في اليوم الثامن عشر من الحملة الانتخابية الفيدرالية، احتدم التنافس بين زعيمي أكبر حزبين سياسيين في كندا، إذ أعلن زعيم حزب المحافظين بيير بواليفير عن حزمة جديدة من الإجراءات المشددة ضد مرتكبي الجرائم الخطيرة المتكررة، بينما كشف زعيم الحزب الليبرالي مارك كارني عن رؤيته الطموحة لجعل كندا في مصاف القوى العالمية في مجال الطاقة.
في اليوم الثامن عشر من الحملة الانتخابية الفيدرالية، احتدم التنافس بين زعيمي أكبر حزبين سياسيين في كندا، إذ أعلن زعيم حزب المحافظين بيير بواليفير عن حزمة جديدة من الإجراءات المشددة ضد مرتكبي الجرائم الخطيرة المتكررة، بينما كشف زعيم الحزب الليبرالي مارك كارني عن رؤيته الطموحة لجعل كندا في مصاف القوى العالمية في مجال الطاقة.
بيير بواليفير: لا رحمة للمجرمين المتكررين
خلال زيارته إلى مدينة سولت سانت ماري في أونتاريو يوم 9 أبريل، صعّد بواليفير من لهجته تجاه من وصفهم بـ”المجرمين الخطرين المتكررين”، معلنًا عن عزمه سنّ تشريع صارم سيُحدث تحولاً كبيرًا في كيفية تعامل النظام القضائي مع مرتكبي الجرائم الخطيرة المتكررة.
وعد بواليفير بأن تفرض حكومته -في حال فوزها- قانونًا ينصّ على حرمان أي شخص أدين بثلاث جرائم خطيرة من الاستفادة من الإفراج المشروط، أو المراقبة، أو الكفالة، أو حتى الإقامة الجبرية. بل سيُفرض عليهم قضاء عقوبة سجن إلزامية لا تقل عن 10 سنوات، وقد تصل إلى السجن مدى الحياة، بناءً على طبيعة الجرائم المرتكبة وسجلهم الإجرامي.
وقال زعيم المحافظين بلهجة حاسمة:
“الشوارع التي كانت آمنة في الماضي تحولت اليوم إلى مشاهد للفوضى والعنف، والكثير من الكنديين باتوا يعيشون في خوف دائم بسبب تفشي الجريمة. هذا لم يكن حال كندا من قبل، ولن يكون مستقبلها ما لم نتدخل بحزم.”
وأشار بواليفير إلى أن المجرمين الذين تتم إدانتهم ثلاث مرات بجرائم خطيرة سيتم تصنيفهم على أنهم “مجرمون خطرون”، وسيخضعون لشروط صارمة للغاية قبل أي تفكير بإطلاق سراحهم، مثل اجتياز اختبارات مخدرات منتظمة، والالتزام بتطوير الذات عبر التعليم أو تعلم حرفة جديدة، إضافة إلى سجل سلوكي نموذجي داخل السجن.
وحمّل بواليفير الحكومة الليبرالية المسؤولية عن ارتفاع معدلات الجريمة منذ عام 2015، مستشهدًا ببيانات هيئة الإحصاء الكندية التي أظهرت زيادة في مؤشرات الجريمة بعد فترة من الانخفاض خلال عهد رؤساء الوزراء السابقين جان كريتيان، وبول مارتن، وستيفن هاربر.
ووضع بواليفير إصبعه على مشروعين قانونيين مثيرين للجدل: C-5 وC-75. فقد ألغى القانون C-5 الحدود الدنيا الإلزامية للعقوبات في بعض الجرائم مثل السرقة باستخدام سلاح ناري، تحت ذريعة “العدالة العرقية” وتقليل نسبة المسجونين من السكان الأصليين والسود. أما مشروع القانون C-75، فقد ألزم القضاة بإطلاق سراح المتهمين بسرعة وبأقل قدر ممكن من القيود، مع إعطاء اعتبارات خاصة لمن يُعتبرون ممثلين تمثيلاً مفرطًا في نظام العدالة.
واعتبر بواليفير أن هذه السياسات الليبرالية “تغلب كفة المجرمين على حساب الضحايا”، مشددًا على أن أي تشريع جديد سيحترم الميثاق الكندي للحقوق والحريات، لكنه في الوقت ذاته سيعيد التوازن بين الحقوق والواجبات، معتبرًا أن من حق المواطنين أن يعيشوا بأمان دون أن يتكرر إطلاق سراح من يهددهم.
