لطالما كنت على معرفة بوجود المتحولين جنسيًا منذ طفولتي. كنت أرى بعض أصدقائي في المدرسة الإعدادية يُعرّفون أنفسهم كمتحولين جنسيًا، وكنت أشاهد مقاطع الفيديو لهم عبر الإنترنت. ومع ذلك، لم أفكر يومًا في أن هذا قد يكون جزءًا من هويتي حتى وصلتُ إلى مرحلة المراهقة.
لطالما كنت على معرفة بوجود المتحولين جنسيًا منذ طفولتي. كنت أرى بعض أصدقائي في المدرسة الإعدادية يُعرّفون أنفسهم كمتحولين جنسيًا، وكنت أشاهد مقاطع الفيديو لهم عبر الإنترنت. ومع ذلك، لم أفكر يومًا في أن هذا قد يكون جزءًا من هويتي حتى وصلتُ إلى مرحلة المراهقة.
البداية: عندما عرفت عن التحول الجنسي
في سن الثانية عشرة، وجدتُ نفسي أبحث عن الدعم النفسي بسبب معاناتي من مشاكل عاطفية واضطرابات نفسية. أثناء ذلك، اكتشفتُ موقعًا للتواصل الاجتماعي يُدعى “تريفور سبيس”، وكان تابعًا لمشروع تريفور، وهو منظمة مخصصة لدعم الشباب من مجتمع الميم، خاصة أولئك الذين يواجهون أفكارًا انتحارية.
بما أنني كنت أعاني نفسيًا، وبما أنني كنت أنجذب للفتيات، بدا لي أن هذا الموقع قد يكون المكان المثالي للحصول على الدعم الذي أحتاجه. وبمجرد انضمامي إليه، شعرتُ وكأنني تلقيتُ “قنبلة حب” – الجميع هناك كانوا داعمين لي، أبدوا تفهمهم لمعاناتي، وأكدوا لي أنني مقبولة كما أنا.
مع مرور الوقت، بدأتُ أقرأ منشورات من أشخاص يتحدثون عن تجربتهم مع التحول الجنسي، وعن صراعاتهم مع اضطراب الهوية الجنسية. الغريب في الأمر أن كل ما كانوا يصفونه بدا لي مألوفًا جدًا. كنت أكره جسدي، لم أشعر أبدًا بأنني فتاة أنثوية، لكنني لم أشعر أيضًا بأنني صبي بشكل واضح. كنت أعاني نفسيًا وأشعر بالضياع، وبدا لي أن “التحول الجنسي” قد يكون الإجابة التي أبحث عنها.
اتخاذ القرار: اعتناق هوية جديدة
بدأتُ أتساءل عن هويتي الجنسية، وفي النهاية، أقنعتُ نفسي بأنني متحولة جنسيًا. ما عزز هذا الاعتقاد هو أن جميع الأشخاص في الموقع أكدوا لي أنني لست مخطئة، بل على العكس، كنتُ بحاجة إلى أن أثبت هويتي المتحولة في حياتي الواقعية أيضًا.
عندما حاولتُ التحدث مع والدتي عن مشاعري، لم تتقبل الأمر. لم يكن رد فعلها عنيفًا أو مسيئًا، لكنها ببساطة لم توافق على الفكرة. في الموقع، أخبروني أن هذا يُعتبر رفضًا مسيئًا لهويتي، وأنني يجب أن أبتعد عنها إذا لم تتقبلني. في ذلك الوقت، صدقتهم. شعرتُ أن والدتي لا تفهمني، وأن الأشخاص الذين يدعمونني حقًا هم أفراد المجتمع الموجودين على الموقع.
مع مرور الوقت، أصبح الأشخاص هناك يتحكمون في حياتي أكثر فأكثر. كانت هناك مجموعة من القواعد الصارمة التي يجب اتباعها: يجب أن تستخدم ضمائر معينة، يجب أن تتبنى آراءً محددة حول الهوية الجندرية، وإذا خالفت أيًا منها، فسيتم نبذك فورًا.
السقوط في فخ العزلة والانصياع
عندما خالفتُ إحدى هذه القواعد لأول مرة، وجدتُ نفسي منبوذة. كان الألم كبيرًا لأنني كنت أعتقد أن هؤلاء الأشخاص هم “العائلة” التي تقبلني. لهذا، قررتُ أن أنصاع للقواعد أكثر، أن أكون صامتة عندما لا أوافق على شيء، فقط حتى لا أخسرهم.
