انتهزت فرصة انه في الحمام و تأكدت إن الباب مقفول، و بسرعة غريبة جدا خدت شنطة صغيرة حطيت فيها محفظتي و شوية هدوم و باسبوري و فتحت باب الشقة ونزلت بسرعة على السلالم، و اتسحبت من الباب الخلفي للبيت اللي من ناحية الجنينة علشان اطلع على الشارع الموازي، و ما تبقاش فيه فرصة انه يشوفني لو نزل من باب الشقة الرئيسي..
انتهزت فرصة انه في الحمام و تأكدت إن الباب مقفول، و بسرعة غريبة جدا خدت شنطة صغيرة حطيت فيها محفظتي و شوية هدوم و باسبوري و فتحت باب الشقة ونزلت بسرعة على السلالم، و اتسحبت من الباب الخلفي للبيت اللي من ناحية الجنينة علشان اطلع على الشارع الموازي، و ما تبقاش فيه فرصة انه يشوفني لو نزل من باب الشقة الرئيسي..
و ما اعرفش أزاي خدت قررا الهروب الاضطراري ده، و لكن كنت اللي كنت حاسة به أنه اهاني جدا، و انه جاي علي، و معندوش أي رحمة ناحيتي..
و بعد ما فوت شارعين كده، طلعت من ناحية الشارع الرئيسي.. بس كنت وصلت لرابع محطة ترام، يعني كنت بعدت عن البيت و كنت متجهة لمحطة الترام، و هنا بدأت الدنيا تنزل تلج بشكل مرعب و درجة الحرارة انخفضت جدا يمكن وصلت ل 18 تحت الصفر ،و كنت ماشية بعيط، و دموعي هي التلج اللي ساح من حريق قلبي اللي كان مش قابل و لا راضي بمعاملة روميو لي أبدا..
و بالصدفة البحتة قابلني جاري الأسباني اللي كان راجع من شغله، و ده لانه كان عند البنك و بيسحب فلوس علشان كده كان في المنطقة دي و شافني و أنا بعيط و وقفني و قالي:” إيه ده؟ فيه إيه؟”
بدأت احكيله شوية و كنت متأثرة جدا من الموقف ..
كان بيسمعني باهتمام شديد و عينيه دمعت و قالي:” تعالي نقعد في الكافية ده، منها تتكلمي شوية و تقوليلي كمان ناوية على إيه؟ و لو فيه أي حاجة اقدر اساعدك فيها”
و فعلا دخلنا الكافية و أترحمنا من برد الشارع، و جابلي حاجة سخنه اشربها و بدأت أقوله:”أنا تعبت بصراحة من الحياة دي.. أنا مضغوطة جدا.. كل حاجة علي، و في الأخر بتعامل أسوأ معاملة..”
لقيته بمنتهى البساطة بيرد و يقولي:” أنا عارف و شايف، و للأسف في مواقف كتير جدا لاحظتها و كنت بتصعبي علي جدا، علشان كده أنا متعاطف معاكي”
و سألني:” ناوية على إيه؟”
قلت له:” بصراحة أنا كنت ناوية احجز رحلة و اصرف فيها فلوس الحوافز بدل ما اصرفها في البيت و ده سبب الخلاف”
قالي:” حقك أكيد”
قلت له:” لكن بعد موقف النهاردة أنا حسيت إني مش عايزة اقعد مع روميو تحت سقف بيت واحد، و عايزة إننا نبعد شوية”
قالي:” طيب هتروحي تباتي عند حد؟”
قلت له:” لا أنا هروح أنام في فندق و أبعت لروميو رسالة أقول له إني هعمل كده، بس بعد ما اكون اخترت فندق و لما احس إن نفسيتي ارتاحت هرجع البيت، و لو إني ناوية إني أسافر كمان يومين لان اجازتي أتقبلت من يوم 5 ليوم 11 ديسمبر و دي أصلا اجازتي السنوية (المتبقي منها)..
