في أحدث كتبه، تناول توم مولكاير، المحامي وأستاذ القانون الذي شغل سابقًا منصب وزير البيئة في مقاطعة كيبيك، موضوعًا مثيرًا عن الفصل الأخير من عهد جاستن ترودو السياسي، واصفًا إياه بـ”حطام قطار سياسي”. هذه التحليلات تحمل بين طياتها نقدًا لاذعًا وتفاصيل شاملة عن إخفاقات ترودو ومرحلة التدهور التي يشهدها حزبه الليبرالي.
في أحدث كتبه، تناول توم مولكاير، المحامي وأستاذ القانون الذي شغل سابقًا منصب وزير البيئة في مقاطعة كيبيك، موضوعًا مثيرًا عن الفصل الأخير من عهد جاستن ترودو السياسي، واصفًا إياه بـ”حطام قطار سياسي”. هذه التحليلات تحمل بين طياتها نقدًا لاذعًا وتفاصيل شاملة عن إخفاقات ترودو ومرحلة التدهور التي يشهدها حزبه الليبرالي.
الإرث العائلي والقيادة المتعثرة
استهل مولكاير بذكر النزهة الشهيرة لبيير ترودو، والد جاستن، في فبراير 1984، حيث خرج للتنزه في الثلج قبل أن يعلن استقالته المفاجئة من السياسة. في الذكرى الأربعين لذلك الحدث، ثارت تكهنات بأن جاستن قد يحذو حذو والده. ففي تلك الفترة، كانت شعبيته في أدنى مستوياتها، والكنديون باتوا يطالبون بالتغيير. لكن جاستن، الذي اشتهر بأدائه الدرامي، قرر البقاء على المسرح السياسي رغم كل العقبات.
مولكاير وصف ترودو الابن بأنه شخصية معقدة، قادر على تحقيق الإنجازات والإخفاقات معًا. غروره الشخصي وثقته المفرطة بنفسه ساعداه في تجاوز أزمات عديدة، لكن في الوقت نفسه، أثارت أفعاله المثيرة للجدل غضب الكثيرين.
على سبيل المثال، ذكر مولكاير واقعة دفعه بالمرفق لأحد أعضاء البرلمان، وارتداءه المتكرر للأزياء التنكرية التي تضمنت طلاء وجهه باللون الأسود أو البني، والتي اعتبرها البعض إساءات عنصرية. ومع ذلك، بدا وكأن هناك “رصيدًا لا ينضب من الغفران” من معجبيه ومؤيديه.
كارثة كريستيا فريلاند والمرحلة الحرجة
تطرق مولكاير إلى استقالة نائبة رئيس الوزراء ووزيرة المالية كريستيا فريلاند، التي وصفها بأنها “كارثة غير مسبوقة”. انهيار فريق ترودو، بما في ذلك رئيسة أركانه كاتي تيلفورد، جعل المشهد السياسي أكثر فوضى. الانتقادات لم تتوقف عند حدود البرلمان، بل امتدت إلى الشارع الكندي الذي بات يعبر عن استيائه بشكل واضح.
من أبرز الانتقادات التي وُجهت لحكومة ترودو سوء إدارتها للشؤون المالية. فقد تجاوزت الحكومة سقف العجز المعلن من 40 مليار دولار إلى 60 مليار دولار، ما أثار استياء الكنديين الذين شعروا أن سياسات الحكومة باتت تفتقر إلى المسؤولية المالية.
سباق الزعامة ومستقبل الحزب الليبرالي
مع اقتراب نهاية عهد ترودو، بدأ الحديث عن خلفاء محتملين لقيادة الحزب الليبرالي. من داخل الحكومة، برزت أسماء مثل كريستيا فريلاند وأنيتا أناند، بينما أظهرت شخصيات بارزة خارج الحكومة، مثل مارك كارني، محافظ بنك كندا السابق، وكريستي كلارك، رئيسة وزراء بريتش كولومبيا السابقة، استعدادًا لخوض السباق.
مولكاير أشار إلى أن اختيار زعيم جديد للحزب قد يكون معقدًا. فترودو، على غرار والده بيير، يميل إلى ترك أقل وقت ممكن لخليفته لإعداد حملة انتخابية، ما يزيد من صعوبة المهمة على الزعيم المقبل.
سيناريوهات مستقبلية وحلول محتملة
أمام ترودو خيارات محدودة. قد يلجأ إلى تأجيل انعقاد البرلمان لتجنب اقتراحات الثقة التي تهدد حكومته. هذا التكتيك، الذي استخدمه ستيفن هاربر سابقًا، قد يمنح الحزب الليبرالي الوقت لتنظيم سباق زعامة مختصر.
مع ذلك، التحول السياسي المتوقع لن يكون سهلًا. فالفوضى الإجرائية التي سترافق انتقال السلطة ستترك البلاد في حالة من عدم الاستقرار في وقت تحتاج فيه إلى قيادة قوية.
الإرث السياسي: بين الإنجازات والإخفاقات
رغم كل الانتقادات، لا يمكن تجاهل إنجازات ترودو. تعامله مع جائحة كورونا، والعمل على تحسين العلاقات مع الشعوب الأصلية، وغيرها من الجهود تُحسب له. لكن إدارة المال العام الكارثية وانهيار شعبيته بين الكنديين ألقى بظلاله على إرثه السياسي.
ختامًا، يرى مولكاير أن هلاك جاستن ترودو السياسي نابع من فشله في وضع مصلحة البلاد فوق مصالحه الشخصية. البلد، الذي يضم أكثر من 40 مليون نسمة، بحاجة إلى قيادة قادرة على استعادة الاستقرار السياسي ومواجهة التحديات الراهنة بثقة وكفاءة.
ماري جندي
المزيد
1