واشنطن – خطاب مثير للجدل حول الإسكان والهجرة
في خطاب ألقاه نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، أمام الرابطة الوطنية للمدن في العاشر من مارس/آذار، تطرق إلى أزمة ارتفاع أسعار المساكن، مسلطًا الضوء على أحد العوامل التي يرى أنها ساهمت في تفاقم المشكلة: الهجرة. واعتبر أن الزيادة الكبيرة في أعداد المهاجرين خلال السنوات الأخيرة، وخصوصًا في عهد الرئيس جو بايدن، كان لها تأثير مباشر على ارتفاع الطلب على المساكن، مما أدى بدوره إلى زيادة الأسعار.
واشنطن – خطاب مثير للجدل حول الإسكان والهجرة
في خطاب ألقاه نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، أمام الرابطة الوطنية للمدن في العاشر من مارس/آذار، تطرق إلى أزمة ارتفاع أسعار المساكن، مسلطًا الضوء على أحد العوامل التي يرى أنها ساهمت في تفاقم المشكلة: الهجرة. واعتبر أن الزيادة الكبيرة في أعداد المهاجرين خلال السنوات الأخيرة، وخصوصًا في عهد الرئيس جو بايدن، كان لها تأثير مباشر على ارتفاع الطلب على المساكن، مما أدى بدوره إلى زيادة الأسعار.
بدأ فانس خطابه بمناقشة السياسات المحلية الخاصة بتقسيم المناطق السكنية، مشيرًا إلى أن هذه القضية تُعدّ مسؤولية محلية في المقام الأول. كما استعرض أمرًا تنفيذيًا أصدره الرئيس السابق دونالد ترامب فور توليه السلطة، يهدف إلى تقليل تكلفة الإسكان وزيادة المعروض من المنازل من خلال تعديلات تنظيمية.
ولكن سرعان ما انتقل نائب الرئيس إلى زاوية أخرى من القضية، مؤكدًا على أهمية فهم الطلب على الإسكان، وليس فقط التركيز على العوامل التي تؤثر على العرض. وقال للحضور في مؤتمر الرابطة:
“من المهم أن نتحدث عن جانب الطلب في سوق الإسكان.”
ثم أوضح رؤيته بأن أحد أبرز العوامل التي عززت الطلب في السنوات الأخيرة هو التدفق الكبير للمهاجرين، قائلًا:
“على مدى السنوات الأربع الماضية، دخل أعداد كبيرة من الأشخاص إلى البلاد بشكل غير قانوني. هذا عامل يجب أن نعالجه إذا أردنا خفض تكلفة الإسكان بشكل ملموس.”
أرقام الهجرة في الولايات المتحدة وتأثيرها على الإسكان
بحسب بيانات مركز دراسات الهجرة، فإن عدد السكان المولودين في الخارج – سواء بصفة قانونية أو غير قانونية – ارتفع بمقدار 5.1 مليون شخص بين مارس/آذار 2022 ومارس/آذار 2024. واعتُبر هذا الرقم أكبر زيادة في عامين في تاريخ الولايات المتحدة. كما أشار التقرير إلى أن إجمالي عدد السكان المولودين في الخارج وصل إلى 51.6 مليون شخص، ما يمثل 15.6% من إجمالي سكان البلاد، وهي نسبة غير مسبوقة.
وأكد فانس أن هذا التدفق الكبير أدى إلى ارتفاع الطلب على المساكن في وقت يشهد السوق الأمريكي نقصًا في المعروض بسبب قيود تقسيم المناطق، واللوائح التنظيمية الصارمة، والتحديات المرتبطة بالبناء. وأوضح أن هذه الديناميكية ليست فريدة من نوعها في الولايات المتحدة، بل تُلاحظ أيضًا في العديد من دول العالم.