يُذكر أن هذا الإعلان هو ثالث مبادرة لبواليفير خلال الحملة الانتخابية لمكافحة الجريمة. ففي نهاية مارس، أعلن أنه سيفرض عقوبات بالسجن المؤبد على كبار مهربي البشر والمخدرات والأسلحة النارية، وفي الأسبوع الذي سبقه، تعهد بتشديد العقوبات على مرتكبي عنف الشريك الحميم.
كارني: نعم للعقوبات الرادعة .. لكن لا لـ”قاعدة الثلاث ضربات”
من جهته، كان مارك كارني، زعيم الحزب الليبرالي، يجوب مدينة كالغاري في ألبرتا في اليوم نفسه، حيث علق على مقترح بواليفير بنوع من التحفظ. وقال كارني:
“أنا لا أؤمن بقاعدة الثلاث ضربات فتخرج من اللعبة، كما في رياضة البيسبول. ولكن عندما يتعلق الأمر بجرائم خطيرة أو نمط متكرر من الإجرام، فمن الضروري أن يكون هناك تطبيق حازم للقانون وعقوبات متناسبة.”
وأكد أنه سيكشف عن برنامجه الخاص في ملف الجريمة في العاشر من أبريل، في خطوة تعكس رغبته في تقديم مقاربة بديلة توازن بين الأمن والعدالة الاجتماعية.
كندا “قوة طاقة عظمى”؟ كارني يكشف عن الطموح الأكبر
أما المفاجأة الكبرى في خطاب كارني فكانت إعلانه الطموح بتحويل كندا إلى “القوة العظمى الرائدة في مجال الطاقة في العالم”، مستغلًا وجوده في ألبرتا، المعروفة بثرواتها من النفط والغاز، لعرض رؤيته المستقبلية لقطاع الطاقة الكندي.
وقال كارني إن كندا لا يمكن أن تظل معتمدة على الولايات المتحدة، لا سيما في ظل ما وصفه بـ”تمزيق الرئيس الأميركي دونالد ترامب للاقتصاد العالمي”. وأضاف أن الوقت قد حان لتستغل كندا إمكاناتها الكاملة، وأن تقود العالم في مجالي الطاقة التقليدية والنظيفة معًا.
وأوضح أن خطته تركز على ثلاثة محاور:
استبدال الطاقة المستوردة بالطاقة الكندية، ما سيعزز الاستقلال الطاقي.
تنويع الشراكات التجارية لتوسيع سوق صادرات الطاقة.
رفع القدرة التنافسية من خلال الابتكار وتطوير سلاسل التوريد، خصوصًا في المعادن الحيوية ومشاريع الطاقة المتجددة.
وتعهد كارني بأن حكومته ستسرّع الموافقة على مشاريع الطاقة النظيفة ذات المصلحة الوطنية، كما ستعمل على تطوير مشاريع الطاقة مع خفض الانبعاثات، التزامًا باتفاقيات المناخ الدولية.
وفي بيان صحفي، أوضح الحزب الليبرالي أن هذه الجهود ستتم بالتعاون مع قطاع النفط والغاز، بهدف خفض الانبعاثات بطريقة فعالة من حيث التكلفة، مع الحفاظ على قدرة الصناعة على المنافسة دوليًا.
ماذا عن خطوط الأنابيب؟
حين سُئل كارني عمّا إذا كان سيدعم بناء خطوط أنابيب جديدة، قال إنه توصل بالفعل إلى اتفاق مع رئيسة وزراء ألبرتا، دانييل سميث، ومع باقي رؤساء الوزراء، خلال أول أسبوع له في منصبه كرئيس للوزراء، يقضي بإنشاء “ممرات طاقة وطنية” تُسرّع مشاريع البنية التحتية الحيوية للطاقة.
لكن خصمه بواليفير شكك في جدية هذا التعهد، متهماً كارني بالنفاق، بالنظر إلى دعوته سابقًا لسياسات “صفر انبعاثات”، ورفضه التراجع عن القانون C-69، المعروف باسم “قانون لا خطوط أنابيب جديدة”، الذي يفرض متطلبات بيئية معقدة على مشاريع البنية التحتية.
وقال بواليفير:
“لن نسمح لليبراليين بمواصلة عرقلة التنمية. سنلغي قوانين ’لا تنمية جديدة‘ التي وضعتها حكومة ترودو، وسنحرر طاقات اقتصادنا ونواجه الضغوط الأميركية من موقع قوة.”
ماري جندي
المزيد
1