كان كل مدى ما بحس أن الشاب النيجيري وجوده هيكون صداع لينا و كنت متأكدة انه بيضحك علينا و مش هيدفع الإيجار..
و جالي أنا و روميو و كان عامل غلبان و قالنا:
“معلش أصبروا علي شوية، الفلوس هتكون عندكم كمان 3أيام”
لقيت روميو بيرد بقلب و بيقوله:” مفيش مشكلة خالص خد وقتك”
كنت عايزه أقاطعه وأقوله- ما هو لو مدفعش أنا اللي هتدبس في الفرق مش أنت!
و طبعا وافقت روميو الرأي و قولتله:” ماشي معاك لحد يوم 10يوليو علشان تدفع مع إني أول مره أشوف حد بيدفع بعد ما بيقعد. الناس كلها بتدفع مقدم.. يلا ما علينا..
أما شغلي فكنت حقيقي بدعي ربنا إن حاجة من اللي قدمت عليها ترد، علي خصوصا إن حاجة غريبة حصلت. و كالعادة المشرف ما بيزعلش حد و لا بيقول لأ!
لقيت قسم التحصيلات ورئيسته الإيطالية جايالي و بتطلب مني إني اعملها شغل أضافي و طبعا المشرف قالها:
“الموظفة دي شاطرة و بتنجز شغلها وهتقوم بالمهمة على أكمل وجهة”
لكن الرئيسة دي طمعت و بقيت أنا بشتغلها جزء كبير من شغل اللي المفروض القسم بتاعها هو اللي يغطيه، وكنت حقيقي مش ناقصاها..
كنت بحس انهم بيحاولوا يطلعوا الثانية من حباب عين الواحد، وفعليا كنت بشتغل من أول ما اروح لحد ما امشي، وهي يا دوب النص ساعة استراحة الغداء اللي كنت بفلت من الشركة وانزل أتمشى وأشم هواء بدل ما أفرقع..
لحد ما في يوم اتفقوا علي؛ الهندية و مديرتها. وكان فيه ايميل ما ردتش عليه، و كان الإيميل ده تبع قسمهم. و للأسف كان من صميم شغلي، و طبعا هم ما سكتوش و لا رحموني..
لقيت زفة معمولالي، و كلمتني المديرة الكاريبية بتحريض من الهندية. و بعدها لقيت الهندية بتتفرد و تتني زي الحية و جاية تبخ سمها في و كان كل كلامها بيوضح إني مش شايفة شغلي صح..
بصراحة أنا ما اعتذرتش و ده اللي جننها أكترو قولتلها:
“كان ممكن الحاجة دي تتعالج بطريقة أفضل من كده. وبعدين أنا ماسكة كذا حاجة، عموما انا هبعته دلوقتي، يعني مفيش مشكلة”
لقيت الهندية بترد علي و تقول:” مش انت اللي تقولي تبعتي إيه! لازم ترجعي لنا الأول، انت خدمة عملاء، وأنا و المديرة دي أعلى منك في الدرجة و إحنا اللي نحدد.. و ألا انت فاكرة إن خدمة العملاء تقدر تاخد قرارات لوحدها من غير ما ترجع لرؤساءها؟!”
كنت حاسة إني نفسي انفجر في وشها بس تمالكت أعصابي ورحت قولت للمشرف اللي طبعا كان رده:
“سيبك منهم و ركزي في شغلك”
بس مش عارفة ليه اليوم ده وأنا في استراحة العمل بتاعتي و لما نزلت أتمشى حسيت إني ببدء حياتي فعلا من الصفر، و مش عارفة ليه افتكرت نفسي لما كنت خدمة عملاء في المول في دبي.. بس الكلام ده كان وأنا عندي 25سنه مش 34.
يومها كنت طول الطريق وأنا راجعة البيت كنت متضايقة جدا لحد ما وصلت و حكيت لروميو اللي بين تعاطفه و دعمه و قالي:
“ما تزعليش، و بعدين انتي قولتيلي انك قدمتي في كذا مكان.. يلا شوفي كدا يمكن تكون حاجة وصلت”
و كأن روميو فعلا كان حاسس، و في نفس اليوم فتحت الإيميل بالليل ولقيت رد من شركة جونسون اند جونسون، و كان لهم فرع كبير،و كانت الوظيفة في قسم تطوير الإعمال؛ و هو القسم الأقرب لقلبي وكمان عندي خبرة كبيرة فيه بحكم شغلي في دبي. وبعتولي علشان يكون عندي أول مقابله الأسبوع الجاي..
طبعا أكدت على ميعاد المقابلة وعملت طلب أجازة لليوم ده و أتوافق عليه بالعافية،بس المهم إني عرفت أكد ميعاد المقابلة..
و يمكن دي الحاجة وقتها اللي أدتني دافعة كبيرة إني اروح الشغل الغلس ده كل يوم و كان عندي أحساس قوي إني هتقبل و همشي من عندهم وهتكون شركة جونسون اند جونسون فتحة خير علي..