تأثير الهجرة على أسعار السكن عالميًا
لفت نائب الرئيس الأمريكي إلى أن العلاقة بين ارتفاع معدلات الهجرة وارتفاع أسعار العقارات ليست مقصورة على الولايات المتحدة، بل إنها ظاهرة عالمية يمكن ملاحظتها في دول أخرى مثل المملكة المتحدة وكندا.
واستشهد بتقرير صادر عن مرصد الهجرة التابع لجامعة أكسفورد، والذي أشار إلى وجود أدلة على أن الهجرة تؤدي إلى ارتفاع أسعار المنازل في المملكة المتحدة، إلى جانب عوامل أخرى. وقد سجلت بريطانيا صافي هجرة بلغ 906,000 شخص في عام 2023، وهو رقم قياسي مقارنة بالتقدير السابق البالغ 740,000، وفقًا لمكتب الإحصاء الوطني البريطاني.
أما في كندا، فقد أُجريت دراسة عام 2011، عندما كانت الهجرة إلى البلاد آخذة في التزايد، وخلصت إلى وجود ارتباط إحصائي بين الهجرة وارتفاع تكاليف الإسكان، رغم أنه ارتباط محدود نسبيًا.
ومنذ ذلك الحين، شهدت كندا ارتفاعًا ملحوظًا في نسبة المهاجرين، حيث ارتفعت نسبة المولودين في الخارج من 20.6% في عام 2011 إلى 25.2% في عام 2026، وفقًا لبيانات هيئة الإحصاء الكندية. كما ارتفع العدد الفعلي للسكان المولودين في الخارج من 6.7 مليون إلى 10.1 مليون شخص خلال نفس الفترة. وفي عام 2024، استقبلت البلاد أكثر من 483,000 مقيم دائم جديد، وهو رقم قياسي جديد في تاريخها.
موقف فانس وردّه على المعارضين
أثناء حديثه، قاطعه أحد الحاضرين معترضًا على تصريحاته، إلا أن نائب الرئيس لم يتردد في الرد، قائلاً:
“أرى أن هناك من يريد أن يستمر تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى البلاد، رغم أن ذلك يجعل تكلفة الحياة في مجتمعاتكم ترتفع بشكل كبير.”
وقد قوبلت تصريحاته بتصفيق من الحاضرين، الذين كانوا في الغالب مسؤولين حكوميين محليين من مختلف الولايات الأمريكية.
وأضاف فانس مشيدًا بالإجراءات التي اتخذها الرئيس ترامب في السابق، مشيرًا إلى التراجع الحاد في عمليات العبور غير القانوني للحدود، تحديدًا في منطقة إيجل باس بولاية تكساس، خلال فترة رئاسة ترامب.
وأكد فانس أن احترام القانون يجب أن يكون الأولوية، قائلًا:
“نحن نرحب بالاختلافات في الآراء، وندعو إلى مناقشتها، ولكن في الوقت ذاته، علينا احترام القوانين الأمريكية.”
كما أشار إلى قضية المدن التي توفر ملاذات آمنة للمهاجرين غير الشرعيين، مؤكدًا أن مثل هذه السياسات تضعف تطبيق قوانين الهجرة وتجعل المشكلة أكثر تعقيدًا.
خاتمة
أثار خطاب فانس جدلًا واسعًا، خاصة مع تأكيده على العلاقة بين الهجرة وارتفاع أسعار المساكن، وهي قضية تُناقش عالميًا وسط تحولات ديموغرافية واقتصادية متسارعة. وبينما يرى البعض أن تدفق المهاجرين يعزز الاقتصاد ويُثري سوق العمل، يرى آخرون – مثل نائب الرئيس – أن له تداعيات سلبية على تكاليف المعيشة، وخاصة أسعار المساكن.
ومع استمرار الجدل حول سياسات الهجرة في الولايات المتحدة ودول أخرى، يبقى التساؤل الأهم: كيف يمكن تحقيق توازن بين الحاجة إلى العمالة المهاجرة وضمان استقرار الأسواق العقارية؟
ماري جندي
المزيد
1