في خطوة قانونية تُعد محورية، أعلنت المحكمة العليا في كندا موافقتها على الاستماع إلى طعن في قانون العلمانية المثير للجدل في مقاطعة كيبيك، والمعروف باسم مشروع القانون رقم 21. هذا القانون، الذي أصبح محطّ جدل سياسي وقانوني منذ إقراره عام 2019، يفرض قيودًا على ارتداء الرموز الدينية من قِبل الموظفين المدنيين الذين يشغلون مناصب سلطة، مثل المعلمين وضباط الشرطة، أثناء أدائهم لعملهم.
في خطوة قانونية تُعد محورية، أعلنت المحكمة العليا في كندا موافقتها على الاستماع إلى طعن في قانون العلمانية المثير للجدل في مقاطعة كيبيك، والمعروف باسم مشروع القانون رقم 21. هذا القانون، الذي أصبح محطّ جدل سياسي وقانوني منذ إقراره عام 2019، يفرض قيودًا على ارتداء الرموز الدينية من قِبل الموظفين المدنيين الذين يشغلون مناصب سلطة، مثل المعلمين وضباط الشرطة، أثناء أدائهم لعملهم.
الخلفية القانونية لقانون العلمانية
مشروع القانون رقم 21، الذي أقرّته حكومة كيبيك بزعامة فرانسوا ليجولت، يستند إلى بند الاستثناء الشهير في المادة 33 من الميثاق الكندي للحقوق والحريات. هذا البند يمنح الحكومات في كندا الحق في التحايل على بعض الحقوق الأساسية لفترة زمنية محدودة، مما يحمي التشريع من التحديات القضائية التي تستند إلى انتهاك تلك الحقوق.
جدل مستمر في المحاكم
منذ دخوله حيّز التنفيذ، خضع القانون لسلسلة من الطعون القضائية التي عبّرت عن استياء واسع بين الجماعات الحقوقية وبعض الهيئات التعليمية. وفي أبريل/نيسان 2021، أصدر قاضي المحكمة العليا في كيبيك، مارك أندريه بلانشارد، حكمًا مفصلاً بشأن القانون. في هذا الحكم، أكّد القاضي شرعية القانون بشكل عام، لكنه استثنى مجالس المدارس الناطقة بالإنجليزية من التطبيق، وألغى الحظر المفروض على ارتداء أعضاء الهيئة التشريعية أغطية الوجه.
رغم ذلك، لم يُخفِ القاضي انتقاداته القوية للقانون، حيث وصفه بأنه ينتهك حقوق النساء المسلمات بشكل خاص، مشيرًا إلى أن هذا التشريع “يُهين المتضررات” منه. لكنه اعترف بأن الأدوات القانونية الحالية تجعل الطعن في القانون أمرًا صعبًا، نظرًا لاعتماد الحكومة على بند الاستثناء.
محكمة الاستئناف تعزز موقف الحكومة
وفي فبراير/شباط 2023، أصدرت محكمة الاستئناف في كيبيك حكمًا آخر أكّد قانونية المشروع بشكل كامل، حتى إنه ألغى الإعفاء الذي مُنح سابقًا للمدارس الناطقة بالإنجليزية. كان هذا القرار بمثابة انتصار لحكومة كيبيك، التي أظهرت موقفًا ثابتًا في الدفاع عن مشروع القانون، رغم المعارضة المحلية والدولية.
الطعن أمام المحكمة العليا
اليوم، تستعد المحكمة العليا لاستقبال الاستئناف الذي تقدمت به عدة جهات، بما في ذلك المجلس الوطني للمسلمين الكنديين، والرابطة الكندية للحريات المدنية، ومجلس مدرسة مونتريال الإنجليزية. تسعى هذه الأطراف إلى إلغاء القانون الذي يعتبرونه انتهاكًا للحقوق الأساسية للمواطنين، خاصةً فيما يتعلق بحرية الدين والمساواة بين الجنسين.
موقف الأطراف السياسية
بينما تتمسك حكومة كيبيك بموقفها الصارم، ويدافع وزير العدل الإقليمي عن القانون بقوة، نجد أن الحكومة الفيدرالية الليبرالية برئاسة جاستن ترودو أعلنت دعمها للطعن المقدم ضد القانون. على الجانب الآخر، يبقى موقف حزب المحافظين غير واضح، رغم أن زعيمه بيير بواليفير عبّر علنًا عن معارضته لمشروع القانون.
استبعاد قاضي المحكمة العليا
وفي تطور لافت خلال الصيف الماضي، قرر قاضي المحكمة العليا محمود جمال التنحي عن النظر في القضية. جاء هذا القرار بعد طلب من المدعي العام في كيبيك، الذي أشار إلى ارتباط القاضي السابق بجمعية الحريات المدنية الكندية، مما قد يثير شبهات بالتحيز.
أفق جديد للنقاش
تُعد موافقة المحكمة العليا على الاستماع إلى هذا الطعن خطوة مفصلية في مسار القضية، حيث سيُعاد النظر في مدى توافق مشروع القانون مع القيم الدستورية والحقوق الأساسية في كندا. وبالنظر إلى التعقيدات القانونية والاجتماعية المرتبطة بالقضية، يمكن القول إن هذه المحاكمة ستكون واحدة من أكثر القضايا تأثيرًا في المشهد القانوني والسياسي الكندي في السنوات الأخيرة.
كل الأنظار تتجه الآن إلى المحكمة العليا، التي ستحدد مسارًا جديدًا لهذه القضية الشائكة.
ماري جندي
المزيد
1