تشهد مقاطعة كيبيك أزمة غير مسبوقة في قطاع الرعاية الصحية، حيث تجاوزت نسب إشغال غرف الطوارئ في العديد من المستشفيات الكبرى حدود 200% من طاقتها الاستيعابية. وبعد عطلة الأعياد، تفاقمت هذه الأزمة لتلقي بظلالها على حياة المرضى الذين أصبحوا ضحايا لتحديات نظام صحي منهك.
تشهد مقاطعة كيبيك أزمة غير مسبوقة في قطاع الرعاية الصحية، حيث تجاوزت نسب إشغال غرف الطوارئ في العديد من المستشفيات الكبرى حدود 200% من طاقتها الاستيعابية. وبعد عطلة الأعياد، تفاقمت هذه الأزمة لتلقي بظلالها على حياة المرضى الذين أصبحوا ضحايا لتحديات نظام صحي منهك.
نسب إشغال قياسية ومؤشرات مقلقة
وفقًا لبيانات جمعتها مؤسسة “إندكس سانتيه”، سجل مستشفى مونتريال العام نسبة إشغال بلغت 213% في غرف الطوارئ بعد ظهر يوم الجمعة، بينما عمل مستشفى اليهود العام بنسبة 209%. أما مستشفى رويال فيكتوريا، التابع لمركز جامعة ماكغيل الصحي، فقد أبلغ عن نسبة إشغال وصلت إلى 203%.
وأشارت تقارير حكومة كيبيك إلى أن متوسط وقت الانتظار في أقسام الطوارئ بالمقاطعة بلغ خمس ساعات، بينما تجاوز متوسط الوقت الذي يقضيه المرضى على النقالات 16 ساعة. هذا الوضع الحرج انعكس في بيانات تشير إلى نسبة إشغال النقالات التي بلغت 125% يوم الجمعة، مع تسجيل 829 مريضًا قضوا أكثر من 24 ساعة في الانتظار، و296 مريضًا آخرين تجاوزوا 48 ساعة.
مأساة إنسانية تبرز عمق الأزمة
تأتي هذه الأرقام المقلقة بعد حادثة مأساوية أثارت ضجة واسعة، حيث توفي الكاتب والناشط الكندي الشاب آدم بورغوين، البالغ من العمر 39 عامًا، بعد انتظار تجاوز ست ساعات في غرفة الطوارئ دون أن يتلقى الرعاية اللازمة.
نشر بورغوين منشورًا على منصة X (المعروفة سابقًا باسم تويتر) في 5 ديسمبر 2024، يتحدث فيه عن معاناته في غرفة الطوارئ، بعد أن شعر بآلام في صدره وغثيان وبرودة في الجلد. وبعد محاولة تهدئة نفسه، قرر التوجه إلى الطوارئ حيث تفاقمت حالته.
وكتب في منشوره:
“ذهبت إلى غرفة الطوارئ لأنني شعرت بألم في الجانب الأيسر من صدري وغثيان شديد. بعد ساعات من الانتظار، تم إرسالي إلى غرفة الانتظار دون تلقي أي توضيح. بعد ست ساعات، قررت المغادرة والعودة إلى المنزل”.
لكن المأساة وقعت في اليوم التالي، حيث توفي بورغوين إثر تمدد الأوعية الدموية الأبهرية، وهو ما سلط الضوء على تداعيات هذه الأزمة على حياة المرضى.
ظاهرة متكررة وأرقام مقلقة
الأزمة في كيبيك ليست جديدة؛ إذ تجاوزت نسب إشغال غرف الطوارئ 200% عدة مرات خلال العام الماضي. وبينما يُفترض أن تكون غرف الطوارئ ملاذًا آمنًا لمن يحتاجون إلى الرعاية العاجلة، أصبحت الآن بيئة طاردة للمرضى بسبب أوقات الانتظار الطويلة ونقص الموارد البشرية والطبية.
وفي الفترة من 1 أبريل 2023 إلى 24 فبراير 2024، زار أكثر من 3.26 مليون مريض أقسام الطوارئ في كيبيك، لكن 11.5% منهم (حوالي 376,460 مريضًا) غادروا دون رؤية طبيب بسبب طول فترات الانتظار.
أبعاد الأزمة وتحديات الإصلاح
الأزمة التي يمر بها النظام الصحي في كيبيك تعكس عجزًا هيكليًا في التعامل مع الضغوط المتزايدة. فالتكدس في غرف الطوارئ يرتبط بعدة عوامل، منها نقص الطواقم الطبية، تزايد أعداد المرضى مع مواسم الأمراض المعدية، وغياب تخطيط كافٍ لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان.
البحث عن حلول
لمواجهة هذه الأزمة، تحتاج كيبيك إلى خطوات جذرية تشمل:
تعزيز القوى العاملة الصحية: زيادة عدد الأطباء والممرضين وتحسين ظروف عملهم لجذب المزيد من الكفاءات.
تحسين إدارة الموارد: تطوير آليات فعالة لتوزيع المرضى وتقليل الضغط على المستشفيات الكبرى.
الاستثمار في الرعاية الأولية: تقليل الاعتماد على غرف الطوارئ من خلال تعزيز خدمات العيادات والرعاية المنزلية.
الرقمنة وتبسيط الإجراءات: تحسين الأنظمة التقنية لتقليل وقت الانتظار وزيادة الكفاءة.
وأزمة غرف الطوارئ في كيبيك ليست مجرد أرقام وتقارير، بل هي واقع يهدد حياة الناس ويضع النظام الصحي أمام اختبار قاسٍ. ومع تكرار حوادث مأساوية مثل وفاة آدم بورغوين، يصبح من الضروري التحرك العاجل لتقديم حلول حقيقية تعيد الأمل والثقة للمرضى في نظام الرعاية الصحية.
ماري جندي
المزيد
1