و لقيت ستيلا راجعة و في بؤها فار و كانت أول مرة في حياتها تستعرض غريزتها في صيد الفئران..
طبعا هي كانت قتلته و اصطادته و جابته لي .. بس المشكلة منبعه فين؟! و عرفت بعد كده ان البيت مليان فيران و بيطلعوا من الأوضة الضلمة المحلقة بأوضة الغسيل..
و كلمت الست صاحبة البيت اللي طبعا قالت لي:” لا انا عمري ما شوفت فيران”، لكن هي عارفة كويس إن البيت مليان فيران و علشان كده هي سابته من زمان خصوصا من ساعة ما رجعت لجوزها و ده اللي هعرفه بعد كده برضه..
و لما لقيت الوضع كده اتصلت بشركة خاصة بصيد الفيران، و جالي واحد لابس يونيفورم و كشاف في رأسه و معاه شنطة كبيرة.. و نزل عمل مسح كامل للسرداب و طلع قال لي:
“البيت ده فيه مشكلة كبيرة و الفئران دي هتلاقيها في كل المنطقة تقريبا.. للأسف الموضوع ملوش حل قاطع، لكن كل اللي هنقدر نعمله اني اجي كل 3 شهور احط لك اللي يموتهم (اللزقة) و اقراص كده هنرميها في كل المناطق اللي بيطلعوا منها.. و للأسف البيت ده فيه فارة والدة، و عمرها ما هتسيب البيت الا لو هي اللي ماتت..
و بدأت افهم اني بقيت مشاركة الفئران بيتي بعد ما كنت مشاركة بني ادمين..
وجه صائد الفئران بعد اسبوع علشان يعمل متابعة، وكانت صدمة كبيرة لي لما لقيته مطلع لي (23 فار)
و بدأ يفهمني انهم هيرجعوا تاني بس تجنبا لهم انا لازم افهم ان فيه مجموعة منهم بيروحوا المطبخ و بيقعدوا فيه اول ما الليل يدخل، يعني أخري في المطبخ الساعه 9م.. و ده فعلا اللي كان بيحصل.. كنت بقفل كل حاجتي و احضر اكل البيبي، وأطلع جري على الاوض فوق، و أبدأ اسمع صوت النكش و الخربشة طول الليل وهم داخلين المطبخ..
و زادني البيت رعب على رعب، و كان كئيب لأقصى درجة، وحقيقي كانت فترة يسودها الرعب أكتر من أي احساس تاني..
لكن برغم كل ده كنت متفائلة و كنت عارفة ان في حاجات حلوة مستنياني منها: محكمة الأسرة اللي قربت تبدا و هتكون أول خطوة فعلية نحو الطلاق المنشود، وكمان البرنامج اللي هبدأه و اللي هيساعدني اني احط فكرة بيزنس على ورق و بالتالي هأقوى و اخد قرار الاستقالة، واخد أهم قرار في حياتي و هو اني مرجعش اكون موظفة تاني..
و هنا قررت اشوف فيلم فرق معايا جدا وفي طريقة تفكيري الفترة اللي جاية و هو فيلم (البحث عن السعادة) ل (ويل سميث).. الفيلم ده حسيت بتشابه قصة البطل مع قصتي مع اختلاف انه رجل و انا ست.. وتشابهت معاه جدا في تشبثه بأحلامه، وعدم استسلامه.. أما الفرق بينا كان انه في أهم فترات حياته واجه خوفه و اتغلب عليه.. و هنا بدأت افكر تمام زيه بدأت اشوف حياتي في كندا زيه تمام .. فصول .. و كل فصل بيتكلم عن حاجة، وعن مرحلة.. لحد ما هطلع من اصعب اللحظات لأفضلها يوما ما..
وبدأت اشحن نفسي بطاقة إيجابية و انوع في الانشطة اللي بعملها لي و للبيبي..
و رحت سجلت في دورة مع المركز الفرنسي تعلمني اعمل مساج للبيبي وكمان اتعرف فيها على ناس جديدة و اهو الواحد يغير طاقته..
و بدأت اخد بالي ان الشتاء خلاص داخل علينا، و هنا قررت اني اخد البيبي و نروح نعمل شوبينج في مول جميل جدا كان ما يبعدش كتير عن بيت الرعب،لكن كان على الشارع العمومي و بعده ب 4 محطات ترام..
كان اسم المول (ستوك يارد) و كان جميل جدا و متنوع من محلات، وكافيهات خارجية، و مول داخلي، ومنطقة العاب تجنن للأطفال، و ملاهي كمان..
كان بالنسبة لي اكتشاف، وقررت اني اشتري لنفسي جاكيت تقيل من براند (رووتس) الكندي، وبدلة تلج للبيبي..