في الوقت نفسه، بدأتُ أشعر بكره متزايد تجاه جسدي. كنتُ أنظر إلى نفسي في المرآة وأشعر بالاشمئزاز، أبكي أحيانًا لأنني كنت مقتنعة بأنني في “الجسد الخطأ”. لم أجرؤ على إجراء تغييرات جسدية جذرية، لأنني كنتُ أخفي الأمر عن والدتي، التي كنتُ مقتنعة بأنها “مسيئة” بسبب رفضها لتأكيد هويتي الجديدة. ومع ذلك، ارتديتُ ملابس ذكورية، واستخدمتُ حمالات صدر رياضية لإخفاء معالم جسدي الأنثوي.
في المدرسة، طلبتُ من الأساتذة والزملاء مناداتي باسمي الجديد واستخدام الضمائر الذكورية عند الإشارة إليّ. كان الأمر بمثابة اختبار لحقيقة هويتي الجديدة، ولكنني كنتُ أشعر بالضغط والخوف من أن تكتشف والدتي الأمر.
البداية الحقيقية للشك
عندما انفصلتُ عن الشخص الذي كنتُ أواعده عبر الموقع، أدركتُ فجأة أنني لا أملك أصدقاء حقيقيين. بدأتُ أشعر بأن التفاعل على الموقع لم يكن مريحًا كما كان في البداية، بل أصبح مرهقًا. قررتُ الابتعاد عنه، وانضممتُ إلى مواقع أخرى بهوية مختلفة، دون أن أُخبر أحدًا أنني متحولة جنسيًا.
في البداية، كنتُ أشعر براحة أكبر عندما يعتقد الآخرون أنني مجرد فتى مغاير، لكن سرعان ما شعرتُ أنني أعيش كذبة. لم أعد أشعر بالانتماء لأي مكان، وبدأتُ أشعر بالعزلة الحقيقية لأول مرة.
التحرر: التفكير بعقل مستقل
خلال هذه الفترة، بدأتُ بمشاهدة محتوى مختلف عبر الإنترنت، محتوى كان ينتقد بعض الأفكار الجندرية التي كنتُ أتبناها. في البداية، لم أتفق مع كل ما سمعته، لكن مجرد سماع وجهات نظر مختلفة كان منعشًا. شعرتُ وكأنني أخيرًا أُفكر بنفسي، دون ضغط خارجي.
تدريجيًا، بدأتُ أتخلى عن الكثير من القناعات التي كنتُ أؤمن بها. في البداية، بدأتُ أقول إنه لا يمكن لأي شخص أن يكون متحولًا جنسيًا دون أن يعاني من اضطراب الهوية الجنسية. لاحقًا، أصبحتُ أعتقد أن الأطفال لا يجب أن يُشجعوا على التحول الجنسي طبيًا. وأخيرًا، بدأتُ أتساءل: هل أنا حقًا متحولة جنسيًا؟
بعد ثلاث سنوات من تعريف نفسي كمتحولة، قررتُ أنني لم أعد أرغب في ذلك. كنتُ حينها في الصف الحادي عشر، وقررتُ أن أكون على طبيعتي دون أن أفرض هوية معينة على الآخرين. لم أُعلن رسميًا أنني لم أعد متحولة، لكنني ببساطة توقفتُ عن محاولة إقناع الناس بأنني ولد.
بمرور الوقت، بدأتُ أشعر بتحسن. توقفتُ عن التركيز المفرط على هويتي، وبدأتُ أتقبل نفسي كما أنا. ومع ذلك، لم يكن هذا التحول سهلًا، لأنني وجدتُ نفسي موصومة من قبل بعض الأشخاص الذين كانوا جزءًا من حياتي السابقة.
الخروج من “المجتمع” والتعرض للرفض
عندما تترك مجتمع المتحولين جنسيًا، يتعاملون معك وكأنك “خائن”. البعض قال إنني لم أكن متحولة أصلًا، والبعض الآخر اعتبرني شخصًا يجب أن يتم تشويهه. كان هذا مشابهًا للطريقة التي يُعامل بها الأشخاص الذين يتركون الطوائف الدينية المتشددة.
لكنني الآن لم أعد أهتم. لم أعد أبحث عن القبول الخارجي أو الإعجاب من الآخرين، بل أصبحتُ أعيش وفقًا لقناعاتي الخاصة. هذه الرحلة كانت طويلة ومؤلمة، لكنها جعلتني أقوى، والأهم من ذلك، جعلتني حرة.
ماري جندي
المزيد
1