يشير تقرير جديد إلى أن العملات الرقمية التي تصدرها البنوك المركزية قد تكون عرضة لسوء الاستخدام، مما يهدد خصوصية الأفراد ويزيد من الرقابة الحكومية على المعاملات المالية.
يشير تقرير جديد إلى أن العملات الرقمية التي تصدرها البنوك المركزية قد تكون عرضة لسوء الاستخدام، مما يهدد خصوصية الأفراد ويزيد من الرقابة الحكومية على المعاملات المالية.
التحول إلى الاقتصاد غير النقدي
سلّط مركز العدالة للحريات الدستورية (JCCF)، وهو منظمة كندية تُعنى بالدفاع عن الحقوق الدستورية، الضوء على التحديات المحتملة التي قد تترتب على إطلاق عملة رقمية تديرها الحكومة في كندا، والتي قد تساهم في تسريع الانتقال إلى اقتصاد غير نقدي.
على الرغم من أن بنك كندا أكد أنه لا ينوي حاليًا إصدار عملة رقمية للبنك المركزي (CBDC)، إلا أنه يواصل البحث في التقنيات ذات الصلة ضمن ما يصفه بأنه “تخطيط للطوارئ”. بدأ البنك المركزي الكندي دراسة هذه العملات منذ عام 2017، لكنه شدد على أن أي خطوة لإصدارها ستكون مشروطة بالحاجة الفعلية إليها وفقًا لتفضيلات المواطنين الكنديين.
تهديدات الخصوصية والمراقبة المالية
يحذر التقرير من أن غياب إطار قانوني واضح لحماية خصوصية المستخدمين قد يؤدي إلى تحول العملة الرقمية إلى أداة للرقابة المالية، حيث تصبح جميع المعاملات قابلة للتتبع بشكل كامل، ما يتيح للحكومة إمكانية الوصول غير المحدود إلى بيانات الأفراد المالية.
ويشير التقرير إلى أن هذا المستوى من الرقابة قد يسمح للحكومة بتقييد وصول بعض الأفراد إلى حساباتهم أو حتى تجميدها بالكامل، مستشهدًا بتجربة قافلة الحرية عام 2022، حينما لجأت الحكومة إلى تجميد الحسابات المصرفية لبعض المتظاهرين كإجراء عقابي.
العملة الرقمية كبديل محتمل للنقد
مع تزايد الاعتماد على المدفوعات الرقمية، التي لم يعد النقد يشكل سوى 11% منها في كندا عام 2023، يرى بنك كندا أن إصدار عملة رقمية للبنك المركزي يمكن أن يوفر بديلاً رقميًا يتمتع بأمان النقد التقليدي، مع راحة الدفع الإلكتروني.
ويؤكد البنك أن المعاملات ستظل خاصة بين الأطراف المعنية، لكن يمكن تتبعها من قبل جهات إنفاذ القانون، مثلما هو الحال مع الحسابات المصرفية العادية.
مخاطر أمنية وتحديات قانونية
يشير التقرير إلى أن إدخال عملة رقمية خاضعة لسيطرة البنك المركزي قد يجعل النظام المالي أكثر عرضة للهجمات الإلكترونية، حيث ستصبح البنية التحتية لهذه العملات هدفًا جذابًا للجهات الخبيثة التي تسعى لاختراق البيانات وسرقة الأموال.
علاوة على ذلك، فإن وجود عملة رقمية مدارة من قبل الحكومة قد يخلق تحديات قانونية، خاصة فيما يتعلق بمدى قدرة الحكومة على التدخل في سلوكيات الأفراد المالية، مثل فرض قيود على أنواع معينة من الإنفاق أو استخدام البيانات المالية لتطبيق سياسات مالية موجهة.
الرقابة المالية وتأثيرات محتملة على حرية الأفراد
يشير التقرير إلى أن العملات الرقمية قد تُستخدم لفرض سياسات اقتصادية واجتماعية بطريقة مباشرة، حيث يمكن برمجتها لتحديد متى وأين يمكن للأفراد إنفاق أموالهم، أو حتى تقييد بعض المشتريات في إطار سياسات بيئية، مثل الحد من شراء الوقود أو الأطعمة غير الصحية.
وفي بيان صادر في 17 مارس، حذر التقرير من أن العملة الرقمية للبنك المركزي قد تصبح أداة تستخدمها الحكومة لمكافأة أو معاقبة السلوكيات الفردية، بطريقة تشبه نظام “الائتمان الاجتماعي” المعتمد في الصين، حيث يتم تصنيف المواطنين بناءً على سلوكهم المالي والاجتماعي.
رفض شعبي وتحفظات حكومية
رغم استمرار الأبحاث حول العملة الرقمية، فإن استطلاعًا أجراه بنك كندا في عام 2023 كشف أن 92% من الكنديين لا يفضلون استخدامها على طرق الدفع التقليدية.
ويؤكد البنك المركزي أن أي قرار بشأن إصدار هذه العملة سيحتاج إلى دعم حكومي واسع وتأييد شعبي، مشددًا على أن “اختيارات التصميم ستكون حاسمة لضمان تحقيق الأهداف المطلوبة مع تقليل المخاطر المحتملة”.
مستقبل العملات الرقمية في كندا
بينما يستمر الجدل حول مستقبل العملات الرقمية للبنوك المركزية، يظل السؤال الأكبر متعلقًا بكيفية تحقيق التوازن بين الابتكار التكنولوجي وحماية حقوق الأفراد في الخصوصية والاستقلال المالي. فهل ستتمكن كندا من تجنب المخاطر المحتملة لهذه العملات، أم أن التحول نحو الاقتصاد الرقمي سيحمل معه تحديات أكبر مما كان متوقعًا؟
ماري جندي
المزيد
1