في خطوة مفاجئة أثارت الكثير من التساؤلات، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قراره تعليق بعض الرسوم الجمركية التي فرضها على كندا والمكسيك، مبررًا ذلك برغبته في مساعدة البلدين، إلى جانب دعم شركات صناعة السيارات الأمريكية التي تأثرت بهذه الإجراءات.
في خطوة مفاجئة أثارت الكثير من التساؤلات، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قراره تعليق بعض الرسوم الجمركية التي فرضها على كندا والمكسيك، مبررًا ذلك برغبته في مساعدة البلدين، إلى جانب دعم شركات صناعة السيارات الأمريكية التي تأثرت بهذه الإجراءات.
قرار مفاجئ بعد فرض التعريفات الجمركية
في الرابع من مارس/آذار، قرر ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات القادمة من كندا والمكسيك، مما أثار قلقًا واسعًا لدى المصنعين والتجار في كلا البلدين. إلا أن القرار لم يصمد طويلاً، فسرعان ما أعلن في اليوم التالي عن تعليق الرسوم المفروضة على قطاع السيارات لمدة شهر، قبل أن يمدد فترة التعليق مرة أخرى للمنتجات التي تندرج تحت اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك (USMCA).
وخلال مقابلة مع شبكة فوكس نيوز نُشرت في السابع من مارس، كشف ترامب عن دوافعه قائلاً:
“أردت مساعدة المكسيك وكندا إلى حد ما. نحن دولة كبيرة جدًا، وهم يعتمدون علينا كثيرًا في أعمالهم التجارية، في حين أن تعاملاتنا معهم ليست بالضخامة ذاتها. لذلك، وجدت أن التعريفات قد تكون قاسية بعض الشيء.”
مصنّعو السيارات في قلب العاصفة
قرار التعليق لم يكن فقط لمصلحة كندا والمكسيك، بل أيضًا استجابة لمخاوف قطاع صناعة السيارات الأمريكي، الذي حذّر من أن فرض الرسوم الجمركية سيزيد من تكاليف الإنتاج، ما قد يدفع المصنّعين لنقل أعمالهم إلى دول أخرى هربًا من الأعباء المالية الإضافية.
وفي محاولة لطمأنة المستثمرين، أشار ترامب إلى أنه يريد تشجيع الشركات على تصنيع المزيد من المركبات داخل الولايات المتحدة، مؤكدًا أن هذه السياسة ستصب في مصلحة الاقتصاد الأمريكي على المدى الطويل.
رسوم جديدة على الصلب والألمنيوم.. والتصعيد مستمر
لكن تعليق الرسوم الجمركية على السيارات لم يكن يعني تخلي ترامب عن نهجه الحمائي بالكامل، إذ قرر المضي قدمًا في فرض رسوم بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم القادمة من جميع الدول، اعتبارًا من 12 مارس/آذار.
وبالإضافة إلى ذلك، وجّه الرئيس الأمريكي المسؤولين بمراجعة جميع الاتفاقيات التجارية القائمة، واقتراح تعريفات متبادلة بحلول الثاني من أبريل ضد أي ممارسات تجارية غير عادلة من وجهة نظر الولايات المتحدة.
وقال ترامب بهذا الشأن:
“إذا فرضوا علينا رسومًا، سنفرض عليهم الرسوم نفسها. إنها معادلة بسيطة: ما يفرضونه علينا، نفرضه عليهم.”
التصعيد ضد كندا: الأخشاب ومنتجات الألبان في مرمى النيران
لم تقتصر المواجهة على السيارات والصلب، فقد أعلن ترامب في السابع من مارس عزمه فرض تعريفات جمركية متبادلة على الأخشاب ومنتجات الألبان الكندية، ردًا على ما اعتبره ممارسات تجارية غير عادلة من قبل كندا.
وأشار الرئيس الأمريكي إلى أن كندا تطبق نظام “إدارة الإمدادات” الذي يتحكم في واردات منتجات الألبان والدجاج والبيض والديك الرومي، مما يؤدي إلى تثبيت الأسعار داخل البلاد لصالح المزارعين والمستهلكين الكنديين، لكن ذلك يؤثر سلبًا على المصدرين الأمريكيين الذين يجدون صعوبة في دخول السوق الكندي.
كما تعهّد ترامب بمراجعة المعايير البيئية في الولايات المتحدة لتشجيع زيادة إنتاج الأخشاب محليًا، مشيرًا إلى أن بلاده تفرض بالفعل تعريفة جمركية بنسبة 14.54% على الأخشاب المستوردة من كندا، لكنه اعتبرها غير كافية لاستعادة التوازن التجاري بين البلدين.
وأضاف بنبرة حازمة:
“لقد تعرضنا للاستغلال على مدى سنوات، والآن حان وقت استعادة حقوقنا. لن نسمح لأحد باستغلالنا بعد الآن.”
كندا تتحرك سريعًا لتجنب أزمة تجارية
في مواجهة هذه الإجراءات، أكد وزير المالية الكندي دومينيك لوبلان أن أوتاوا مستعدة للدخول في محادثات مبكرة بشأن مراجعة اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، والمقررة رسميًا لعام 2026.
وأشار لوبلان إلى أن كندا تفضّل التفاوض على الاتفاقية دفعة واحدة بدلاً من التفاوض على كل قطاع بشكل منفصل على مدار عدة أسابيع، مؤكدًا أن بلاده تسعى إلى تحرك سريع لمنع الصين من التأثير على الأسواق الكندية من خلال التسعير الجائر للمنتجات.
الصين تدخل على الخط.. وتضرب الاقتصاد الكندي
وفي تصعيد غير متوقع، أعلنت الصين في 8 مارس فرض رسوم جمركية على المنتجات الزراعية والغذائية الكندية بقيمة تتجاوز 2.6 مليار دولار.
وجاءت هذه الخطوة كرد مباشر على الرسوم التي فرضتها كندا على المركبات الكهربائية الصينية ومنتجات الصلب والألمنيوم القادمة من الصين.
وبينما يتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة، كندا، والمكسيك، تتجه الأنظار إلى نتائج هذه السياسات الحمائية التي يتبناها ترامب، والتي قد تؤدي إلى إعادة رسم الخريطة التجارية في أمريكا الشمالية.
فهل ستنجح هذه الإجراءات في تحقيق أهدافها ودعم الصناعة الأمريكية، أم أنها ستفتح الباب أمام حرب تجارية طويلة الأمد قد تضر بالاقتصاد الأمريكي ذاته؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف الإجابة.
ماري جندي
المزيد
1