تُعاني كندا من نظام علاقات العمل القائم على المواجهة والصراع، الذي يلحق ضررًا متزايدًا بالاقتصاد الوطني ويؤذي الكنديين العاديين. في ظل تزايد الإضرابات وإغلاقات العمل، أصبح من الواضح أن النهج القائم على التنافسية لم يعد ملائمًا للمرحلة الحالية. لقد حان الوقت لإعادة التفكير في هذا النموذج الذي يفضّل الصراع على التعاون.
تُعاني كندا من نظام علاقات العمل القائم على المواجهة والصراع، الذي يلحق ضررًا متزايدًا بالاقتصاد الوطني ويؤذي الكنديين العاديين. في ظل تزايد الإضرابات وإغلاقات العمل، أصبح من الواضح أن النهج القائم على التنافسية لم يعد ملائمًا للمرحلة الحالية. لقد حان الوقت لإعادة التفكير في هذا النموذج الذي يفضّل الصراع على التعاون.
نظام علاقات العمل القائم على التنافسية: تهديد للاقتصاد الكندي
لطالما اعتمدت كندا على نموذج علاقات العمل التنافسية المستورد من الولايات المتحدة في الخمسينيات من القرن الماضي، والمعروف بنظام قانون فاغنر. في هذا النظام، تُعتبر المفاوضات معارك يجب كسبها، مما يؤدي إلى صراع دائم بين النقابات والإدارة. يُترجم هذا الموقف إلى اضطرابات متكررة في الحياة اليومية للكنديين، ويكبد الاقتصاد خسائر كبيرة ويؤدي إلى توقف الخدمات الأساسية.
على سبيل المثال، التهديدات الأخيرة بالإضراب في قطاع السكك الحديدية أبرزت المخاطر الاقتصادية التي قد يتسبب فيها هذا النهج. تُقدّر قيمة البضائع التي تنقلها السكك الحديدية الوطنية الكندية والسكك الحديدية الكندية الباسيفيكية بحوالي مليار دولار يوميًا. أي تعطل في هذه الخدمات يُكلف كندا حوالي 341 مليون دولار يوميًا، أي ما يعادل 4% من الناتج المحلي الإجمالي الكندي. هذا النوع من التعطلات يؤدي إلى نقص في المنتجات، وزيادة التكاليف على المستهلكين، وانخفاض إنتاجية الشركات، ويؤثر سلبًا على قدرة كندا التنافسية على الصعيد العالمي.
إصلاح العلاقات العمالية: دروس من النموذج الأوروبي
لحسن الحظ، هناك نماذج بديلة ناجحة في دول أوروبية مثل ألمانيا والسويد، حيث تُعتمد أنظمة علاقات عمل تعاونية تُقلل من الإضرابات وإغلاقات العمل، وتُشجع على المفاوضات العادلة بين النقابات وأصحاب العمل. على سبيل المثال، في السويد، رغم أن كثافة النقابات أعلى من كندا، إلا أن البلاد تشهد عددًا أقل بكثير من الإضرابات المدمرة. في السويد، تركز المفاوضات على التعاون والحوار الصادق من أجل الصالح العام.
في ألمانيا، يعتمد نموذج مجالس العمال على التعاون بين الموظفين والإدارة، مما يساعد على تقليل احتمالية الإضرابات المطولة ويعزز من استقرار الاقتصاد الوطني.
أين تكمن الحلول لكندا؟
تحتاج كندا إلى تبني إطار تعاوني لعلاقات العمل. إليك بعض المقترحات الأساسية:
تحديد الخدمات الأساسية: يجب على كندا تحديد الخدمات الأساسية مثل السكك الحديدية بشكل صريح للحد من الإضرابات التي تؤثر على المصلحة العامة.
التحكيم الملزم: يجب منح الحكومات سلطة فرض التحكيم المُلزم في حالة النزاعات العمالية التي تهدد المصلحة الوطنية.
تغيير النشاط القضائي: ينبغي تقليص تدخل المحاكم في حل النزاعات العمالية، واستخدام المادة 33 من الميثاق – بند الاستثناء – لضمان الأولوية للصالح العام.
إلغاء الحظر على استبدال العمال: السماح باستبدال العمال في الأماكن الخاضعة للتنظيم الفيدرالي سيسهم في تسوية النزاعات بشكل أسرع.
تفكيك احتكارات القطاع العام: إدخال المنافسة في قطاعي الرعاية الصحية والتعليم سيساهم في تقليل الإضرابات ورفع كفاءة تقديم الخدمات.
إن التحول نحو نموذج تعاوني لعلاقات العمل سيُسهم في تقليل الاضطرابات الاقتصادية وحل النزاعات بشكل أسرع وأكثر فعالية. كما أن هذا النموذج يضمن حماية المصالح العامة دون تأخير بسبب الصراع بين النقابات وأصحاب العمل. كندا بحاجة إلى نظام علاقات عمل يناسب القرن الحادي والعشرين، حيث يتم التركيز على التعاون والتوافق لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
المصدر اوكسيجن كندا نيوز
المحرر داليا يوسف
المزيد
1