قالي:” طيب و قررتي هتسافري فين؟”
قلت له:” تقريبا .. أنا كنت قايله له إني بفكر اروح أمريكا بس أنا رحتها قبل كده و مش عايزة اروح نيويورك تاني، و أصلا الرحلة اللي كنت هحجز فيها مكملش العدد بتاعها لأنها تبع شركة سياحة و عملت بحث و رسيت على مكان”
قالي:” ناوية تروحي فين؟”
قلت له:” المكسيك”
قالي:” هايل.. برافو”
و اتفقت معاه قبل ما امشي و اسيبه انه ما يقولش لروميو انه شافني، و لكنه اكد علي إني اكلمه لو احتاجت لأي حاجة حتى و أنا في الفندق و قالي قبل ما امشي:” لما شوفتك و انت بتعيطي و ماشية تحت عاصفة تلجية و انت حامل و ماشية بالليل صعبت علي جدا و مكانش ينفع أسيبك أبدا في الموقف ده، و على فكرة انت طيبة جدا و كتير وقفت جنبي، و علشان كده دي حاجة بسيطة ارد لك بها جمايلك”
و ده كان الفرق بين الجار الأسباني اللي افتكر لي مواقفي معاه و مرضيش يسيبني في موقف صعب، و بين معاملة روميو اللي كانت خلاص ما بقتش فيها أي عطف أو رحمة..
و قمت و خدت الترام، و رحت منطقة (كولدج ستريت) و حجزت فندق ب 50 دولار في الليلة عن طريق موقع(بوكينج)، و كان صاحبة رجل صيني .. كانت اوضة صغيرة جدا و نظيفة، و دخلت رميت حاجتي و استلقيت على السرير، و بعت لروميو رسالة اللي كان متصل بي 100 مرة و باعت 100 رسالة كلها عايز يعرف أنا فين؟
رديت عليه برسالة نصية و قلت له:” أنا نفسيتي تعبانة منك جدا، و الفلوس أنا مش هاخدها من على الأرض مش دي اخرتها انك تعاملني بالشكل ده.. و على فكرة أنا هسافر بعد بكرة و هحجز و هروح المكسيك، و لمعلوماتك أنا هنام في فندق، و مش هرجع إلا لما توعدني انك تغير أسلوبك معايا، غير كده أنا مش هرجع و هطلع من الفندق على المكسيك و القرار راجع لك”
طبعا رسالة قوية و الأقوى إني حطيته قدام الأمر الواقع و ده لغبطله كل طريقة تفكيره و حسسه انه لو ضغط علي مش هيلاقيني و هيضيعني من ايديه، و مش هفضل أبدا تحت رحمته لان القسوة بتولد قسوة، وعدم الاهتمام بيولد الجفا..
بعت رسالة بيعتذر فيها و بيوعد و يقول انه هيتغير، لكن انا طلبت منه انه يسيبنى على الأقل الليلة دي و ارجع بكرة لما ارتاح نفسيا.. و وافق على كده و طلبت الشغل و خدت أجازة كمان لبكرة .. و فورا طلعت الموبايل و دخلت على موقع (صان وينج) و شوفت عروض الكاريبي اللي عاملينها بس اخترت المكسيك.. و اخترت عرض كان بألف دولار بالظبط كان شامل 5 أيام في المكسيك في فندق 5 نجوم، مع إقامة كاملة ،و تنقلات ،و كمان رحلة الطيران..
و حجزت الرحلة اللي هتتحرك يوم 5 ديسمبر.. يعني بعد بكرة و ترجع يوم 11 ديسمبر و نمت نوما عميقا..
طبعا أنا متخيلة إن الليلة دي روميو مانمش في البيت و هو لوحده، و ممكن يكون قعد يحاسب نفسه، لكن اللي أنا فاكراه كويس إني نمت و أنا مرتاحة و سعيدة.. و كان عندي إحساس مختلف كنت محرومة منه من فترة كبيرة، وهو إن محدش بيضايقني، و رجعلي احساسي القديم بالحرية و إني صاحبة قراري و مش مجبرة على حاجة أبدا..
