في الأسبوع الماضي، صرّح زعيم الحزب الليبرالي، مارك كارني، بأنه يريد أن يكون قطاع النفط والغاز الكندي “تنافسيًا قدر الإمكان”، بدلاً من فرض حد أقصى للانبعاثات يحدد مسبقًا انبعاثات غازات الدفيئة ضمن جدول زمني محدد.
في الأسبوع الماضي، صرّح زعيم الحزب الليبرالي، مارك كارني، بأنه يريد أن يكون قطاع النفط والغاز الكندي “تنافسيًا قدر الإمكان”، بدلاً من فرض حد أقصى للانبعاثات يحدد مسبقًا انبعاثات غازات الدفيئة ضمن جدول زمني محدد.
لكن بعد إعلان كارني بفترة وجيزة، صرّح وزير البيئة الفيدرالي، تيري دوجيد، بأن الحد الأقصى المقترح للانبعاثات سيبقى قائمًا لأن كندا “تريد الطاقة من قطاع النفط، لا التلوث المصاحب له”. وفي اليوم التالي، وبعد محاولات متكررة لتجنب تقديم إجابة مباشرة، تراجع كارني عن قراره، مؤكدًا بقاء الحد الأقصى لانبعاثات النفط والغاز.
أثر الحد الأقصى على الاقتصاد الكندي
يتعارض فرض حد أقصى لانبعاثات النفط والغاز مع ادعاء كارني بأنه يدعم أجندة النمو الكندية. فالنفط والغاز يمثلان أكبر صادرات كندا بإيرادات تبلغ 142 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 19% من الناتج المحلي الإجمالي (اعتبارًا من عام 2023). وبدون هذه الصادرات، سينخفض سعر الدولار الكندي بشكل حاد، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار المستهلكين وانخفاض الدخل مقارنة بالدول الأخرى.
في عام 2024، دفع قطاع النفط والغاز أكثر من 20 مليار دولار أمريكي كضرائب وعوائد للحكومتين الفيدرالية والإقليمية، والتي استُخدمت لتمويل البرامج والخدمات الوطنية. وتُعد إنتاجية العمل في استخراج النفط غير التقليدي من الأعلى، حيث بلغت 400 دولار أمريكي لكل ساعة عمل في عام 2023، أي ما يقرب من ستة أضعاف إنتاجية العمل في قطاع السيارات، ما يجعل العمال في هذا القطاع يحصلون على أفضل تعويضات بين القطاعات.
كندا حالة استثنائية عالميًا
تقييد صادرات كندا الرئيسية سيقوض قدرتها التنافسية. فحتى الدول المنتجة للنفط، مثل النرويج، لا تفرض حدًا أقصى خاصًا للانبعاثات. وسيؤدي فرض هذه السياسة إلى فرض تكاليف وقيود على قطاع النفط والغاز الكندي لا يتحملها أي من منافسيه. وخلصت محكمة تقييم الأثر الاقتصادي في ساسكاتشوان عام 2023 إلى أنه “من المهم أن يكون النظام التنظيمي الكندي متسقًا مع السياسات في بقية أمريكا الشمالية”، وإلا فإن الإنتاج سيتضاءل وسيكون هناك “هروب لرؤوس الأموال بعيدًا عن كندا”.
يأتي هذا في وقت تنتهج فيه الولايات المتحدة، تحت إدارة دونالد ترامب، سياسات أكثر مرونة تجاه البيئة، ما يجعل الحد الأقصى لانبعاثات النفط والغاز يضعف القدرة التنافسية الكندية مقارنة بأكبر شريك تجاري لها.
التأثير المتوقع على قطاع النفط والغاز
وفقًا لتقرير مجلس إدارة كندا المُحدث في مارس 2025، فإن القيود المفروضة على النفط والغاز ستؤدي إلى انخفاض الإنتاج بنسبة 13% بحلول عام 2030 و37% بحلول عام 2050. كما سيؤدي ذلك إلى:
انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لألبرتا بنسبة 4.8% بحلول عام 2030 و11% بحلول عام 2050.
انخفاض معدل التوظيف في ألبرتا بنسبة 1.8% في عام 2030 و4.1% بحلول عام 2050.
وفي تقرير آخر صادر عن مسؤول الميزانية البرلماني، يُتوقع أن يؤدي الحد الأقصى المقترح إلى:
خفض إنتاج النفط والغاز في المنبع بنسبة 4.9% خلال الفترة من 2030 إلى 2032.
انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لكندا بنسبة 0.39% في عام 2032، بما يعادل خسارة 20.5 مليار دولار أمريكي.
انخفاض التوظيف بمقدار 40,300 وظيفة، مع خسارة 54,400 وظيفة بدوام كامل.
تداعيات سياسية واقتصادية أوسع
وجدت محكمة ساسكاتشوان أن المبادرات الفيدرالية تنطبق فقط على النفط المنتج في كندا، وليس على الواردات. وهذا يعني أنه إذا انخفض الإنتاج المحلي، ستزداد الواردات، ما يفاقم العجز التجاري.
كما أن اقتراح كارني بفرض تعريفة كربونية على الواردات سيؤدي إلى مواجهة تجارية كبيرة مع إدارة ترامب.
بالإضافة إلى التكلفة الاقتصادية الباهظة، سيؤدي تطبيق الحد الأقصى إلى استمرار الجمود بين الحكومة الفيدرالية والمقاطعات المنتجة للنفط، التي تعهدت بالطعن في التشريع أمام القضاء.
وقد أشارت محكمة ساسكاتشوان إلى أن هذا النزاع سيُضعف الاستثمارات في قطاع النفط والغاز، وفي التقنيات اللازمة لخفض الانبعاثات.
قد يكون للحزب الليبرالي وجه جديد، لكنه لا يزال يتبنى نفس السياسات البيئية القديمة التي ساهمت في تراجع الاستثمار، وتوقف النمو الاقتصادي، وانقسام البلاد بشكل عميق.
المصدر: أوكسيجن كندا نيوز
المحرر: رامي بطرس
المزيد
1