في مدينة فوغان، حيث تتقاطع أحلام الطبقة المتوسطة مع صعوبات المعيشة اليومية، شهدت الساحة السياسية مشهداً غير معتاد: مئات المواطنين توافدوا لحضور تجمع انتخابي حاشد نظمه حزب المحافظين. لم تكن هذه مجرد فعالية انتخابية تقليدية، بل كانت انعكاساً لتحول جذري في المزاج العام، وتحرك صامت بدأ يطفو على السطح، يقوده زعيم يتمتع بكاريزما مختلفة ورؤية واضحة: بيير بواليفير.
في مدينة فوغان، حيث تتقاطع أحلام الطبقة المتوسطة مع صعوبات المعيشة اليومية، شهدت الساحة السياسية مشهداً غير معتاد: مئات المواطنين توافدوا لحضور تجمع انتخابي حاشد نظمه حزب المحافظين. لم تكن هذه مجرد فعالية انتخابية تقليدية، بل كانت انعكاساً لتحول جذري في المزاج العام، وتحرك صامت بدأ يطفو على السطح، يقوده زعيم يتمتع بكاريزما مختلفة ورؤية واضحة: بيير بواليفير.
ديفيد ألديرسي، أحد سكان منطقة تورنتو الكبرى، لم يكن يومًا ناشطًا سياسيًا. لكنه شعر أن الوضع وصل إلى نقطة لا يمكن الصمت عندها، فقرر أن يحضر هذه الفعالية للمرة الأولى في حياته. يقول بنبرة مليئة بالأمل والقلق معًا:
“كنت دومًا أميل إلى القيم المحافظة، لكن السنوات الأخيرة كانت صعبة. رأينا حكومة ليبرالية تتخبط، ترفع الضرائب، وتُهمل الطبقة المتوسطة. بيير هو أول سياسي أشعر أنه يفهمنا فعلًا.”
المحافظون يقتربون من اختراق تاريخي في معقل ليبرالي
في دائرة فوغان-وودبريدج، التي طالما كانت تحت قبضة الحزب الليبرالي، بدأت مؤشرات التحول تظهر بوضوح. الناخبون باتوا أكثر تشككًا في الوعود المتكررة، وأكثر انجذابًا إلى الخطاب المباشر والمُقنع لبواليفير، الذي لا يتحدث من برج عاجي، بل من قلب معاناة المواطن الكندي.
يرى كثيرون أن هذه الانتخابات لا تتعلق فقط بمن سيحكم، بل بطبيعة كندا التي يريدونها. والسؤال الكبير الذي يردده الناخبون هنا: هل نُريد مزيدًا من نفس السياسات التي رفعت أسعار الغذاء والإيجارات وفشلت في حماية مصالح كندا التجارية؟ أم نختار طريقًا جديدًا؟
بيير بواليفير.. رجل المرحلة
بيير بواليفير لا يقدم نفسه كسياسي تقليدي، بل كمواطن غيور قرر أن يتصدر المشهد لينقذ اقتصاد البلاد من التدهور. برنامجه الاقتصادي الذي أُطلق مؤخرًا كان مفصلًا، دقيقًا، ويعكس فهمًا عميقًا لأسباب التضخم وكيفية الحد منه.
وقال أمام حشد فوغان بحزم:
“لقد تعب الكنديون من حكومة تتصرف وكأن المال ينبت على الأشجار. نحن نعدهم بميزانية متوازنة، وبخفض تكلفة الحياة، وبإعادة الحلم الكندي لمن ظنوا أنهم فقدوه.”
الناخبون يكافحون الغلاء.. ويبحثون عن بديل حقيقي
بويا أحمدي، وكيل عقاري من شمال يورك، تحدث عن التحوّل الذي يراه في محيطه، قائلاً:
“كارني قد يكون خبيرًا مصرفيًا، لكن كندا لا تحتاج الآن إلى مدير بنك… بل إلى قائد يعرف كيف يُخفّض فواتيرنا ويُعيد كرامتنا الاقتصادية. بيير هو ذلك القائد.”
وفي المقابل، يرى كثير من الحضور أن الليبراليين، رغم محاولاتهم إعادة تسويق أنفسهم، لا يقدمون شيئًا جديدًا. يقول باسكوالي دوريكو:
“مارك كارني هو استمرار لترودو بكل ما يعنيه ذلك من فوضى وتخبط. من العبث أن يُقدم لنا الليبراليون وجوهًا جديدة بنفس العقلية القديمة.”
سياسات الليبراليين تحت المجهر
برنامج كارني الانتخابي بدا، بحسب العديد من المراقبين، نسخة معدّلة من خطاب ترودو المعروف بالإنفاق المفرط والوعود الغامضة. المحافظون لم يتأخروا في مهاجمته، ووصفه بواليفير بأنه “امتداد للنهج الليبرالي الذي تسبب في الغلاء والفوضى المالية”.
ومع احتمال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يشير بواليفير إلى خطورة الاعتماد على قيادة غير مستعدة للتفاوض الصعب، ويؤكد:
“إذا أراد الكنديون من يقف بثقة في وجه إدارة أمريكية قاسية، فليعلموا أنني لن أساوم على مصالحنا الوطنية.”
المحافظون يجذبون فئات جديدة
ما يُثير الإعجاب في حملة بواليفير هو قدرتها على كسر الصورة النمطية. فمع أنه يمثل حزبًا محافظًا، إلا أنه جذب الشباب، وأصحاب المشاريع الصغيرة، والمهاجرين الجدد الذين يشعرون بأن النظام الحالي لا يُنصفهم.
أدريان وينثروب، وهي من سكان فوغان، تقول:
“صوّتُّ لليبراليين من قبل، لكن الوضع الآن مختلف. المحافظون يتحدثون عن قضايانا الحقيقية: غلاء الإيجارات، قروض الطلاب، وعدم القدرة على شراء منزل. لا أريد وعودًا براقة، أريد حلولًا حقيقية.”
كلمة الفصل بيد الناخب
في الأيام الأخيرة قبل الانتخابات، يبدو أن المحافظين لا يكتفون باستطلاعات الرأي، بل يعوّلون على موجة صامتة تنمو باطراد في الأحياء الكندية. موجة يقودها الإحباط من السياسات الليبرالية، والأمل في قيادة جديدة تقول ما تعني، وتفعل ما تقول.
ربما يكون ديفيد ألديرسي قد عبّر عن هذا الشعور أفضل من غيره حين قال:
“نحن لا نطلب المعجزات، نريد فقط حكومة تُنصت لنا، وتُعيد الأمور إلى نصابها. بيير يستحق الفرصة.”
ماري جندي
المزيد
1