؤثرين قد ينشرون محتوى غير دقيق أو محرف، وهو ما يشكل تهديدًا آخر على شفافية الحملات الانتخابية.
تستدرك دوبوا في بيانها الصحفي بأن “التأثير الذي يحدثه المؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي أصبح جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات الحملات الانتخابية، لكننا بحاجة إلى مزيد من الفهم حول كيفية تقاضي هؤلاء المؤثرين لأموالهم، وهل هم يعملون بتوجيهات حزبية أم لا، وما هي المعايير الأخلاقية التي يتبعونها”.
الدعوة إلى محو الأمية الإعلامية والشفافية
من خلال هذه الأبحاث، يؤكد الباحثون على ضرورة تعزيز محو الأمية الإعلامية لدى الجمهور، حتى يتمكنوا من التمييز بين الأخبار الحقيقية والمحتوى المدعوم، وهو ما يمكن أن يساهم في الحد من انتشار المعلومات المضللة وضمان نزاهة العمليات الانتخابية.
وفي الختام، تشير دوبوا وستال إلى أنه من غير الممكن تجاهل التأثير المتزايد للمؤثرين في الساحة السياسية، ولكن الحل يكمن في دمجهم بشكل مناسب في النظام الإعلامي الحالي، مع التأكيد على ضرورة فرض الرقابة والمساءلة، وضمان الشفافية الأخلاقية والتعددية في المحتوى الذي ينشرونه.
ماري جندي
المزيد
1