في تطور يثير القلق حول المسار الاقتصادي لكندا خلال العام الجاري، أصدر الاتحاد الكندي للشركات المستقلة (CFIB) تقريرًا جديدًا يتضمن توقعات قاتمة للنمو الاقتصادي خلال الأشهر المقبلة، ويشير بوضوح إلى أن البلاد قد تكون مقبلة على انكماش اقتصادي كبير في الربع الثاني من عام 2025، وسط تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة وتدهور ثقة مجتمع الأعمال.
في تطور يثير القلق حول المسار الاقتصادي لكندا خلال العام الجاري، أصدر الاتحاد الكندي للشركات المستقلة (CFIB) تقريرًا جديدًا يتضمن توقعات قاتمة للنمو الاقتصادي خلال الأشهر المقبلة، ويشير بوضوح إلى أن البلاد قد تكون مقبلة على انكماش اقتصادي كبير في الربع الثاني من عام 2025، وسط تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة وتدهور ثقة مجتمع الأعمال.
نمو ضعيف في بداية العام.. وانكماش يلوح بالأفق
وفقًا لما ورد في التقرير، فإن الاقتصاد الكندي سجّل نموًا ضعيفًا خلال الربع الأول من العام الحالي، حيث بلغ معدل النمو السنوي 0.8% فقط، وهو رقم يُظهر بوضوح حالة التباطؤ التي يعاني منها الاقتصاد الوطني.
لكن الأهم، والأخطر، هو ما تتوقعه CFIB بشأن الربع الثاني، حيث يتوقع التقرير أن ينكمش الاقتصاد بمعدل سنوي يصل إلى 5.6%، وهي نسبة كبيرة من شأنها أن تثير المخاوف بشأن قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات الحالية واستعادة الزخم لاحقًا.
ثقة الأعمال في أدنى مستوياتها على الإطلاق
ويستند تقرير CFIB إلى تحليل بيانات حديثة صادرة عن مؤشر الأعمال الشهري للاتحاد، والذي يُعتبر مرآة حقيقية لنبض الشركات الصغيرة والمتوسطة في كندا. ووفقًا لهذه البيانات، فقد شهدت ثقة مجتمع الأعمال – لا سيما على المدى الطويل – تراجعًا إلى مستويات تاريخية منخفضة، مما يعكس أجواء من الترقب والتوتر بين أوساط رجال الأعمال، ويهدد خطط النمو والتوسع المستقبلية في مختلف القطاعات.
التوترات التجارية مع الولايات المتحدة تساهم في تعميق الأزمة
من الأسباب الرئيسية التي يسلط عليها التقرير الضوء، هي الحرب التجارية المتفاقمة بين كندا والولايات المتحدة، والتي زادت حدّتها في الأشهر الأخيرة بعد أن فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سلسلة واسعة من الرسوم الجمركية على المنتجات الكندية.
وفي رد فعل مضاد، قامت الحكومة الكندية بفرض رسوم جمركية مقابلة على مجموعة من السلع الأمريكية، ما تسبب في تصاعد حالة عدم اليقين وارتفاع التكاليف التشغيلية أمام الشركات الكندية.
تضخم مرتفع وتراجع في الاستثمار الخاص
أوضح التقرير أيضًا أن معدل التضخم ارتفع إلى 2.4% خلال الربع الأول من عام 2025، وذلك بعد أن شهد انخفاضًا ملحوظًا خلال عام 2024. ويتوقع التقرير استمرار هذا الاتجاه التصاعدي، حيث يُرجّح أن يصل التضخم إلى 2.7% خلال الربع الثاني، مما سيزيد من الضغوط على المستهلكين والشركات على حد سواء.
أما فيما يتعلق بالاستثمار الخاص، فقد شهد نموًا جيدًا بلغ 10.7% في الربع الرابع من عام 2024، لكن هذا الزخم لم يستمر. إذ يشير التقرير إلى أن الاستثمار الخاص انخفض بنسبة 13.9% في الربع الأول من عام 2025، وسط أجواء من الحذر الشديد بين المستثمرين، ويتوقع أن يتفاقم هذا التراجع ليصل إلى انخفاض بنسبة 19.1% في الربع الثاني.
تصريحات مقلقة من الاقتصاديين
وفي هذا السياق، صرّح كبير الاقتصاديين في CFIB، سيمون جودرو، قائلاً:
“في ظل استمرار الحرب التجارية وتراجع ثقة الأعمال إلى مستويات متدنية للغاية، ليس من المفاجئ أن تتوقف الشركات الصغيرة عن الإنفاق على الاستثمارات الرأسمالية. من شبه المستحيل لأصحاب الأعمال أن يخططوا للتوسع أو حتى للاستمرار، عندما لا يكون لديهم يقين حول ما إذا كانت شركاتهم ستبقى قائمة بعد ستة أشهر.”
هذه التصريحات تسلط الضوء على حالة القلق العميق التي تعتري أصحاب الأعمال والمستثمرين، خاصةً في القطاعات الصغيرة والمتوسطة، التي تُعد العمود الفقري للاقتصاد الكندي.
نظرة مستقبلية غير مستقرة
من خلال هذه الأرقام والمؤشرات، يبدو أن الاقتصاد الكندي يمر بمرحلة دقيقة ومضطربة، يتداخل فيها التأثير المحلي مع الضغوطات الدولية، وتتحكم بها عدة عوامل معقدة، أبرزها:
تدهور ثقة الأعمال
تزايد التكاليف التشغيلية
الحرب التجارية مع الولايات المتحدة
صعود التضخم
التراجع الحاد في الاستثمارات الخاصة
وفي ظل هذه العوامل مجتمعة، يُرجّح أن تظل التوقعات المستقبلية غير مستقرة، ما لم تُتخذ سياسات حكومية واقتصادية فعّالة للحد من آثار هذه الأزمات المتراكمة.
ماري جندي
المزيد
1