كنت بحاول أخلق طريق للسعادة بنفسي و بطريقتي .. عن طريق إني استمتع باللحظة اللي عايشاها بقدر الإمكان، و احاول اتناسى الماضي واللي كانت مشكلتي الأساسية كل السنين اللي فاتت لأني مكنتش عارفة انساه،ولا عارفة اتصالح معاه، لكن الكتابة هي الحاجة الوحيدة اللي خلتني اتصالح معاه اخيرا بداية من عصر الكورونا، و بالظبط في تاريخ 29 أبريل 2020.. كمان إني أكون متفائلة جدا بالمستقبل و بإن دايما أفكر بأن اللي جاي احسن.. وفعلا اكتشفت ان هو ده طريقي في البحث عن السعادة اللي مفهومها يختلف من شخص للتاني بالتأكيد..
و حاولت بقدر الإمكان إني أبعد كل الأفكار السيئة و السلبية عني، لكن للأسف تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن أحيانا!
و لقيت صديقتي الفنزويلية بعتالي رسالة و بتقول لي:
“انا جالي جواب من الإسكان بإسمك و مكتوب عليه هام و مستعجل…أعذريني انا وصلي من اسبوعين و ما خدتش بالي اني اقولك”
قلبي وقع في رجليه و طلبت منها انها تبعتهولي مع جوزها في المركز اللي شغال فيه و اللي عرفت انه نفس المركز اللي هروح اخد فيه برنامج البيزنس، و كمان اللي كان فيه الاخصائية الاجتماعية اللي بتساعدني..
و بعتت معاه الجواب، و رحت جري بالبيبي علشان اخده منه.. لكن اتضايقت جدا لما لقيته سايبه مع الريسبشن و حتى ما قامش سلم علي بالرغم اني عارفة طبيعة المركز ومدى مرونة العمل فيه.. حاولت ما اركزش و فتحت الظرف فورا، وكانت مفاجأة غير سارة..
اترفض طلب الإسكان بتاعي على أساس أنه حالة طارئة ومستعجلة و أولوية، و اتوافق عليه انه عادي، و ده معناه اني ممكن استنى 10 سنين لحد ما اخد بيت الحكومة..
و جريت بالجواب على مؤسسة (سان استيفان) و سالت الموظفة ليه الكلام ده؟
قالت لي:” مشكلتك الجواب اللي قدمتيه كان مختصر،و افتكري انا قلت لك إيه وقتها”
و فعلا طلعت بالجواب و البيبي على المركز الرئيسي لمكتب الاسكان، و اللي مش متاح للجمهور لأن كل حاجة بتتم عن طريق مؤسسات وسيطة كطرف ثالث، و هنا صممت اني اقابل الموظفة اللي كان اسمها على الجواب..
كان الجواب مكتوب عليه اني ممكن اتظلم خلال فترة 30 يوم من أستلامي للجواب اللي بسبب صديقتي الفنزويلية ضيعت لي نصها، لكن لسه عندي نص المدة..
و لأني كنت غريقة و متعلقة بقشة فكان لازم الاقي حل فوري، و ما امشيش الا و انا متأكدة من الحل.
و طلبت من موظفة الاستقبال انها تخليني اقابل الموظفة، و رفضت رفض قاطع.. و هنا استعملت ذكائي و قلت لها:
“غريبة ده اسمها (فلانة الفلانية) بالكامل و معايا ميعاد معاها هنا الساعة كذا .. بلغيها بس اني هنا”
و قدام ثقتي الكبيرة في كلامي و عدم اهتزازي بالمرة .. اتصلت فعلا بالموظفة، والغريبة انها فعلا نزلت و جات تقابلني..
و قالت لي:” انا اديتك ميعاد؟”
قلت لها:” لا بس دي كانت الطريقة الوحيدة.. ارجوكي اسمعيني انا محتاجة مساعدتك و الخاصة بطلبي”
و قعدت معايا في مكان مكنش مخصص لأي عملاء لأن اصلا المكتب مش مخصص لاستقبال العملاء، ولكن استلام الأوراق فقط..
و حاولت اكلمها بهدوء و كلام مرتب من غير أي عواطف ولا نحنحة.. وبدأت اشرح لها قصتي و اني فعلا عنف أسري، و ليه تم رفض طلبي..
سمعتني للأخر و قالت لي:” كلامك صح بس انتِ عملتي غلطة كبيرة… جوابك اللي بيشرح الواقعة ضعيف، و مش مقنع، و مختصر جدا.. انا هقولك تعملي ايه”

عيدي صياغة الجواب و اكتبي صفحتين على الأقل و ركزي على كلمة abuse – أستغلال/ إيذاء
نوعي في استخدامها لأني فهمت من كلامك ان حصلك استغلال أو ايذاء شامل بس انتِ محتاجة تشرحيه، وتفصليه، و يكون:
مالي- عاطفي- روحي- نفسي- اجتماعي- و طبعا الاخيرة جسدي و ده اللي مثبت بالعضة
و فعلا رجعت البيت و مسكت الكمبيوتر و كتبت جواب صفحتين ونص كله استغلال في استغلال، ودي الحقيقية فعلا، و ده المطلوب لأنهم ما بيحبوش المختصر المفيد..
و رجعت لها بعد يومين، و راجعت معايا الجواب، و عجبها جدا و قالت لي:
“حد كتبلك الجواب ده؟”
قلت لها:” لا انا اللي كتبته”
قالت لي:” الإنجليزي تمام.. انتِ دارسه إيه؟”
و حكيتلها شوية عن دراستي و قالت لي:” انا متنبئة لك بمستقبل كبير.. حتى لو دي فترة هتكون فترة مؤقتة في حياتك، وبعد كده هيكون لك شأن في البلد دي.. انتِ عندك شخصية جميلة، ومقنعة جدا، واسلوب رائع .. يعني من وجهة نظري عندك مفاتيح النجاح.. ابقي افتكري دايما كلامي ده”
و دخلت الملف عندها و سلمته لها باليد و قالت لي:” انا هسجل الحساب بتاعك، و كلميني الاسبوع الجاي علشان افهمك تختاري ازاي السكن.. انا هساعدك للنهاية، وعلى قد ما اقدر..”
و انا ماشية ابتسمت لها، وقربت مني و قالت لي:” خليك دايما مبتسمة.. الابتسامة الجميلة دي، وروحك الحلوة هيعدوكي في الصعب .. ربنا معاكي”
كانت ست رقيقة الملامح، والمشاعر، و حقيقي مقابلتي لها كانت مكسب كبير..
و بعد ما أنجزت المهمة الكبيرة دي بنجاح شديد كان لازم اكافئ نفسي والبيبي مكافأة كبيرة.. يا ترى كانت ايه المكافأة؟

7