و لما صحيت الصبح قررت إني ادلع نفسي و ابسطها على الأخر بعد ليلة امبارح، و رحت فطرت في كافية إيطالي جميل و قعدت اسمع مزيكا بحبها، و جبت جريدة( تورنتو ستار) و هي المفضلة بالنسبة لي، و قعدت اقرأ الأخبار و اشغل دماغي بأي حاجة مختلفة عن حياتي الشخصية.. كنت مبسوطة جدا إني كمان مرحتش الشغل الغلس اللي كان ضاغط على أعصابي تمام زي روميو، و كنت حاسة حقيقي إن الشغل و روميو عاملين زي فكين الكماشة و أنا وقعت بينهم و الاثنين بيضغطوا على من الناحيتين، و أنا المعصورة بينهم… و طبعا ما كنتش مبسوطة منهم الاثنين. و بدأت افكر، و أتخيل شكل حياتي لو فلت من الكماشة دي و قولت لنفسي:
“أنا إيه اللي عملته في نفسي ده؟.. بصراحة أنا أتمنى استقيل من الشغل ده و أسيب روميو.. و بمناسبة إن إحنا داخلين على سنة جديدة و هي 2018 أنا أتمنى إني ما اكملش فيها لا مع الشغل ده، و لا الرجل ده.. و قد كان!!”
و بعد ما هديت تماما و رحت الفندق و قعدت اسرح شعري كده و أحط شوية مكياج خفيف، بعت لروميو رسالة و قلت له:” أنا نفسيا احسن دلوقتي و زي ما وعدتك هرجع البيت، بس لازم توعدني و تقسم لي انك مش هتعلي صوتك، و لا هتزعقلي، و لا هتعاملني وحش”
اقسم لي و وعدني و أديته ميعاد يقف يستناني على محطة ترام بيتنا و فعلا كان واقف مستني بالوردة الحمراء اللي حقيقي بالنسبة لي فقدت معناها و خدتها لكن ما كنتش ببتسم زي الأول .. خدتها و حطيتها في شنطتي، و بصيتله و انا شايفاه شخص غريب عني و قلت له:” لو كملت معايا بالطريقة دي هتضيعني من ايدك و أنا بحذرك”
و تحول روميو الشرس، لروميو الرومانسي.. و قعد يعتذر و أتغيرت نبرة صوته و بقت حنينة و رقيقة زي زمان ، بس من جوايا قلبي مكانش مصدقة و بدأ يحط على علامة استفهام و يسألني:” انتي مصدقاه؟”
رديت على قلبي وقلت:” لا مش مصدقاه”
و رد قلبي و لأول مره كان ضد روميو و كان كلامه مختلف عن كل مره و قال لي:
“أنا مش مصدقه و مش مأمن له و حاسس انه اتجوزك علشان الإقامة و خدعك بكلامه الحلو و الورد الأحمر، اللي أنا نفسي انجرفت جدا معاه و صدقته في الأول.. لكن أوعدك من هنا و رايح أنا هتصالح مع عقلك و مش هتخلى أبدا عنك”
كنت بسمع روميو و هو بيتكلم، و كان قلبي بترجم كلامه لأول مرة بشكل مختلف.. و أخيرا بدأت أشوف الصورة الحقيقية …و من الوقت ده إحساسي به اختلف تماما، و عمره ما رجع زي الأول..
و نمت في بيتنا و لكن صممت إني أكون في اوضة منفصلة.. و هي اوضتي الصغيرة ، و سيبت له هو الاوضة الكبيرة.. و قعدت أحلم و اخطط لرحلة المكسيك اللي هتكون بكرة، لكن الرحلة كانت في المساء..
و بكده عندي يوم 5 ديسمبر اليوم اللي هحضر فيه شنطتي علشان اروح المكسيك لوحدي، و استمتع باجازتي و وقت مستقطع لنفسي.. يا ترى هستعد للرحلة إزاي؟ و إيه إحساس روميو و أنا ماشية و سايباه و رايحة المكسيك؟
المزيد
1