في خضم المعركة السياسية الحالية في كندا، يواجه حزب المحافظين تحديًا استراتيجيًا هامًا: كيف يمكنهم الفوز في الانتخابات المقبلة؟ بعض الأصوات داخل الحزب تشجع على التركيز على قضية ترامب، ولكن الخبراء يشيرون إلى أن الطريق الأفضل لتحقيق النجاح يكمن في تبني استراتيجية تركز على التغيير الذي يطمح إليه الشعب الكندي.
في خضم المعركة السياسية الحالية في كندا، يواجه حزب المحافظين تحديًا استراتيجيًا هامًا: كيف يمكنهم الفوز في الانتخابات المقبلة؟ بعض الأصوات داخل الحزب تشجع على التركيز على قضية ترامب، ولكن الخبراء يشيرون إلى أن الطريق الأفضل لتحقيق النجاح يكمن في تبني استراتيجية تركز على التغيير الذي يطمح إليه الشعب الكندي.
التغيير هو ما يبحث عنه الكنديون
في 29 مارس، شدد ديفيد كوليتو، الرئيس التنفيذي لشركة “أباكوس داتا” لاستطلاعات الرأي، على أن التغيير هو العامل الأكثر تأثيرًا في هذه الانتخابات الفيدرالية. على الرغم من محاولات بعض النشطاء داخل الحزب المحافظ لإبراز ترامب كتهديد رئيسي، إلا أن الحقيقة هي أن الشعب الكندي يبحث عن بديل حقيقي للحكومة الليبرالية الحالية، التي تسببت في العديد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية.
ففي استطلاع رأي أجرته “أباكوس داتا”، أكد 54% من الكنديين أنهم يريدون التغيير، وهو ما يعكس رغبة واسعة في تغيير القيادة الحالية. وهذا يمثل فرصة عظيمة للمحافظين إذا تم التركيز على الحلول الفعالة التي يمكن أن يقدمها الحزب.
انهيار الحزب الديمقراطي الجديد: فرصة حقيقية للمحافظين
منذ بداية هذا العام، شهد الحزب الديمقراطي الجديد تراجعًا حادًا في شعبيته. ففي 27 مارس، أظهرت نتائج استطلاعات الرأي أن نسبة تأييد الحزب الديمقراطي الجديد انخفضت بشكل كبير من 18% إلى 11%، وهو ما يعكس عدم قدرة هذا الحزب على جذب الناخبين. وهذا يعني أن المحافظين في وضع مثالي للاستفادة من هذا التراجع، والتركيز على الحلول التي يتطلع إليها الناخبون.
المطالب الشعبية: التغيير لا ترامب
على الرغم من أن ترامب كان يشكل جزءًا من الحملة الانتخابية في البداية، إلا أن الواقع يوضح أن القضايا الداخلية أكثر تأثيرًا على الناخبين الكنديين. إن التركيز على سياسات الحكومة الحالية، مثل التعامل مع قضايا الجريمة، الإسكان، وارتفاع تكاليف المعيشة، هو ما يهم المواطنين. لقد استمرت الحكومة الليبرالية في إغفال هذه القضايا، مما خلق فجوة كبيرة بين ما يريده الكنديون وما تقدمه الحكومة الحالية.
في الوقت نفسه، تمكن بيير بواليفير من طرح نفسه كقائد قادر على إصلاح هذه المشكلات. في خطاباته الأخيرة، شدد بواليفير على أهمية كبح الجريمة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتحسين القدرة على تحمل تكاليف المعيشة. هذه القضايا هي ما سيجذب الناخبين الذين يعانون من الوضع الحالي.
رسالة المحافظين: كندا أولًا
في 15 فبراير، نظم بيير بواليفير تجمعًا حاشدًا تحت شعار “كندا أولًا”، حيث أكد على أهمية تقوية الاقتصاد الكندي وتحقيق استقلالية أكبر في مواجهة التحديات الدولية. من خلال هذا الشعار، وجه الحزب رسالة قوية إلى الناخبين بأنه سيعمل على حماية مصالح كندا قبل كل شيء، سواء من تهديدات ترامب أو أي قوى خارجية أخرى.
وقد أظهر بواليفير أن حزبه يمتلك حلولًا اقتصادية فعالة، مثل إلغاء ضريبة الكربون وتحفيز الاستثمار في قطاعات الطاقة، وهو ما يضمن النمو الاقتصادي المستدام. كما وعد بتطوير بنية تحتية قوية تعزز قدرة كندا التجارية، مما يضع الحزب في موقع قوي للمنافسة مع الحكومة الحالية.
تجنب المصيدة: التصعيد ضد ترامب قد يضر بالحزب
بينما كانت هناك دعوات داخل الحزب للمزيد من التصعيد ضد ترامب، يحذر العديد من الخبراء، مثل كوليتو، من أن التركيز المفرط على ترامب قد يأتي بنتائج عكسية. فبعض الناخبين في القاعدة المحافظة ينظرون إلى ترامب بشكل إيجابي، وبالتالي فإن الهجوم المستمر على الرئيس الأمريكي قد يدفعهم نحو بدائل أخرى، مثل حزب الشعب الكندي.
وعلى هذا النحو، يُنصح الحزب بتجنب تحويل الانتخابات إلى صراع حول ترامب، والتركيز بدلاً من ذلك على القضايا المحلية التي تهم الكنديين بشكل مباشر. فالناخبون لا يريدون مزيدًا من الجدال حول القضايا الأمريكية، بل يرغبون في رؤية حلول عملية لتحسين حياتهم في كندا.
التركيز على القيم المحافظة: إعادة بناء كندا
إذا اعتمد حزب المحافظين استراتيجيتهم على فكرة التغيير بدلاً من التركيز على ترامب، فإنهم سيكونون قادرين على إقناع الناخبين بأنهم البديل الذي طال انتظاره. مع استمرار ارتفاع القلق الشعبي بشأن تكلفة الحياة وارتفاع مستويات الجريمة، تُعدُّ السياسات التقدمية التي يروج لها المحافظون هي السبيل الأفضل لإعادة بناء كندا كدولة قوية ومزدهرة.
إن التغيير في القيادة، بدلاً من استمرار الوضع الراهن، هو ما سيؤدي إلى تحسين حياة الكنديين. مع تقديم خطة واضحة لخفض الضرائب، وتوفير حلول لمشكلات الإسكان، ومعالجة القضايا الاقتصادية بشكل جذري، سيكون الحزب في وضع قوي للفوز بدعم الناخبين في الانتخابات المقبلة.
ماري جندي
المزيد
1