كشف تقرير جديد صادر عن معهد سي دي هاو أن ارتفاع معدل البطالة في كندا خلال عام 2024 لم يكن ناتجًا عن فقدان الوظائف أو انخفاض فرص العمل في القطاعات المختلفة، بل جاء نتيجة التوسع السريع في عدد السكان وزيادة أعداد الباحثين عن عمل بوتيرة أسرع من نمو الوظائف المتاحة.
كشف تقرير جديد صادر عن معهد سي دي هاو أن ارتفاع معدل البطالة في كندا خلال عام 2024 لم يكن ناتجًا عن فقدان الوظائف أو انخفاض فرص العمل في القطاعات المختلفة، بل جاء نتيجة التوسع السريع في عدد السكان وزيادة أعداد الباحثين عن عمل بوتيرة أسرع من نمو الوظائف المتاحة.
النمو السكاني وتأثيره على سوق العمل
بحسب التقرير، فإن كندا شهدت خلال السنوات الأخيرة نموًا غير مسبوق في عدد سكانها نتيجة الهجرة، مما أدى إلى زيادة حجم القوى العاملة بشكل يفوق عدد الوظائف المستحدثة. وبينما لا تزال معدلات البطالة أعلى من مستويات ما قبل الجائحة، فإن السبب الرئيسي وراء هذا الارتفاع هو التوسع الاستثنائي في القوى العاملة وليس نقص الفرص الوظيفية.
ويوضح التقرير أن عدد الوظائف الشاغرة في كندا بلغ أكثر من 572 ألف وظيفة في الربع الثالث من عام 2024، أي بزيادة قدرها 12% مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة في الربع الأخير من عام 2019. وعلى الرغم من ذلك، فقد سجل سوق العمل 1.5 مليون عاطل عن العمل خلال الفترة ذاتها، مما أدى إلى زيادة في نسبة الباحثين عن عمل لكل وظيفة متاحة.
كيف أثرت الهجرة على سوق العمل؟
أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في هذا الاتجاه هو تخفيف الحكومة الكندية لقيود الهجرة بعد الجائحة، حيث ارتفع عدد سكان البلاد من 38 مليونًا في يوليو 2020 إلى 41.7 مليونًا في أكتوبر 2024. وشمل هذا النمو زيادة كبيرة في عدد المقيمين الدائمين، وغير الدائمين، والطلاب الدوليين، مما أدى إلى تضخم القوى العاملة.
على مدى الفترة بين عامي 2019 و2024، أضاف الاقتصاد الكندي 1.7 مليون وظيفة جديدة، إلا أن القوى العاملة نمت بمعدل أسرع، حيث زادت بأكثر من 1.9 مليون شخص خلال الفترة نفسها. وهذا الخلل بين العرض والطلب على الوظائف كان سببًا رئيسيًا في دفع معدل البطالة إلى الارتفاع، مما جعل العثور على وظيفة أكثر صعوبة للكنديين.
تحولات في سياسات الهجرة وتأثيرها المستقبلي
مع تزايد الضغوط على سوق العمل، بدأت الحكومة الكندية في تعديل سياسات الهجرة عام 2024، حيث قامت بفرض حد أقصى لمدة عامين على عدد طلبات تصاريح الطلاب الدوليين، كما خفضت عدد المقيمين الدائمين الذين سيتم قبولهم على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
ويشير التقرير إلى أن تشديد سياسات الهجرة قد يؤدي إلى إبطاء نمو القوى العاملة، مما قد يساهم في تقليل معدل البطالة. ومع ذلك، فإن استمرار تدفق اللاجئين قد يشكل تحديًا إضافيًا، حيث قد يجد البعض منهم صعوبة في الاندماج في سوق العمل، مما قد يؤدي إلى استمرار الضغط التصاعدي على معدل البطالة.
التحديات الاقتصادية وتأثيرها على البطالة
لم يكن النمو السكاني هو التحدي الوحيد الذي أثر على معدلات البطالة في كندا، حيث يحذر التقرير من أن السياسات التجارية للولايات المتحدة قد تؤثر سلبًا على بعض القطاعات الكندية، خاصة مع فرض رسوم جمركية جديدة من قبل واشنطن.
ووفقًا للتقرير، فإن 1.8 مليون كندي – أي ما يعادل 8.8% من إجمالي القوة العاملة – يعملون في صناعات تعتمد على التصدير إلى الولايات المتحدة، مثل استخراج النفط والغاز، ونقل الأنابيب، وتصنيع المعادن الأولية. ومع تصاعد التوترات التجارية، قد تواجه هذه القطاعات موجة من فقدان الوظائف، مما قد يؤدي إلى ارتفاع إضافي في معدل البطالة.
أرقام حديثة: هل بدأ سوق العمل في التحسن؟
رغم التحديات، شهدت كندا تحسنًا طفيفًا في معدل البطالة مع بداية عام 2025، حيث انخفضت البطالة إلى 6.6% في يناير مقارنة بـ6.7% في الشهر السابق، مدعومة بإضافة 76 ألف وظيفة جديدة إلى سوق العمل.
هذا التحسن قد يكون إشارة إلى أن التعديلات في سياسات الهجرة والاقتصاد بدأت تؤتي ثمارها، إلا أن المستقبل لا يزال يحمل الكثير من التحديات، خاصة في ظل استمرار تدفق المهاجرين واللاجئين، وتأثير العوامل الخارجية على الاقتصاد الكندي.
الخلاصة
يؤكد التقرير أن ارتفاع معدل البطالة في كندا لم يكن بسبب فقدان الوظائف، وإنما نتيجة التوسع السريع في عدد السكان، مما أدى إلى زيادة المعروض من العمالة مقارنة بعدد الفرص المتاحة. وبينما تسعى الحكومة الكندية إلى تحقيق توازن بين استيعاب المهاجرين وضمان استقرار سوق العمل، فإن التحديات الاقتصادية، بما في ذلك السياسات التجارية للولايات المتحدة، قد تستمر في التأثير على المشهد العام للبطالة في البلاد.
ماري جندي
المزيد
1