أعلنت وكالة الإحصاء الكندية أن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم تكبدت خسائر ضخمة في العام الأول من الإغلاقات الناجمة عن جائحة كوفيد-19، حيث وصلت الخسائر الإجمالية إلى نحو 60 مليار دولار.
أعلنت وكالة الإحصاء الكندية أن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم تكبدت خسائر ضخمة في العام الأول من الإغلاقات الناجمة عن جائحة كوفيد-19، حيث وصلت الخسائر الإجمالية إلى نحو 60 مليار دولار.
الشركات الأكثر تضررًا
وفقًا للتقرير الصادر في 18 فبراير، فإن نحو 47% من الشركات الصغيرة والمتوسطة – أي تلك التي تقل نفقاتها السنوية على الرواتب عن 1.5 مليون دولار – شهدت انخفاضًا حادًا في الأرباح، ما أدى إلى هذه الخسائر الفادحة بين عامي 2019 و2020.
وأشار التقرير إلى أن تأثير الجائحة كان أكثر وضوحًا في القطاعات التي تعتمد على التفاعل المباشر مع العملاء، حيث عانت هذه الشركات من أكبر الانخفاضات في الأرباح.
برنامج الدعم الحكومي CEBA
في محاولة لإنقاذ الشركات المتضررة، أطلقت الحكومة الكندية في 27 مارس 2020 برنامج حساب الطوارئ التجارية (CEBA)، والذي قدم للشركات قروضًا تصل إلى 60 ألف دولار بدون فوائد، مع إمكانية الإعفاء الجزئي في حال تم السداد ضمن المدة المحددة.
لكن، وعلى الرغم من هذا الدعم، استمرت معاناة العديد من الشركات، خصوصًا تلك العاملة في مجالات:
المطاعم وخدمات الأطعمة والمشروبات
الفنادق وقطاع الضيافة
العيادات الطبية وطب الأسنان
كما تعرضت قطاعات أخرى، مثل النقل، التخزين، إدارة النفايات، والمعالجة الصناعية، لضربات قاسية نتيجة التراجع الحاد في النشاط الاقتصادي.
انكماش الإنتاج وتأثير الموجات المتتالية للجائحة
بحسب وكالة الإحصاء الكندية، فإن الانكماش الأولي في الإنتاج في بعض الصناعات بلغ ما بين 30% إلى 60% خلال الموجة الأولى من الإغلاقات، ولم تتمكن هذه القطاعات من التعافي تمامًا بحلول نهاية عام 2023، حيث استمرت القيود الصحية في التأثير على أنشطتها.
وشهدت قطاعات أخرى مثل التجزئة، البناء، والتصنيع انخفاضات في الإنتاج بنسبة تتراوح بين 20% إلى 25%، لكنها تمكنت من استعادة نشاطها بوتيرة أسرع نسبيًا بعد رفع بعض القيود. وأشار التقرير إلى أن قطاع البناء تحديدًا تعافى بسرعة بفضل زيادة الطلب على المنازل العائلية وتجديد المنازل بعد تخفيف الإغلاقات في أبريل 2020.
تاريخ الإغلاقات وتقلب القيود الصحية
بدأت المقاطعات الكندية بإعلان حالة الطوارئ الصحية العامة في منتصف مارس 2020، وذلك بعد أيام فقط من إعلان منظمة الصحة العالمية كوفيد-19 جائحة عالمية في 11 مارس.
في أبريل 2020، تم فرض إغلاق شامل لمدة شهر، ليتم بعدها تخفيف القيود خلال فصل الصيف. لكن مع عودة ارتفاع الإصابات في الخريف، أعادت الحكومات المحلية فرض قيود جديدة، بلغت ذروتها في ديسمبر 2020، حيث عادت إلى مستويات الإغلاق المشددة التي شهدتها البلاد خلال الموجة الأولى من الجائحة.
ارتفاع حالات الإفلاس بعد انتهاء الدعم الحكومي
مع تراجع الدعم الحكومي تدريجيًا، بدأت حالات الإفلاس في الارتفاع، حيث تسارعت منذ منتصف عام 2022، ووصلت إلى أعلى مستوى لها في الربع الأول من 2024، مع تسجيل أكثر من 1200 حالة إفلاس، مقارنة بأدنى مستوياتها في الربع الثالث من 2021، والتي بلغت حينها حوالي 250 حالة فقط.
يرى المحللون أن هذا الارتفاع يرتبط بعدة عوامل، أبرزها:
الارتفاع السريع في أسعار الفائدة
زيادة تكاليف التشغيل والمواد الخام
انتهاء العمل ببرنامج CEBA في الربع الأول من 2024
مستقبل القروض وسداد الديون
أظهرت بيانات الحكومة الكندية أن 49.2 مليار دولار تم تقديمها لنحو 898,271 شركة في إطار برنامج CEBA. ومع ذلك، فإن ما لا يقل عن 6,343 شركة قد أعلنت إفلاسها بحلول سبتمبر 2024.
وحتى نهاية ديسمبر 2026، لا تزال 18.8% من هذه القروض (ما يعادل 9.2 مليار دولار) غير مسددة.
وفي استطلاع أجرته وكالة الإحصاء الكندية بين أكتوبر ونوفمبر 2023، أفادت 19.9% من الشركات بأنها غير متأكدة مما إذا كانت ستتمكن من تأمين السيولة اللازمة لسداد القرض، بينما قالت 14.5% من الشركات إنها لا تتوقع قدرتها على السداد على الإطلاق بحلول الموعد النهائي في 2026.
ومع استمرار التحديات الاقتصادية، يبقى السؤال المطروح: هل تستطيع الشركات الصغيرة والمتوسطة الصمود أمام الضغوط المالية أم أن المزيد من حالات الإفلاس تلوح في الأفق؟
ماري جندي
المزيد
1