أولًا، ينبغي على الكنديين متابعة المناظرات بعقل منفتح، مع نظرة ثاقبة لصدق العرض، ودلالات العمق والمصداقية، ومحاولة تحديد أيّ من المرشحين يمتلك القوة والمضمون للجلوس أمام دونالد ترامب على الكرسي الذي شغله مؤخرًا فولوديمير زيلينسكي، والدفاع عن مصالح كندا.
أولًا، ينبغي على الكنديين متابعة المناظرات بعقل منفتح، مع نظرة ثاقبة لصدق العرض، ودلالات العمق والمصداقية، ومحاولة تحديد أيّ من المرشحين يمتلك القوة والمضمون للجلوس أمام دونالد ترامب على الكرسي الذي شغله مؤخرًا فولوديمير زيلينسكي، والدفاع عن مصالح كندا.
ثانيًا، يجب على الناخبين أن ينظروا إلى ما هو أبعد من مناظرات القادة بحثًا عن الإجابة الكاملة على هذا السؤال. فهذه المناظرات تُعدّ بمثابة لحظة “هوليوودية” مبالغ فيها في كل انتخابات اتحادية وإقليمية في كندا، ودون استثناء تقريبًا، فهي تُعزز التصورات المسبقة، ولا تُساهم كثيرًا في إثراء مناقشات السياسات العامة، وغالبًا ما تُنسى بعد انتهائها بفترة قصيرة.
لطالما كانت لديّ نظرة عدائية تجاه مناظرات القادة. فهي غالبًا ما تكون تدريبًا تواصليًا مضللًا، يستغلّ فضول الناخبين ذوي النوايا الحسنة لإثارة مشاعر فئات الناخبين، بدلاً من تقديم عرض صادق لوجهات نظر وقيم متنافسة.
من “المنصة” إلى “الميم”
منذ المناظرات التلفزيونية الكبرى الأولى، تطورت هذه اللقاءات إلى نوافذ اتصال صغيرة يتم دمجها في مقاطع مصورة تُبث على وسائل التواصل الاجتماعي أثناء البث الحي، بهدف جذب النقرات، والتبرعات، والإعجابات، وحتى الغضب.
ورغم تراجع أهميتها، إلا أن مناظرات القادة تحظى باهتمام متزايد – لأسباب لا أفهمها تمامًا. لقد خسر دونالد ترامب جميع مناظراته أمام هيلاري كلينتون وكامالا هاريس – خسارة ساحقة – ولم يؤثر ذلك على نتائج الانتخابات.
وبالمثل، فاز جان شاريه بإجماع الآراء في مناظرة القادة عام 1997، لكنه حلّ خامسًا من حيث عدد المقاعد. الأمثلة كثيرة، لكن الرسالة واضحة.
مهارات المناظرة لا تعني الكفاءة في الحكم
ما الذي تُظهره مناظرة القادة تحديدًا؟ برأيي، إنها تُسلط الضوء على المهارات الأقل أهميةً للحكم الناجح: سرعة البديهة، الرد السريع، حس الفكاهة، البراعة البلاغية، والقدرة على تحويل العبارات إلى اقتباسات لا تُنسى. ولكن، لا شيء من هذه المهارات يعكس الكفاءة اللازمة لإدارة بلد شاسع ومعقد مثل كندا.
الحكم الناجح لا يعتمد على سرعة الرد أو الطرافة، بل يتطلب:
دراسة متأنية
وضوح في الأهداف
تحديد للنتائج
إشراك لأصحاب المصلحة
مراعاة للمخاطر
تنفيذ دقيق
قدر كبير من التعاطف والمساءلة
وهذه الأمور لا يمكن تمييزها من خلال مناظرة مدتها ساعتان.
لحظات نادرة ومواقف لا تُنسى… لكنها لا تصنع زعيمًا
من حين لآخر، تكون هناك لحظات حاسمة في المناظرات. مثل المواجهة الشهيرة بين جون تيرنر وبرايان مولروني عام 1988، أو هجوم جاك لايتون على مايكل إجناتييف عام 2011، أو الرد الذكي من لويد بنتسون على دان كويل في مناظرة نائب الرئيس الأمريكي عام 1988.
لكن هذه اللحظات نادرة، وغالبًا ما لا تغير من النتائج شيئًا، فالمرشحون يتمتعون بخبرة مذهلة في الخطابة والتواصل، مما يجعل اختراق دفاعاتهم أمرًا صعبًا.
المناظرات المقبلة: خمسة مرشحين، صراع على الكاميرا
في المناظرتين القادمتين في كندا، سيكون هناك خمسة مرشحين – بالإضافة إلى المنسقين – يتنافسون على وقت الكاميرا. كل مرشح يسعى للّحظة التي تُمكنه من تحدي خصمه المفضل. سيكون من الصعب على أحدهم أن يميز نفسه حقًا عن الآخرين في هذا الزخم الخطابي.
راقبوا المناظرات، استوعبوا ما ترونه، لكن لا تُبالغوا في أهميتها. إنها تمرين تواصلي مهم، يحمل مخاطرة سياسية للقادة، لكنه يُقدم منظورًا محدودًا وقاصرًا حول ما يهم حقًا في اختيار رئيس وزراء كندا بمسؤولية.
المصدر: أوكسيجن كندا نيوز
المحرر: رامي بطرس
المزيد
1