أما روميو فكانت ظروف شغله صعبة جدا وهنا قعدت معاه قعدة بخصوص الموضوع ده و أتكلمت معاه و قولتله:”
“أسمع. انت لازم تشتغل زي ما أنا بشتغل؛ 5أيام في الأسبوع، لأنك عمرك ما زدت عن 4أيام و دايما بترجع بدري، و اعتقد انك تقدر تزود عدد ساعات شغلك”
رد و قالي:” أنا اتمنى، ايدي على كتفك بس ده نظام شركات البناء”
كان فيه حاجتين مش صح في كلامه:
الأولى إن اللي شغالين في البناء و خصوصا اللي بيقبضوا كاش بياخدوا فلوس كتير مش قليلة ممكن أصلا يوصلوا ل 18دولار في الساعة و طبعا على حسب هو وظيفته إيه بالظبط
الثانية انهم ممكن يشتغلوا حتى 6أيام في الأسبوع لكن هو ماكنش بيفوت ال 4أيام
كنت حساه مستسلم للظروف، وكانت حجته الإقامة لحد ما وضعه يتحسن، بس طبعا ده مش منطقي و مكانش ينفع يكون هو المنطق السائد بينا..
و قولتله وقتها: “طيب ما تيجي نحسبها بالورقة والقلم”
انت بتديني 600دولار عمرك ما زودت عليهم و عايزني ادفعلك منهم الإيجار، والأكل، والشرب.. طيب شوف مصاريفنا عاملة أزاي:
أيجار : نصيبنا أنا و هو 1300
أكل و شرب:(متوسط) 400دولار
إنترنت:75دولار
إجمالي:1775
ده طبعا غير بند الصحة و الفسح اللي طبعا كنت متكفلة بهم.
و بكده كانت الحسبة إن هو بيدفع 600دولار، وأنا 1175يعني الضعف تقريبا، مش النص بالنص و لا حاجة!
و بالطريقة دي مكانش هيتبقالي فلوس كتير، لكن كان كل همي ما زال إني أجيب عربية بالتقسيط لأني كنت زهقت من المواصلات..
وعدني لما اتفاجأ و شاف الأرقام على الورق مكتوبة زي ما أنا كتبتها كده و قالي:”
“أنا هحاول وهعمل زي ما قولتي.. أنا اهم حاجة عندي انك تكوني راضية و مرتاحة معايا”
و لحد اللحظة دي أنا كنت راضية و مرتاحة معاه..

كنت بحاول احمسه و احفزه انه يكون عنده طموح زيي تمام، و ما يستسلمش للظروف. وقتها طلعتله كراسة الأحلام و قولتله:
“ما تيجي نقرأ كراسة أحلامنا تاني و لا إيه رأيك”
ابتسم ابتسامة كبيرة و قالي:” أكيد يا روزة”
و بدانا نقرأ أحلامنا اللي كتبناها بصوت عالي و مع بعض و كانت متقسمة لأحلام صغرى و أحلام كبرى:
و بدانا بالأحلام الصغرى و كانت ..
إنه يطلعله الإقامة علشان يشتغل و يقدر يقف على رجله في كندا
اطلع الرخصة و نجيب عربية
أغير شغلي و هو يشتغل شغلانة كويسة
ناخد بيت لوحدنا(إيجار) أو نكمل في اللي أحنا فيه بس ما نأجرش لحد و أكون أنا و هو بس
و نهينا بالكبرى و اللي هي:
يكون عندنا طفلين : بنت و ولد
نشتري بيت كبير في تورنتو نفسها و بجنينة كبيرة
نفتح مشروع خاص بينا إحنا الاثنين وما نشتغلش عند حد
نلف العالم و نسافر خصوصا انه ماكنش راح أي حتة غير إيطاليا و كندا فقط..
مسك إيدي و قالي:
“أنا مقدر وقفتك جنبي، و بكرة لما اقف على رجلي هعوضك و هحققلك كل أحلامك.. و أهم حاجة إننا هنكون بنحققها مع بعض”
و كالعادة ثبتني بكلامه الحلو وغرقت معاه في عالم الأحلام..
أما الشاب النيجيري فهل علينا والدموع نازلة من عينيه و قالنا:
“اصبروا علي أنا عارف إني كاسر الإيجار، بس وعد مني الفلوس هتجيلكم أخر الأسبوع”
و طبعا روميو أتأثر لكن أنا كنت عارفة إنها دموع التماسيح، وكنت عارفة انه هيفضل يلففنا كده حوالين نفسنا، و صبرنا عليه و وافقنا على مد المهلة لحد ما وصلنا ل 14يوليو.
و جه ميعاد مقابلتي مع شركة جونسون اند جونسون يا ترى المقابلة عدت إزاي؟

11