عادةً، عندما تطلب الدول مساعدة بعضها البعض في القضايا الجنائية، فإنها تبدأ أولًا بإبرام اتفاقية ثنائية لتبادل المعلومات، ثم تُحدد الجهات المعنية ذات الصلاحيات المماثلة للتعاون فيما بينها هذه هي الطريقة التي تتعامل بها الدول الناضجة في علاقاتها القانونية.
عادةً، عندما تطلب الدول مساعدة بعضها البعض في القضايا الجنائية، فإنها تبدأ أولًا بإبرام اتفاقية ثنائية لتبادل المعلومات، ثم تُحدد الجهات المعنية ذات الصلاحيات المماثلة للتعاون فيما بينها هذه هي الطريقة التي تتعامل بها الدول الناضجة في علاقاتها القانونية.
لنفترض، على سبيل المثال، أن شخصًا مطلوبًا لارتكابه جريمة خطيرة في الصين قد فرّ إلى كندا.
إذا كانت هناك معاهدة لتسليم المجرمين بين البلدين، يمكن للصين أن تطلب رسميًا من كندا، عبر قنوات قانونية مثل الشرطة الملكية الكندية، اعتقال وتسليم المشتبه به. (دون الخوض في طبيعة المحاكمات في الصين، فهذا موضوع آخر تمامًا.)
لكن ما لا يحق للصين فعله – ولا يجب السماح لها به – هو إعلان “مكافأة” لمن يقبض على هذا الشخص داخل كندا، وتشجيع المواطنين على تطبيق القانون بأيديهم وتسليم المشتبه به إلى أقرب مبنى دبلوماسي صيني مقابل المال. كما لا ينبغي لها استخدام “وكلاء” لأداء مثل هذه المهام.
ومع ذلك، هذا ما حدث فعليًا، عندما أوصى المرشح الليبرالي السابق بول تشيانغ، بأن بإمكان أي شخص تسليم المرشح المحافظ جو تاي، المعروف بدفاعه عن حقوق الإنسان، إلى القنصلية الصينية في تورنتو والمطالبة بمكافأة مالية وضعتها سلطات هونغ كونغ. هذا التصرف لا يُعتبر فقط مشكوكًا في قانونيته، بل يُعد تدخلًا صريحًا في العملية الديمقراطية، فإعادة مرشح إلى الصين تعني ببساطة منعه من الاستمرار في الترشح.
ورغم تردد الحزب الليبرالي في البداية حول ما إذا كان هذا التصرف مقبولًا، انسحب تشيانغ من السباق الانتخابي في النهاية، ليحل محله نائب رئيس شرطة تورنتو السابق بيتر يوين. لكن هذا التغيير لم يبدد القلق، إذ أُثيرت أيضًا شكوك حول علاقات يوين بجهات مؤيدة لجمهورية الصين الشعبية.
السؤال الجوهري الآن هو: لماذا لا تخضع الشخصيات السياسية لمزيد من التدقيق؟ ولماذا لا تعتمد الأحزاب إجراءات واضحة تضمن عدم انقياد مرشحيها لأوامر جهات أجنبية؟ المسألة ليست معقدة.
جهاز الاستخبارات الأمنية الكندي (CSIS) يمتلك خبرة طويلة في مجال التدقيق الأمني، خصوصًا في قضايا اللاجئين والمواطنة، ويمكن توسيع نطاق عمله بسهولة ليشمل التدقيق في خلفيات المرشحين السياسيين. الجهاز يُجري تحقيقات أمنية لآلاف المتقدمين سنويًا، ولن يُشكل عبئًا عليه إذا أُضيف عدد محدود من المرشحين إلى قائمته.
بالطبع، يتطلب هذا الإجراء موافقة جماعية من الأحزاب، لكن حتى إن وافق حزب واحد فقط ورفضت الأحزاب الأخرى، فسيعرف الناخب الكندي أي جهة تأخذ الأمن القومي بجدية، وتُعطي أولوية حقيقية لقضية التدخل الأجنبي – وهي قضية لا تحظى أصلًا بالاهتمام الكافي في الحملات الانتخابية.
لا ينبغي السماح للصين بالاستمرار في زرع نفوذها داخل ديمقراطيتنا، سواء بموافقة الأحزاب أو دونها. لدينا الوسائل لحماية النظام السياسي، ويجب استخدامها. أما تجاهل هذه المخاطر، فهو دليل واضح على أننا قد نكون الحلقة الأضعف في أي تحالف.
فهذا ليس الغرب المتوحش. لسنا بحاجة لصانعي قرار يشجعون المواطنين على التحول إلى صائدي جوائز. دعوا هذا النوع من السلوك لمسلسلات نتفليكس الرخيصة، وشكرًا.
المصدر: أوكسيجن كندا نيوز
المحرر: رامي بطرس
المزيد
1