تقييم سياسة التعريفات الجمركية التي ينتهجها الرئيس ترامب يتطلب دراستها من منظورين مختلفين: أولاً، ضرورة استكمال التحول من احتواء الاتحاد السوفييتي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى مواجهة التحدي التالي المتمثل في الصين، وثانيًا، التأكد من أن ترامب صادق في رغبته في التفاوض على ترتيبات تجارية عادلة تهدف إلى القضاء على العجز التجاري الأميركي الذي طالما ظل مستمراً.
تقييم سياسة التعريفات الجمركية التي ينتهجها الرئيس ترامب يتطلب دراستها من منظورين مختلفين: أولاً، ضرورة استكمال التحول من احتواء الاتحاد السوفييتي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى مواجهة التحدي التالي المتمثل في الصين، وثانيًا، التأكد من أن ترامب صادق في رغبته في التفاوض على ترتيبات تجارية عادلة تهدف إلى القضاء على العجز التجاري الأميركي الذي طالما ظل مستمراً.
خلفية تاريخية: وعود ما بعد الحرب العالمية الثانية
في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وعد الزعماء السوفيتيون والأمريكيون والبريطانيون بإجلاء سريع من الدول المحررة في أوروبا الغربية، مع إجراء انتخابات ديمقراطية شاملة. بينما التزمت الدول الغربية بهذه الوعود، نكث الاتحاد السوفيتي بها، ولم تُعقد أي انتخابات ديمقراطية في الأراضي التي تحتلها حتى بعد تفكك الكتلة الشيوعية.
كما قدمت الولايات المتحدة مساعدات سخية لإعادة الإعمار الاقتصادي في أوروبا الغربية، في إطار خطة مارشال التي تبنتها، ودعمت تشكيل حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي كفل حماية عسكرية للدول الأعضاء. كان الناتو تحالفًا استراتيجيًا رئيسيًا، ونجح في ضمان أمن الدول الغربية ضد تهديدات الشيوعية.
التحدي الجديد: الصين
مع انهيار الاتحاد السوفيتي وإعادة توحيد ألمانيا، تحولت الولايات المتحدة إلى تحدي جديد يتمثل في الصين. على الرغم من أن بعض التوقعات السابقة كانت تشير إلى أن الاقتصاد الصيني سيتفوق على الاقتصاد الأمريكي، إلا أن الواقع يشير إلى أن الصين لا تزال بعيدًا عن ذلك، حيث لا يتجاوز ناتجها المحلي الإجمالي ثلثي الناتج الأميركي.
بالإضافة إلى ذلك، تتسم الصين بوجود اقتصاد موجه بنسبة 40% تحت سيطرة حكومة شمولية، مع فشل كبير في معالجة قضايا الفساد الداخلي. ويواجه الشعب الصيني تحديات اجتماعية واقتصادية، بما في ذلك النمو السكاني الكبير الذي أثر سلبًا على الاقتصاد.
التوجهات المستقبلية للعلاقات الأمريكية مع روسيا والصين
في ظل التوترات مع روسيا، تسعى إدارة ترامب إلى الحفاظ على علاقة بناءة مع موسكو لتفادي تدهور العلاقات. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن الإدارة الأمريكية قد أدرجت روسيا ضمن استراتيجية احتواء الصين، دون فرض تعريفات جمركية جديدة على روسيا في الوقت الحالي.
فيما يتعلق بالصين، يواجه ترامب تحديًا كبيرًا في مفاوضاته التجارية. بينما يبدو أن سياسة التعريفات الجمركية كانت تهدف إلى الضغط على الصين للتفاوض على اتفاقيات تجارية أكثر عدالة، فإن هناك مخاوف من أن تؤدي هذه السياسة إلى تأثيرات سلبية على الاقتصاد الأميركي والأسواق المالية.
العجز التجاري الأمريكي وسبل معالجته
رغم التحولات التي حدثت في النظام التجاري العالمي، يبقى العجز التجاري الأمريكي مشكلة مزمنة. ولكن إذا كانت الولايات المتحدة جادة في إعادة التفاوض على ترتيبات تجارية أكثر عدالة، فإن الحلول قد تصبح قريبًا في متناول اليد، خصوصًا مع استعداد خمسين دولة للتفاوض مع إدارة ترامب بشأن الرسوم الجمركية.
في الوقت ذاته، هناك مخاوف من أن الإدارة قد تستخدم التعريفات الجمركية كوسيلة للضغط على الدول للاستثمار في الاقتصاد الأمريكي. ولكن مع تقدم المفاوضات الثنائية، من المتوقع أن تهدأ الأسواق المالية وتخف الضغوط الاقتصادية، وهو ما سيسهم في توفير بيئة تجارية أكثر استقرارًا.
في ظل هذه الظروف، لا يوجد مبرر مقنع لاستمرار العجز التجاري في الولايات المتحدة. وإذا كانت إدارة ترامب ملتزمة بالفعل بإعادة التفاوض على اتفاقيات تجارية عادلة، فمن المحتمل أن تُحل هذه القضية سريعًا، مما يساهم في استعادة التوازن الاقتصادي على المستوى العالمي.
المصدر: أوكسيجن كندا نيوز
المحرر: رامي بطرس
المزيد
1