مع اقتراب الانتخابات الفيدرالية في كندا، يُطلب من الناخبين أن يثقوا بمارك كارني، الرجل الذي لعب دورًا أساسيًا في تشكيل وتنفيذ الأجندة الاقتصادية لحكومة جاستن ترودو، رغم فشلها الذريع. لكن الحقيقة أن كارني ليس الحل لمشاكل كندا، بل هو جزء أساسي منها.
مع اقتراب الانتخابات الفيدرالية في كندا، يُطلب من الناخبين أن يثقوا بمارك كارني، الرجل الذي لعب دورًا أساسيًا في تشكيل وتنفيذ الأجندة الاقتصادية لحكومة جاستن ترودو، رغم فشلها الذريع. لكن الحقيقة أن كارني ليس الحل لمشاكل كندا، بل هو جزء أساسي منها.
عقد من الفشل الاقتصادي
ترك العقد الليبرالي الضائع (2015-2025) كندا في حالة ركود اقتصادي، وانقسام اجتماعي، وإضعاف عسكري، وتآكل في الهوية الوطنية. إذا فاز كارني، فلن تكون السنوات الأربع القادمة بمثابة إعادة ضبط، بل استمرارًا لنفس النهج الفاشل.
وفقًا لصندوق النقد الدولي، لم تحقق كندا أي نمو يُذكر في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بين عامي 2014 و2024. في المقابل، شهدت الولايات المتحدة نموًا بنسبة 21%، بينما نمت إيطاليا بنسبة 13.2% خلال نفس الفترة. هذا ليس اتجاهًا عالميًا، بل هو فشل كندي ناتج عن سياسات خاطئة.
كارني وضريبة الكربون.. تراجع تكتيكي أم استغلال سياسي؟
كان كارني من أبرز المدافعين عن ضريبة الكربون، ووصفها في كتابه “القيمة” (2021) بأنها “حجر الزاوية في أي إطار سياسي فعال”. كما اتهم معارضيها بنشر “معلومات مضللة”. لكن عندما أدرك أن ضريبة الكربون أصبحت عبئًا سياسيًا، بدأ في النأي بنفسه عنها – في خطوة واضحة لاستغلال الرأي العام.
لكن لا ينبغي للكنديين أن ينخدعوا بهذا التراجع المؤقت. فبمجرد انتهاء الانتخابات، سيعود كارني إلى سياساته المعتادة: رفع الضرائب، معاقبة الصناعة، وزيادة تكلفة المعيشة.
سياسات الهجرة.. ضغط غير مسبوق على البنية التحتية
لم يكن الفشل الاقتصادي وحده هو المشكلة، بل تسببت سياسات الهجرة غير المدروسة في أزمة إسكان ورعاية صحية غير مسبوقة.
في عامي 2023 و2024، استقبلت كندا حوالي 500 ألف مقيم دائم سنويًا، إضافةً إلى العمال الأجانب المؤقتين والطلاب الدوليين وطالبي اللجوء، مما رفع إجمالي الوافدين الجدد إلى ما يقارب 1.2 مليون شخص سنويًا.
النتيجة؟ ارتفاع هائل في أسعار المساكن، ارتفاع تكاليف الإيجار، اكتظاظ المستشفيات والمدارس، وزيادة أوقات الانتظار للخدمات العامة. ومع ذلك، وقف كارني إلى جانب هذه السياسات دون تقديم حلول حقيقية.
إضعاف الهوية الوطنية
في عهد ترودو، تحولت كندا إلى ما وصفه بـ”دولة ما بعد القومية”، وهو مفهوم أدى إلى تفكك الهوية الوطنية. وقد بلغ الاغتراب في غرب كندا مستويات قياسية، مع تصاعد التساؤلات في مقاطعتي ألبرتا وساسكاتشوان حول جدوى بقائهما ضمن الاتحاد الكندي.
كما أن الهوس الحكومي بالمُثُل اليسارية المتطرفة عزز الانقسامات العرقية والأيديولوجية، مما جعل الطبقة العاملة تشعر بأنها مهمشة في بلدها.
تراجع الأمن القومي.. جيش ضعيف ودور هامشي عالميًا
بينما ركز الليبراليون على “إشارات الفضيلة”، تراجعت الجاهزية العسكرية لكندا بشكل خطير. خلال العقد الماضي، تم إهمال القوات المسلحة، وفشلت الحكومة في تحقيق أهداف الإنفاق الدفاعي لحلف شمال الأطلسي.
أصبحت كندا مجرد فكرة ثانوية على الساحة الدولية، غير قادرة على الإسهام بفعالية في جهود الأمن العالمي. ومع ذلك، لم يُظهر كارني أي اهتمام بإصلاح هذا الوضع، بل وقف متفرجًا طوال هذه الفترة.
مارك كارني ليس المرشح الذي سيُخرج كندا من أزماتها، بل هو استمرار للعقد الليبرالي الضائع. إن انتخابه لن يعني التغيير، بل المزيد من الركود، والمزيد من الضرائب، والمزيد من الانقسام.
على الناخبين أن يدركوا أن التصويت لكارني هو تصويت لاستمرار الفشل، لا لتصحيح المسار.
المصدر: أوكسيجن كندا نيوز
المحرر: رامي بطرس
المزيد
1